كتاب نظرات أدبية ونقدية
المقــدمة
محمد إقبال شاعر الإسلام والشرق، والمفكر والفيلسوف الإسلامي، الذي ملأ الدنيا، وشغل الكتاب والنقاد في الغرب والشرق، وفي العالمين العربي والإسلامي.
أسرته انتقلت من الهندوسية إلى الإسلام، ونشأه والده تنشئة إسلامية عميقة الأثر، حرة التفكير، عزيزة النفس، منطلقة الروح، محلقة الخيال.
عبَّ من الثقافة الغربية حتى الثمالة، صبوحاً وغبوقاً، ولكنه لم يَسْكَرْ بها لحظة واحدة، لأنه تلقاها بوعي حاضر، وذهن متفتح، وعرضها على ميزان القرآن الكريم، والسنة النبوية، فميز سقيمها من صحيحها، وخالصها من دخيلها، فزاد وعياً بأمته الحاضرة، لأنه أيقن بحقيقة رسالته التي يحملها إلى أمم الأرض.
يقال: إن ما كتب عن إقبال يزيد عما كتب عن طاغور شاعر الهند العالمي الإنساني، وزاد عليه إقبال في "الإسلامي"، وكفى بهذه الزيادة شرفاً وعلواً.
والدكتور حيدر الغدير أديب شاعر يطرب للكلمة، ويحلق مع الخيال، ويبتهج للمعنى البكر، فيقع أسير من يقرأ لهم من الشعراء والكتاب قديماً وحديثاً، ومن هؤلاء الذين أسروه إقبال، وقد خصه بعدد من القصائد منها قصيدته (أيها العائد) التي قدم لها بقوله: (من بستان إقبال)، يقول في مقدمتها:
"قال لي؛ والوجه منه نور، والفرحة نشيد، والبسمة شكر: لقد أكرمني الله عز وجل بالحج، ففزت بحجة بعد انتظار طويل، أرجو أن تكون مبرورة، إنها حجتي الأولى، وقد تكون الأخيرة، ولن أنساها ما حييت. قلت له: ماذا تفعل في هذا السوق؟ قال: أختار هدايا من الأرض المباركة تكون أجمل قنية، وأغلى تذكار. قلت له: إليك هذه الهدية، قال: وما هي؟ قلت: قصيدة تلتقي مع ما تود، قرأها فقال: إنها هدية جميلة لي، ولكنْ أهدها أيضاً إلى (محمد إقبال)، فهي تصلح أن تكون مع روائعه الحسان في ديوانه: أرمغان حجاز".
يقول د.حيدر في المقطع الأول:
جاءك العفوُ فخذه باليـــدينْ وفؤاد وامق والمقــــــــلتينْ
نلته ينهـــلّ نوراً كاللجيـــنْ أيها الزائر أرض الحرمينْ
إنه الفـوز المرجّى قد همى
وهي من روائع أناشيد شاعرنا، أهداها إلى إقبال.
ويقول في قصيدة أخرى بعنوان: (أعتقيني)، وقدم لها أنها "زهرة من بستان إقبال"، يقول في مطلعها:
أعتقيـــني فقد مللت وثــاقي وخذيـني لعـــزمة وانطلاقِ
وعديني بزورة للمعــــــالي نتساقى العلا فيحلو التساقي
وفي قصيدته بعنوان: (نداء) قدم لها أيضاً أنها "من بستان إقبال"، قال فيها:
بينــــا أنـــا وهمومي فيّ تشــتجرُ والعيـــش لا فرح فيه ولا ظفــــرُ
والعــمر لا خضل والنفس لا أمل والغصن لا نضر والورد لا عطر
وهي ثلاث قصائد في ديوانه (غداً نأتيك يا أقصى)، تنبئ عن مدى تغلغل أدب إقبال في شرايين شاعرنا وأدبه، ومن هنا جاءت هذه المقالات التي تلقي الضوء على أدب محمد إقبال عامة، وأندلسياته خاصة.
وفي الأندلس يلتقي الشاعران، فيبكيان الماضي، ويحلمان بالمستقبل الآتي، ولا أدري إن كان يصح أن أنسب أندلسيات د.حيدر الغدير إلى تأثره بأندلسيات إقبال بعد الاطلاع على ما كتبه عن إقبال والأندلس. وزاد على ذلك بتخصيص عنوان أحد كتبه من الأندلس: "صلاة في الحمراء"، ضمنه عدداً من المقالات من مشاهداته، ومعايشته في الأندلس إبان زياراته إلى قصر الحمراء، وجامع قرطبة، ورندة وغيرها من درر الأندلس.
والفصل الثاني من هذا الكتاب نظرات في المسرح الغربي، ومعالجاته للقدر والفن والحرية في حياة الإنسان، وهي معالجات تنطلق من نظرة وثنية، وقد وضع د.حيدر النقاط على الحروف -كما يقال- بمقالاته عامة، وبخاصة مقاليه: "الإنسان بين التوحيد والتعدد في المسرح الغربي"، و"حكمة القدر بين الرؤية الإسلامية والرؤية الغربية".
وهذه المقالات كلها مما قدمه في برنامجه الإذاعي (أفراح الروح)، في إذاعة الرياض، أسأل الله سبحانه أن ينفع بها كاتبها، وقارئها، وناشرها. والحمد لله رب العالمين.
شمس الدين درمش
------------------
المحتــويــــــات
(روابــط قـــابلة للضغــط)
- المقدمة .................................................................... 4
- الفصل الأول: محمد إقبال وقفات مع مكانته وأدبه وأندلسياته ..... 6
- الفصل الثاني: الإنسان والقدر في المسرح الغربي .............. 62
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق