‏إظهار الرسائل ذات التسميات ديوان عادت لنا الخنساء. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ديوان عادت لنا الخنساء. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 3 يونيو 2021

الشاعر الدكتور حيدر الغدير ومجموعة "عادت لنا الخنساء" - د.أحمد الخراط

الشاعر الدكتور حيدر الغدير ومجموعة "عادت لنا الخنساء"

قصيـــدة "مأتم الشعر" نموذجـــاً

د.أحمد الخراط - سورية


     قضيت وقتاً ماتعاً في تَذَوُّق مجموعة شعرية للدكتور حيدر الغدير بعنوان (عادت لنا الخنساء)(1)، وقد عبَّرت المجموعة عن التزام الشاعر بقضايا أمته التي عاش حياته يذكر آمالها وآلامها، ويستجلي تاريخها السالف مقتبساً منه ما فيه من عِبرة واستذكار، كما تشير المجموعة إلى بعض الأحداث التي عاصرها، بالإضافة إلى مداعباته لإخوانه، وقد عُرف عنه الوفاء بهم وتفقُّده لهم.

     وتنبئ المجموعة عن فصاحة الشاعر وامتلاكه ناصية التراث اللغوي وتمكُّنه منه. ولن تقف في قصائده على تكلُّف لا تأنس به النفس في المعاني والقوافي، ولا غرابة فقد عرفنا حيدراً شاعراً مطبوعاً موهوباً.

     تبوأت قصيدته (مأتم الشعر)(2) في رثاء عمر أبي ريشة منزلة لديَّ، وأحسست أن صاحبها حاز كثيراً من خيوط الفن الذي يمنحك فضاء رحباً من متعة التذوق وروعة الإبداع. ويبدو لي أن ثمة أسباباً جعلته يحتفي بشاعره على نحو يتجاوز حدود الموهبة الفريدة التي كانت لأبي ريشة، إلى عوامل أضيفت إلى الموهبة، منها الدفاع عن الأمة، ونصرة الفصحى، والشخصية التي تميز بها أبو ريشة، وشعور الغدير أن الفصحى قد فقدت فارسها وأنيسها، فهل ثمة من أحد يتبوَّأ مقعده؟ ومن هنا فإن حيدراً لم يكن يرثي الموهبة التي رحلت فحسب، وإنما كان يتأمل في قامة مديدة ترجمت في فضاء الفن الشعري ما يعتقده حيدر من قيم والتزام. ومن هذا الواقع الذي نفذ إلى شغاف فؤاده أحس حيدر أن أبا ريشة موهوب صاغ بشعره ملحمة كبرى تبشر بتحول قادم سوف يشمل المة أأمة كلها، وينتهي بها إلى النصر على البغي وأعوانه:

غـد العروبة والإسلام ملحمة ... بالنصر زاحفة والبغي مندحر

     لقد لمس حيدر في حروف أبي ريشة خدمة لقضايا الأمة، إذ كان يواجه المخاطر في سبيلها:

وما على المرء إن كــــــانت منيتــه
               آماله فهـــــو يرجــــــــوهـا وينتـظر
الحق غــــــايته ما انفــــــــك يطلبـه
               هتافه الحسنيــــــان المـوت والظفـر
وملء أضـــــلاعه الإيمان يحرسـه
               والمؤمنون ومن باعوا ومن صبروا

     وكان الفقيد يعتدُّ بالقرآن الذي كان سبباً في نشأة الحقد عند الخصوم:

على الكتاب الذي ترنو القرون له
               وقد أضاءت ديـــاجي ليلها السور
خاب الحقود وخابت منه أمنيــــة
               والحقد ينحر من ضلوا وينتحــــر

     كما كان مدافعاً صلباً عن جناب الفصحى، ومضى يحميها من أذى العابثين:

حميـت فصحاك من باغٍ، يمزّقه
               حقـد عليها فمـــا يبقي ومـــا يذر
وصُنتها عن خؤون في جوانحه
               تغـلي السخائم والبغضاء والقذر

     لقد قرأ أبو معاذ في كثير من قصائد أبي ريشة ما هو ماثل في ذاته من التزام بالأمة أحزانها وآمالها، وما هو بوح بالمشاعر الكامنة، بالإضافة إلى الفن الأصيل المترامي الأطراف الذي كان يصوغه الفقيد، ومن هنا كان إعجابه به ليس أمراً عابراً، فليس غريباً أنه اختاره ليكون موضوعاً لأطروحته في رسالة الدكتوراه من جامعة عين شمس، بعد أن خَبِر شعره، ونفذ تفاعله معه إلى الشغاف، وظل حيدر يترنم بأشعار عمر إلى أن لقي الأخير ربه، فنهض يؤبِّنه في قصيدة أعدُّها من عيون الشعر الحديث.

     صحيح أنها ترجمت إعجابه العميق بالمقومات الفنية لدى أبي ريشة، بيدَ أنها تعبير صادق عن تأثره في هذا المأتم الحزين، بعد أن ثوى أبو شافع ورحل إلى ربه. وفي تقدير حيدر أن أبا ريشة أسهم في توجيه أمته نحو النهوض من سباتها، وتبصيرها بالمحدقات الجسام من حولها، وهو يأمل في أن تتخذ أسباب العدّة ما استطاعت من قوة ومن رباط الخيل:

عفواً أبـــــا شافع الفجــر موعــدنــا
               والشعر والنصر والرايات والشـرر
والخيل تصهل والتكبير عاصفـــــة
               على البغاة وملء الساح من صبروا
من كل أروع مثــــل السيف مهجته
               وحــــــرة قلبهــا بالعــــــــزم يأتزر

     ولسنا بعيدين عن المقولة التي تعدّ الشعر لبنة من لبنات المؤرخ أو الناقد الذي صح عزمه على استهداف مرحلة من مراحل الزمن ليصوغ معالمها بإحكام، أو يتأمل في ديوان شاعر ليستجلي حياته ودوره.

     وهذه القصيدة التي بين أيدينا تسهم في هذه الصياغة لحقبة احتدم فيها الخصام بين دعاة الفصحى ودعاة الانسلاخ عنها، فتتحدث عن ثبات أبي ريشة أمام الرياح التي جابهت الفصحى. وليس غريباً أن ننطلق من هذه القصيدة لنرصد شخصية أبي ريشة فهو رحّالة في فضاء فسيح بين الدول والمناصب المتعددة:

ونفســــــك القمة الشماء باذخة
               ما شانها قط في ترحالك الخور

     وهو ثابت في قول الحق، لا يهاب الأخطاء والمنايا:

فمـا حنى هـــامة إلا لخالقــــــــه
               ولم يزلـــزله في طوفـانه الخطر
والحر يلقى المنـــايا وهو مقتحم
               تموت وهي على أقدامها الشجر

     خَبِرَ حيدر كل ما نظمه أبو ريشة في السراء والضراء أو يكاد يبلغ ذلك، فتراه يقطف من رياض ديوانه بعض أزاهيره ليدفع بها إلى مرثيته، فأبو ريشة يقول في قصيدته المشهورة:

يا عروس المجد تيهي واسحبي
               في مغانيـــــك ذيول الشهـــــب

     فيردد حيدر:

وموكب الشعـــــــر تـيّــــــــاه بسيده
               والمبدعون ومن غابوا ومن حضروا

     وللفقيد قصيدة عنوانها (النسر) فيستذكرها شاعرنا ويقول:

كنت الإباء وكنت النسر شامخةً
               راياتـــــه وأعاديــــه قد ائتمروا

     وله مجموعة شعرية بعنوان (غنيت في مأتمي) فيشير إليها حيدر بقوله:

وأنت غنيتها شعــــــــــــرا بمأتمها
               بعض الطيــور تغني وهي تحتضر

     وأبو معاذ قارئ مدمن للتراث اللغوي السالف. ويظهر أثر هذه القراءة المديدة في كلمات قصيدة (مأتم الشعر)، فلا ترى فيها لفظة مُوَلّدة أو دخيلة، وأبياتها مصداق شاهد على ذلك:

وغرة أنت في سفـر الخلود لها
               سبق المجلِّي ووجه بالسنا نضر

والمجلِّي في اللغة: هو الفرس يسبق في الحلبة. وها هم القوم يلهجون بذكر المبدع المَرْثي:

قالوا وصدَّقهم مجـــــد ظفرت به
               وصَدَّق الخُبْــرُ ما قالوه والخَبَـــرُ

     والخُبْر في اللغة: العِلم.

     ويكاد شاعرنا يذوب في مصادر اللغة العالية، وكأني به مُوَكّل بفضائها ليذرعه، وفي (مأتم الشعر) بصمات قرآنية غزيرة فكان يقتبس من الكتاب المعجز. يقول عن شاعره:

وغرة أنت في سفر الخـلود لها
               سبق المجلِّي ووجه بالسنا نضر

     فيستقي التعبير من قوله تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة"،

     ويقول:

الحق غايتــــــه ما انفك يطلبــه
               هتافه الحسنيان الموت والظفـر

     فيستوحي قوله تعالى: "هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين"،

     ويقول عن أعداء الفصحى:

وتغلب الكارهين الضاد من نفر
               هم العدو وإن أخفوا وإن جهروا

     وقال تعالى: "هم العدو فاحذرهم".

     وإذا كان غير المؤمنين كما في الآية "لا وزر لهم"؛ فإن المؤمنين عند أبي ريشة كما يقول حيدر:

يمـوت كل جبان من مخاوفــــه
               والمؤمنون لهم إيمانـــــهم وَزَرُ

     كما يقتبس من الحديث الشريف في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحرا"، فيتحدث عن شاعره بقوله:

بيانه السحر والإبداع ديدنـــه
               أصخ بسمعك هذي آيه الغرر

     والتأثر بشعراء العربية وارد في القصيدة، فقد أفاد من قول الحماسي:

بغاث الطيـر أكثرها فراخاً
               وأم الصقـر مقلات نـــزور

     فيقول عن موهبة أبي ريشة:

رفت أمجاده فوق الســماك فما
               يرقى إليها بغاث الشعر والهذر

     ويفيد من قول الحماسي الآخر:

عشية قام النائحات وشُقِّقت
               جيوب بأيدي مأتم وخــدود

     فيقول:

أنا الوفيُّ لها أبكي لمأتمــــها
               فملء أجفني الأحزان والكدر

     ويقطف من قصيدة الفرزدق في زين العابدين:

بِكَفّهِ خَيْـزُرَانٌ رِيحُـــــــهُ عَبِـقٌ
               من كفٍّ أروع في عِرْنينه شممُ

     فيقول:

من كل أروع مثل السيف مهجته
               وحـــــرةٍ قلبها بالعــزم يأتـــــزر

     وإذا أردنا أن ندلف إلى عمق هذه الرائعة يلفت نظرنا العديد من المرتكزات الفنية التي أبدع فيها حيدر، فقد أفاد حيدر من ثمرات الإمام عبد القاهر الذي تحدث عما تمنحه الجملة الفعلية من آفاق التجدد والحدوث، في حين أن الجملة الاسمية تمنح الثبوت والدوام، ونلمس صدى هذا الفرق بين الجملتين في شعر أبي معاذ، حين يقول عن فقيده:

يغشى شعاب المنايا وهي كالحة
               يسعى إليـها ويصلاها ويصطبر

     فشعاب المنايا مغلِّفة نفسها بعباءة الموت الثابتة، فجاءت جملة الحال منها على صيغة الثبوت، أما أبو ريشة فهو يسعى نحوها ويصلى ويصطبر، لأنه طوال حياته ذو عزيمة نافذة، وهذا يناسبه التعبير بالمضارع، يقول حيدر:

وما على الحر إن كانت منيته
               آمالـــه فهو يرجوهـــا وينتظر

     ويقول في مهيع الثبوت:

كنت الإباء وكنت النسر شامخة
               راياتــــه وأعاديـــــه قد ائتمروا

     فراياته خفاقة دوماً. وإن مبايعة من يذود عن الأمة وفصحاها ليس هو الفارس فحسب، وإنما سيف الفارس له مشاركة في هذه البيعة:

وسيفـــــــــه بيعــــــة لله رابحة
               وحصنه بين أشداق الردى القدر

     فيضيف حيدر شحنة جديدة لهذه البيعة، فيصوغها بمصدر المرة الثابت.

     وتزدحم القصيدة المأتمية بالصور ذوات الجناح الخفّاق وتتلاحق، وما أكثر أن نمر بالتشبيه البليغ الذي يدع خواطرك يغتلي فيها ارتيابك حتى تتقرّاها يداك بلمس!. إنه يمسك بيدك لتعيش هذه الصور:

وشعرك الشعر أطياف مجنحة
               هن العرائس، والأبكار والدرر
ونفسك القمة الشماء باذخـــــة
               ما شانها قط في ترحالك الخور
وكنت بلبله الصـــــداح منشده
               في كل رابيــــــة من شدوه أثر

     ويمضي بك تجاه الاستعارة المكنية:

إذا ترنمت قال الناس في ولهٍ
               اليوم يسكرنا في شــدوه عمر

من كل أروع مثل السيف مهجته
               وحـــــرةٍ قلبها بالعـــــــزم يأتزر
خاب الحقود وخابت منه أمنيـــة
               والحقد ينحر من ضـــلوا وينتحر
زفّته للمجد والدنيـــــا تباركـــها
               ومهرجان العلا والسمع والبصر

     ويجعلك تتذوق الاستعارة التصريحية على طبق من ذهب:

رفعت أمجـــاده فوق السمــاك فـما
               يرقى إليهـا بغــاث الشعــر والهـذر
بـاق على الدهر لا يخبو له وهـــج
               "ولم يغـب عن حواشي ليله سمر"
غنيـته بالقـــوافي الزهر ملحمــــة
               طابت وجاءت عروساً وهي تفتخر

     وذكر النحاة لـ(أل) التعريف معنى الكمال في الصفة، ويبدو أن حيدراً مولع بالاعتداد بهذا المعنى في مقام شاعره؛ لأن تقديره له استقر في فؤاده فصار فيه قامة علياء:

كنت الإباء، وكنت النسر شـــــامخة
               راياتــــه وأعاديــــــــــه قد ائتـمروا
أنت الأصالة، والفصحى إذا طربت
               وجـــــــــــذوة بالبيـــان الثر تستــعر
هذا الأمير، أمير الشعر فارســــــــه
               قـــلده في عرسه التاج الذي ظــفروا
وشعرك الشعر، أطياف مجنحــــــة
               هن العـــــــــرائس والأبكـار والدرر
عفواً أبـــــــا شـافع ما كنت أحسبني
               أبكي عليك فأنت المجـــد ياعمــــــر

     وفي عرف الناس أن المرء يشتاق إلى بلوغ المعالي وذرا القمم، أما أبو ريشة فإن مرتبته السامقة يتطلع الكوكب زحل نفسه إلى الوصول إليها على الرغم من أنه معروف بعلوه:

فكان في غاية يشتاقها زحـــــــل
               وحين تشتاق طول العمر يا عمر

     وقد يطوي شاعرنا ذِكر الموصوف، ويكتفي بإيراد الصفة ليخطر بالبال في تعيين الموصوف المطوي كل خاطر:

مرحى أبا شافع يا شاعراً غرداً
               المترفـــــــات على بستانه زمر

     فالمترفات صفة لموصوف محذوف هو الخيال والتصوير، أو هو البلاغة الخصبة، أو هو العاطفة الجياشة، أو هو الفن الأصيل.

     وللمبالغة المأنوسة التي تحرك الشجون، ويقبلها الذوق, نصيب في القصيدة؛ لأن فيها ريشة فنان مبدع، وهذا يعزز ما ينشده حيدر من التأثير في المتلقين الذين يتذوَّقون شعر أبي شافع، فالناس يطربون لقصائده، والأطيار ترددها في تغريداتها، والشجر تهتاج أوراقه وتنمو خضرته:

شعـــــــر وكُبر وإنشـــاد وأغنية
               يهفو لها الناس والأطيار والشجر
إذا ترنّمتَ قــــال النـاس في وَلَهٍ:
               اليــــــوم يُسكِرنا في شدوه عمــر

     ومن وجوه المبالغة المأنوسة استعماله لما يسمّيه النحاة أبنية مبالغة اسم الفاعل فيُوردها في قوله: تيّاه، خوَّان، حقود.

     ويلتمس حيدر من سامعه أن يشاركه في حكمه على شاعره، فيطلب إليه أن يصيخ بسمعه:

بيــانه السحر والإبداع ديدنه
               أصخ بسمعك هذي آيه الغرر

     وكأنه يقول للمتذوق: أدعوك لتستمتع معي بهذه الرياض المونقة، وهذا الخيال المجنح.

     ومخزون اللغة وآفاقها في فن حيدر مخزون ثر؛ لأنه يدرك ماذا يقتطع منه، وكيف يصوغ أبنيته، ومتى يستعمل الفعل الثلاثي المجرد، ومتى يضيف إلى مبناه بعض الحروف لتتسع معانيه على مقولة: زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى؟ يقول:

يغشى شعاب المنايا وهي كالحة
               يسعى إليها ويصــلاها ويصطبر

     ولم يقل: "ويصبر"، فزاد في المبنى تاء الافتعال التي أبدلت طاء. ويقول:

ويقتـل الموت من خافوه وادَّرعوا
               بالجبن ضلوا وضل الجبن والخور

     فزاد في المبنى الألف والتشديد.

     ويستقي من أسلوب التقديم والتأخير ما ينشده من الاهتمام بالمتقدم، يقول:

يمناك في موكب التاريخ ظافرة
               وملء يسراك ما العليـــاء تفتخر

     وأصل التركيب: ما العلياء تفتخر به ملء يسراك.

     وقدّم الخبر لأنه المقصود المعنيّ في قوله:

وغُرةٌ أنت في سفر الخلود لهـا
               سبق المجلي ووجه بالسنا نضر

     فهو يريد أن يجمع الشرف والسيادة والكرم في لفظ الغرة، فلذلك قدّمها. وتعدّي الأفعال ولزومها من الصناعة النحوية التي أتقنها حيدر، فلا نجد لديه قصوراً في ذلك؛ نظراً لتمكنه من ناصية اللغة، يقول: يشتاقها زحل.

     وفي اللغة: اشتاقه واشتاق إليه، وكأنه اختار التعدي ليعبر عن سرعة الاتصال والتناغم بين الفعل وفاعله، في حين أن الجارّ إذا توسط بينهما فقال : يشتاق إليها زحل، فقد وضعنا فاصلاً بين الفعل والفاعل مما يؤدي إلى بطء تَوَهُّج الصورة الشعرية.

     وثمة وقفات نقدية قد تتباين فيها وجهات النظر، على أننا لا نرى بأساً من الإشارة إليها، فشاعرنا اضطر إلى لفظة "القذر" في قوله:

وصُنتها عن خؤون في جوانحه
               تغلي السخائم والبغضـاء والقذر

     من أجل الروي المضموم: الراء، وهي لعمري لفظة مباشرة ينأى عن استعمالها فن الشعر الذي يحلق بنا فيُودع مكانها لفظة أخرى.

     وقد لا نقبل دلالة فعل الأمر التي أوردها في قوله:

فغنِّها غنِّها في الخلـــــــد قـــافيـة
               واطربْ ورنِّحْ بها التاريخ يا عمر

     لأن الرَّنْح في اللغة هو الدُّوار والاختلاط، ورُنِّح به إذا أُدير به كالمغشيِّ عليه، أو اعتراه وهن في عظامه وضعف في جسده، عند ضَرْب أو فزع أو سُكر، وحيدر لا يتوخى هذه المعاني، وإنما يريد: سِرْ أيها التاريخ مزهواً لثرائها وقِيَمها، وهو خلاف ما تشي به لفظة الرنح.

     ويمم حيدر شطر الاستعمال النحوي القليل في قوله:

وملء يسراك ما العلياء تفتخر

     وهذا مصطلح النحاة؛ لأنه حذف العائد المجرور بالحرف في باب الموصول، والكثير فيه أن يصرّح بالعائد فيقول: تفتخر به، ويبدو أن القافية لم تُسعفه. ونقرأ في القصيدة:

ويقتلُ الخائفون الموتَ أنفسَهم
               وإن علت لهم الأسوار والجدر

     فيتوالى المعمولان المنصوبان "الموت أنفسهم" ولكل منهما عامل، فعامل الموت: الخائفون، وعامل أنفسهم: يقتل، وهذا التوالي للمعمولين وبُعد (يقتل) عن معموله (أنفسهم) أضعف تدفُّق المعنى وجلاءه، فجعل استيعاب الصورة بطيئاً.

     وإذا كان الأصل أن أبا ريشة قد حمى الفصحى، وأن خصومه لم يتمكنوا منها بدليل قوله:

خاب الحقود وخابت منه أمنية
والحقد ينحر من ضلوا وينتحر

     فما آلت إليه الخصومة هو الخيبة والنحر. إذاً ما وجه قوله عن أعداء الفصحى:

حميت فصحاك من باغ يمزقه
               حقــــد عليها فما يبقي وما يذر

     كيف نوفق بين الكِفَّتين؟ كِفًّة تقرر نهاية الحاقدين، وكِفَّة تقرر نهاية المحقود عليهم؛ لأن الفريق الآخر لا يُبقي ولا يذر.

     ويعبر الشاعر عن تفاؤله بالفتية المؤمنين وهم على خيولهم، وقد علا تكبيرهم فيقول:

والخيل تصهل والتكبير عاصـــــفةً
               على البغاة وملء الساح من صبروا

     بيدَ أن العطف بالتكبير المذكور فيه نظر، لأن فيه فصلاً بين الحال المؤنثة وعاملها وصاحبها بهذا المعطوف ؛ مما جعل جذوة التدفق تضعف وتتعثر رشاقة المشهد.

     وبعد، فهذه قراءة ماتعة شائقة كانت لي، وكان فارسها أبا معاذ. ويقيناً فقد غرّد هذا الشاعر داخل سرب أمته وهمومها بأسلوب الفن الموَّار الأصيل، وآمل أن يكون دائماً من الموفقين في رسالته التي شاب عليها بعد ما شبَّ في غمارها.

--------------------------------
(*) أستاذ جامعي، متخصص في النحو والصرف، وفي تحقيق كتب التراث، عمل عدد من الجاممعات السعودية، وفي مجمع املك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
(1) ديوان عادت لنا الخنساء، شعر حيدر الغدير، نشر دار المؤيد بالرياض، الطبعة الأولى، 1430هـ - 2009م. عدد الصفحات 171، مقاس 21×14.
(2) قصيدة مأتم الشعر، ديوان عادت لنا الخنساء، ص 9-13. والقصيدة في (ديوان حيدر الغدير)، الجزء الأول، ص122-126، نشر مكتبة التوبة، الرياض، الطبعة الأولى، 1436هـ/ 2015م.

الخميس، 4 فبراير 2021

إنه المنتهى

إنه المنتهى

الرياض - الثلاثاء
9/ 4/ 1429هـ - 15/ 4/ 2008م

عكفــتُ على الأوراد في خلوة تذكي
               فيوضاً من الإيمان والصفو والنسـك
فرحتُ بهــــا تهــــدي إلي نعيــــمها
               أفــــانين من صدق توشحن بالمسـك
شعــــرت بها أني على جنــــح طـائر
               وأنيَ من آلائهــــا غيــــر منفــــــــك
وعاينــــت منها وهو يبسـم طائفـــــاً
               كيوســـفَ في حسن وآدم في سبــــك
هو الـــــدر لا والله فالــــــدر دونَـــه
               وما راق من زهر وما طاب من أيك
رأيت به أفــراح روحي وقد زكـــت
               كما انتظم النســــرين والفل في سلك
       *****

وســـــاءلته من أنت؟ هل أنت سيد
               من الملأ الأعلى؟ أجبني أزل شكي
أجبني وقيت السوء علّي أرى الذي
               ظفرت فأقفوه لدى الأخذ والتـــرك
وما فيَّ، يــدري الله، أدنى حســادة
               ولا ومضة عجلى من الإثم والفرك
لما نلت بل يحبـــوك ربك فوقــــها
               وكفاه سحَّاءان في اليسر والضنـك
وإنيَ، يدري الله، طهــرت مهجتي
               فكانت نقاءً حين أسكـــت أو أحكي
حكمتُ رغابي فَهْي طوعي وإن أبت
               وكانت وتبقى حيثما كنــت في مَلْكي
مبـــــــــرأة من مطمع أو مخـــافة
               ومن شَـرَك الأوهام والغل والإفك
ســأعــلو بها حتى تزيد وضـــاءة
               وصبحي من النعمى وليلي من الشوك
وأقتـــادها ما عشت سراً وجهــرة
               سعيداً بما يرضي من الأمر أو يبكي
وفيَّ رضــا لا يبلغ الظن شـــــأوه
               لبست بروداً منه محكمة الحبـــــك
تسيــر بنـــا الأقدار لا خمرة المنى
               كما سارت الأرياح في البحر بالفلك
وإني بهــــا راضٍ وربيَ شـــــــاهد
               لأني رأيت السخط نوعاً من الشرك
       *****

فمن أنت يا من حـــاز كل محبــب؟
               أجبــني فإنـــــا والفراق على وَشْك
فقـــــال: أنـــا القلب السليم إذا زكا
               وحـــلق في أمداء عــالية السمـــك
وأومى لي القـــلب السليم فشــاقني
               وأبصرته حصن الأمان من الهلك
فيـــا نفس كونيه على كل حــــالةٍ
               وأوكي عليه إنه المنـــــتهى أوكي
وربك عون المرء إن جاء خالصاً
               فزكِّي الأمـــاني من شوائنها زكِّي
وسيري إلى نعـــماه واثقــة الخطا
               فمنه عطاياه ومحـض الرجا منك
       *****

أيها المحتفون

أيها المحتفون

الرياض - الأحد
29/ 3/ 1429هـ - 6/ 4/ 2008م.


تحية وتهنئة للدكتور راشد المبارك، ولآل المبارك، وندوة الأحد، وضيوفها الكرام.

أحببت الرياض صانها الله عزَّ وجلَّ لمزاياها الكثيرة الجميلة التي تزدان بها، وفي طليعة مزايا هذه المدينة المسلمة العربية، الحضرية البدوية، هذه اللقاءات الكريمة في بيوت عدد من سراتها وأعيانها، تسمَّى ندوة أو أمسيَّة أو ديوانية.

في هذه اللقاءات يفتح المستضيفون للضيوف قلوبهم قبل بيوتهم، فيتلاقى الجميع يقولون ويستمعون، ويختلفون ويتفقون، ثم ينصرفون وهم إخوة أصفياء. هذه اللقاءات في حقيقتها مدارس يتعلم الإنسان فيها فن الكلام، وفن الإصغاء، ويجدد معلوماته، ويصحح منها، ويضيف إليها، وفي هذه اللقاءات يتعرف الإنسان إلى عدد من أهل الفضل والعلم والدين، ما كان له أن يتعرف إليهم بدونها.

وأنا لا أعرف مدينة تكثر فيها أمثال هذه اللقاءات كمدينة الرياض حماها الله، وبها صارت عاصمة ثقافية كما هي عاصمة سياسية وإدارية واقتصادية.

وندوة الأحد المباركية المباركة، ذات تميز خاص، بتقاليدها الراسخة، وحضورها الكرام، وانضباطها الدقيق، إنها شامة حسناء في وجه الرياض المدينة الحسناء.

وما يفعله آل المبارك، كباراً وصغاراً، في هذه الندوة الميمونة، يؤكد لنا ما قرأناه من قبل عن البيوتات الكريمة التي تتوارث العلم والفضل، والنبل والكرم، وبشاشة الوجوه التي تنبئ عن صفاء القلوب، وحسن المنظر الذي ينبئ عن حسن الجوهر، وهذا التقليد النبيل مفخرة من مفاخر أمتنا، وآل المبارك يسيرون عليه ويضيفون إليه.

وإني إذ أحيي آل المبارك عامة وراشدهم خاصة، وأهنئهم بعودة عميد هذه الندوة الدكتور راشد سالماً معافى بفضل الله، لا يفوتني أن أهنئ نفسي ومرتادي ندوته بهذه العودة والسلامة، كما لا يفوتني أن أعرب عن إكباري وتقديري لهذه الكوكبة الكريمة، من أهل العلم والفضل، والدين والكرم، الذين تعرفت إليهم من خلالها، وبهم صارت الندوة لي ولغيري. واحة ود وإخاء، وثقافة وعطاء، ونبل وصفاء، وبهم وبأمثالهم تطيب الحياة وتحلو، وترقى وتزكو، وتغدو أبهى وأنضر، وأكرم وأطهر، وأسعد وأيسر، وقد جودت لهم هديتي هذه شعراً ونثراً عساها تكون لائقة بهم.

للجميع مني وافر الشكر وخالص الود، وصادق الدعاء.

*****


أيها المحتفون

الرياض - الأحد
29/ 3/ 1429هـ - 6/ 4/ 2008م.


آذنتـنــــا بالفــرحـة الأنبــــــاء
               إذ دعتنا الرياض والأحســــاء
فاستبقنا وفي النفوس اشتيـــاق
               والأمــاني مزهوة خضـــــراء
والمآقي مطـــروفة والقـــوافي
               باسمات يختــــال فيــها الرُّواء
جئن سرباً من الحســان اللواتي
               طبن كالروض باكرتــه السماء
فاستبـــاها من الثنــــــاء غرور
               واستبــاها من الغرور انتشـــاء
والقـوافي في دلهـــــا كالغواني
               (والغــواني يغرهن الـثنـــــاء)
والقوافي رأد الضحى حين يعلو
               كلُّ بيـــت خريـــــدة حسنــــــاء
لا تـلمهـــن إن أتيـــن عجيبــــاً
               فالملوم الحضور والشعـــــراء
       *****

جئت داراً من الفضائل شيدت
               فهي للفضـل موئـــل وفنــــاء
أينــع النبـــل في ثراها وسيماً
               وحبـــاها من جوده ما تشـــاء
وحبتـــه وهي السخاء الغوالي
               كفـها مثــــل كفـــــــه سحّـــاء
وإزائي آل المبـــــــارك صِيدٌ
               أريحيـــــون كلهم أكـفــــــــاء
يعــربيــون جودهم حـــــاتمي
               والمعالي فيهم حسان وضــاء
لا تلمني إذا عشقــــت علاهم
               إنهـــم واحة وظل ومــــــــاء
هم سراع إذا تلوح الغــواشي
               وإذا النعميـــــات لاحت بطاء
طيبـــتهم ســــلائقٌ ورثــوها
               من أصــولٍ أمواتها أحيــــاء
وديــارٌ تمحضت للمعــــالي
               شــائقــــاتٍ أبـرادهــا الآلاء
       *****

أنت يا دار راشد في جناني
               روضةٌ من محاسن زهراء
يستطاب الذهاب منها إليها
               ولقاء يمضي فيدعو لقاء
فعديني تبقين للفضل بيتاً
               وملاذاً يؤمه الفضلاء
واحةً تسكن المكارم فيها
               وتضوع الأطياب والأشذاء
زائروها من كل حدب وصوب
               عصبـــة همها الهدى والعــلاء
مجدها الطارف التــــليد نضير
               يَبْهـــرُ العينَ نــورُه والسنـــاء
إن يقلْ حــــاسد: أراه ضئيـلاً
               فقـــلوب الحسّاد حقـــــد وداء
لن يضرّ الشُّـموسَ إزراءُ قالٍ
               عيــــنه مثـــلُ قـلبـــه عميــاء
ينهش الحقدُ قلبه نهشَ صِــــلٍ
               والظنــــونُ الحمقاء والرعناء
إنما الحاسدون بين البرايـــــا
               منذ كانوا الأسواء والأقـــذاء
إنهم في الورى الدنايا عرايا
               بئس قومٌ بعــــارها قد بـاؤوا
       *****

جئتُ هذا الحفلَ البهيجَ بهيــجاً
               فيّ صبـــح مغــــرد ومســــاء
في يميني الإسلام وهو فخاري
               ويســـاري عروبتي العربـــاء
أســـأل الناس أين راشدُ فيــهم
               فهـــدتني أخلاقـــه والبهـــــاء
وبيـــانٌ مثلُ الشِهــاد المصفّى
               ضاع فيه مع الطيــوب الذكاء
وهــدوءٌ في صـــولة وتحـــدٍّ
               وإبــــاءٌ جـــمٌّ ولا كبـريــــاء
ذاك من قــــادني إليه وأومى
               وعليـه بشـــــاشة واحتـفـــاء
قال لي ها هو المبارك بشــر
               قلت أدري وروضة غنـــــاء
إنه الدين في اعتزاز ويســـر
               والمروءات والنهى والسخاء
إنه الطـــرفةُ المليحة تزجى
               وخِـــــــوانُ الآراءِ، والآراء
إن تخــــالفه أو توافقه فافعل
               فهو سمح فقـــــل له ما تشاء
فعقـول الكبــــــار دوماً كبار
               ومنــــاهنّ أن يدوم الإخـــاء
ودوام الإخـــاء توق نفـوس
               شأنهن الإرضاء لا الإملاء
ونفوس الأحرار منذ براها
               ربها بالنــدى فِســـاح ملاء
ولقد يُنْصِتُ الكريم لقــــولٍ
               وهو يدريه والدواعي الحياء
ولقد يَصْـــــمُتُ الحليم ملياً
               يتغــــابى وينطقُ الأغبيــاء
وإذا رابه من الخـــل شيء
               صانه عن عتابه الإغضاء
ما الذي عنده تصول عقول
               كالذي عنده يصول المراء
وقليل من الحــــديث ذكي
               وكثيــــر منه أذى أو هباء
إن بعض السكوت خير بيان
               حين يــأتي الكلام وهو عَياء
       *****

يا كراماً قد طيّـبوا ليَ يومي
               وغدي المرتجى وفيهم غَناء
إنني قد وجــدت فيكم رغابي
               حاليــاتٍ قطوفها ما أشـــــاء
كنـــتم الحلم في حياتيَ يدنـو
               ثم ينــــأى كأنـــــه العنقـــاء
ثم صرتم حقيقةً في حيــاتي
               زانها الود خالصاً والنقــــاء
لكم الشكر من فؤاديَ جزلاً
               وغوالٍ من حبه والدعـــــاء
والثناء الممتد طولاً وعرضاً
               وبأمثـــالكم يطيب الثنــــــاء
أنتم الفضل وائتلاقُ السجايا
               والطباعُ الحسان والأصفيـاء
وجُــذاكم مروءة وحفـــــاظ
               وهُداكم ما أوصت الأنبيــاء
يا وقى الله صبحكم ومساكم
               حيث كنتم وجلّ منه الوِقـاء
       *****

لا يلم بعضكم بيـــاني فإني
               قلت ما قلت والوفاء الحداء
يشــــهد الله ما بقـــــلبيَ إلا
               أنني عشت عشقيَ الأوفياء
وأنا المرء بالغوالي ولوع
               يستبيني الكرام والنبــــلاء
أتعبتني قصيدتي لا وفــائي
               فوفـــــائي جم ولا خيــــلاء
ذاك أني أردتها ذَوْبَ قلـبي
               يزدهي الحفلَ حسنُها اللألاء
ولقد يصعب القريض وينأى
               ثم يــــأتي كأنه الأنـــــــــواء
إنه - منذ كان - سهل وصعب
               راحتـــاه الوهوب والعســراء
سيـــد دائماً ودوماً مطــــاع
               ولــه من غروره كبريـــــاء
*****

دارةَ الطيب والمكـارم طابت
               في حماك القصـــــائد الغراء
هاك مني قصيدتي وهي زهو
               دبّجتــــها نَحيـــزتي الشــماء
فاقبـــليني فأنت للفضــل أهل
               واقبـــليها فـــإنها عصــــماء
*****

أيها المحتفون طبتم وطـابت
               ندوة أشرقت بكم حسـنـــــاء
هكذا قالت الرياض وقـــالت
               قبــــــلها وهي تبسم الأحساء
*****

الثلاثاء، 26 يناير 2021

فاخترْ عرابها

فاخترْ عرابها

الرياض - الأربعاء
20/ 2/ 1429هـ - 27/ 2/ 2008م

إلى المتنبي جنِّي الشعر وعبقريه وفيلسوفه.

قطعت دروب الفكر أستطلع الأمنا
               وخــوفاً تغشّـــانا فأورثنـا الحزنــا
فكانـــا ظنونـــــاً نحن كنا بُنـــاتَها
               وكانا لنا الأنـــأى وكانا لنـا الأدنى
وذاك لأن الأمن والخــــوف حالة
               من النفس مذ كانت تجيء لنـا منا
فطوراً نلاقي الأمن خوفاً يروعنا
               وطوراً نلاقي الخوف نحسبه أمنا
وكلاًّ شربنـــا والليــــالي رواحل
               فدَنّــاً تعاطينا ودنّــــاً تســـــــاقينا
ومن يعتد الأوهــام عجزاً وحيرةً
               تَصِرْ بعد حيـن من فداحتها سجنا
فيسكن فيه في البــــــداية راضيـاً
               فإن طالت الأيـــام أضحى له قيـنــــا
فيا بؤس ما عانى ويا بؤس ما ارتضى
               ويا بؤس أوهام تخيّــــرها سكنى
فقاتل أفاعي الوهم والخوف واثقاً
               بأنك بالإيمان والـنــــــية الحسنى
ستغلب ما تخشى وإن كــان عاتياً
               وتدرك ما ترجو وإن عزّ واستأنى
وعزم الفتى كالخيــل هذي نجيــــبة
               وهذي عليها الوهن والعجز قد أخنى
وأنت الذي تختــــــار فاختـــر عِرابَها
               تكنْ في الدنى الأعلى المسوّد لا الأدنى
وتصبحْ فتىً إنجازه مثــــل عزمه
               إذا عجز الوانون لم يعــرف الأينا
وإن جــــاءت الضراء هبّ يردها
               وإن جاءت النعماء أبطأ فاستــغنى
إذا حَسَّنَ الإحجـــامَ للنذل عجـــزُه
               وظن به أمنـــــــاً ويا زيف ما ظنا
فأنت ترى الإقــــــدام مأمنك الذي
               تـلوذ به حصنـــاً فيغدو لك الأمنــا
*****

فقل للجبان النـــذل مُتْ ألف ميتة
               قبيل الردى إن الردى يكره الجبنا
ويلهــو بأهليه ويعبــــــث ساخراً
               وينخسهم نخســـاً ويوسعهم طعنا
فيــا ذلّ قوم يكرهُ الموتُ موتَــهم
               فتــــأباه يسراه وتعتــــذر الـيـمنى
وهم بيـــن كفيه حزانى رواجـف
               كأن بهم مَسَّـــاً من الجن أو جنــا
وقل للشجاع الحر متْ خير ميتة
               تكون بها أهنا وتعلو بها شـــــأنا
وغالبْ صِلالَ الخوف بالصبر والرضا
               تعيــش وتقــضي سيــــــداً ملك الكونــا
(فمـــا الخوف إلا ما تخوفه الفتى
               وما الأمن إلا مـا رآه الفتى أمنــا)
*****

طبتِ داراً

طبتِ داراً

الرياض - الإثنين
4/ 2/ 1429هـ - 11/ 2/ 2008م

إلى يثرب الطاهرة التي طابت بالرسول صلى الله عليه وسلم فكانت الطيبة، واستنارت به فكانت المنورة.

طِبْتِ داراً وموئـــلاً وأصولا
               ونفـــوساً ميمونة وعقــــــولا
أرضك التبر بل أعزّ وأغـلى
               فهي أندى يـداً وأهدى سبيـلا
تنبت المجــــــد طارفاً وتليداً
               مثلما ينبت العريــــن الشبولا
مثلما تنبت الرياض الخزامى
               والفراتان في العـراق النخيلا
       *****

تصنع الأروعين طفلاً وشيخاً
               ونســــاء وفتـــــية وكهــــولا
فيشبّــــون كالسيوف وأمضى
               يصنعون العصيّ والمستحيلا
يتبــارون في العطاء احتساباً
               ويبـيحون مـــاءه سلسبيـــــلا
لشــــريد وظـــامئ ومعـــنّى
               وأخي حيـــرة أضل الدليـــلا
       *****

السجــايا الحسان فيك تــــلاد
               سطّرته الأسفار جيلاً فجيــلا
والمروءات في رباعك إرث
               لُحْنَ في عتمة الدجى قنديــلا
ورعت حسنَهن كفّ صَنــاع
               وشّحته فجــاء نضراً جليـــلا
وإذا الحسن والجـــلالة كانــا
               توأمي نشـــأة أضــاءا طويلا
حيث حلاّ وأنت من فيك حلاّ
               فهــما فيــك كالسنــــــا إكليلا
عزّ في مفرقيك تـــاجاً مهيبـاً
               عربي النجار حراً أصيـــــلا
ينـطوي غيره ويبــقى سنـــاه
               يتحدى على الصعاب الأفولا
       *****

غـــرّد الـكون إن طيـــبة دار
               للميـــامين ســــادة وفحـــولا
هاجر المصطفى إليهم فكانوا
               جنده والسوار والإزميــــــلا
حرسته قبل السيوف صـدور
               وحفـــــاظ مؤثّــــل تأثـيــــلا
فغــــدوا مثل دارهم ومنــاهم
               للهدى دولـــة وظلاً ظليــــلا
بايعوا المصطفى الكريم وقالوا
               لـن نقيــل الرسول أو نستقيــلا
صدقوا عهدهم فسادوا وجادوا
               وأزاحوا عن العقول السُّــدولا
طيبة طــاب ربعـها وبنــــوها
               ثم زادت بعد الفضول فضولا
مذ أتتهـــا النعمى التي أكرمتـها
               مذ حوت رحبة الذراع الرسولا
إنها الدار فضـــلها لا يبارى
               إنها المـــأرز الذي لن يحولا
ونشيــــد ما زال يروى ملياً
               في فم الدهر بكرة وأصيــلا
طلع البدر فالثنيــــات جذلى
               قد تشوّفن يرتقبن الوصولا
وجب الشكر ما دعا ثَم داعٍ
               وأطال التحميــــد والتهليلا
أشرق السعـــد باسماً وبهيــاً
               وكسا حسنه الربى والسهولا
وقبــــاء واللابتيــن وسـلعــاً
               والصحارى وأهلها والطلولا
كلها للرسول شــــوق وتوق
               منذ أن جاءها حفيـــــاً نزيلا
       *****

وكأني أرى الرسول خطيبـاً
               والورى أقبلوا رعيلاً رعيلا
أطربتهم بـــــلاغة منه تزكو
               واستطابوا حديثـه المعسولا
إنه المصطفى وحسبـك منه
               أنه جاء خاتماً ورســــــولا
وهو ليث إذا تجيء الغواشي
               تذر الزرع عاصفـــاً مأكولا
مقبـــــــلات كأنهن المنــــايا
               جاعلات من المخاوف غولا
يقف الوقفــة التي لا تسامى
               لا يبالي أقاتــــــــلاً أم قتيلا
لابســـاً لأْمةً ســــداها يقين
               ومن العزم أدرعاً ونصولا
هاتفـــاً حســــــبي الله إني
               أعبد الله حافظاً ووكيــــلا
فإذا ولّت الصعاب تـــراه
               هادئاً كالنسيم مرّ عليـــلا
خاشعاً خاضعاً منيباً صموتاً
               مطرقاً مخبتاً حزيناً خجـولا
       *****

وهو أحنى من الأمومة صدراً
               وهو أنقى من الضياء ذيـــولا
وهو البــــرّ عفّة واقتداراً
               وهو الوعد ناجزاً مفعـولا
ما يداه إلا الغمام هتونـــــاً
               سحّ في سحرة فكان سيولا
حكــــمة في شجــاعة ويقيـــن
               دونه الراسيات عرضاً وطولا
إنه خير من مشى وتهــادى
               فوق هذي الدنى سرياً نبيلا
صاغه الله واصطفاه وجلّت
               قـــدرة الله حكمة وشـــمولا
       *****

صـاغه الله خالصاً واجتباه
               وحباه من الخصال الجميلا
وحبـــــاه مع الكمال هــداه
               فــأتى هادياً وجاء كميـــلا
وحوته الأصلاب منذ اصطفاه
               فمضى في خيــــارها تنقيــــلا
كان فيها الأزكى فزدن نقاء
               وتنــــافسن عفـــة وميــولا
إنهــــا أنعُــــمٌ جليـلٌ مداها
               وجداها منذ القــرون الأولى
عاهد الأنبياءُ مَنْ هداهم إليه
               أن يطيعوه حين يأتي رسولا
ومضى الدهر والليالي حبالى
               فالتقى في حرائه جبــــــريلا
قال: أنت النبي فاقرأ ورتلْ
               كل حرف يا سيدي ترتيــلا
أنت للرســــل خاتم وإمام
               فاعبد الله واتخــــذه وكيلا
واسْعَ في صبحه الطويل طويلاً
               وتبتــــل في ليـــــله تبتــــــــيلا
إن رب الأكوان جل عـــــلاه
               سوف يلقي عليك قولاً ثقيــلا
أحمد الخير لا تخفني وأبشــر
               إنك اليوم قد بعثت رســـــولا
       *****

عابه الجاهلون أنْ خاض حرباً
               واستباحوا الكذاب والتهــــويلا
جهلوا أو تجاهلوا أن حربــــــاً
               قد تكون الأجدى وأهدى سبيلا
ومن الحرب قد يجيء أمان
               هو أحنى يداً وأقوم قيــــــلا
ومن العجز في اتقاء الغواشي
               أن تكون الحليم والمختــــــولا
وإذا الحلم صار عجزاً وفوضى
               سوف تغدو الحياة مرعى وبيلا
فاجعل الحرب للسلام طريقاً
               واجعل السلم للحروب دليلا
إنما السلم كالحروب امتحان
               يبتلي الناس جمعهم والفلولا
وهما تارة نعيم وأخــــرى
               نقمة تجعل الحيـــاة ثـكولا
       *****

جاء قرآنه كتاباً عزيــزاً
               فصّلت آيه لنا تفصيـــلا
نسخ الكُتْب قبله وهي حـق
               رددته الأجيال دهراً طويلا
أطفـــــأتها آيـــــاته باهرات
               مثلما يطفئ الضحى القنديلا
إن قرآننـــا الذي هو أبقى
               قد كفانا التوراة والإنجيلا
وهو دستورنـــــا ونحن فداه
               وهو عهد نرعاه جيلاً فجيلا
       *****

وكأني أرى بطيبة حشـــــداً
               من كرام ما بدلوا تبـــــديلا
جعل الحق غاية والمعــالي
               راية والحفاظ خلاً خليــــلا
أشربوا الحق واستطابوا هداه
               واستبانوا التحقيق لا التخييـلا
كلهم سيد يبــــاري أخـــــــاه
               ومثيل شهم يبــــاري مثيـــلا
في استباق إلى الهدى كيف يفدى
               وولاء لا يعـــــــــرف التضــليلا
وميادينه الغــــوالي اللـواتي
               كنّ شتّى حيناً وحيناً شـكولا
إنهم خـــــالد وسعد وزيد
               ومعاذ نادى الهمام عقيلا
وخناس وفـــــاطم وسعـــاد
               والذي والتي تريد الوصولا
لرضا الله وهو خير أمــــان
               سجلت في قلوبهم تسجيـــلا
واشتروه بكل غـــــال نفيس
               ورأوه وهو الجليـــــل قليلا
       *****

وكأني أرى الصحـــابة جمعاً
               وفرادى في اللابتــين حلــولا
هاهنا الأوس كالدراري ضياء
               وقريش صوارماً وصهيـــــلا
وهنا الخزرج الذين تفــــانوا
               وتنادوا لا يعرفون النـــكولا
كلهم ســــابق وهاد وحــــاد
               ومناد أفضالهم لن تحــــولا
يا لهم عصبة مداها الدراري
               أفرحت في سمائه جبــــريلا
       *****

طيبة الخير يا ائتلاق السجايا
               طاهرات ويا أعز قبيــــــــلا
درج الفضل في ربوعك طفلاً
               وتهـــادى شيخاً وقوراً جليــلا
وبنــوه بنـــــوك إخوان صدق
               من بهاليل أتبعـــــــوا بُهــلولا
خلقوا من أشعة النور أصـفى
               واستقاموا مرداً وطابوا كهولا
وأتوا كالليــوث في أجمــــات
               وأتوا كالغيوث تروي الطلولا
وأتوا كالسيوف سُلَّتْ لخطـب
               وأتوا كالخيول تقفو الخيـــولا
وأتوا كالضياء يهدي الحيارى
               وأتوا رحمة تـــداوي العليــلا
حشدوا المكرمات حشداً وكانوا
               لنــــداها وطالبيـــها الدليــــــلا
ومشوا في الورى رسائل حق
               ينشرون الهدى وضيئاً جميلا
يَحْطمون الأغلال معنى ومبنى
               والخرافات قد عتت والكُبـــولا
ويَشيدون للعـــــدالة صرحاً
               شامخاً راسياً عزيــزاً بذولا
يستهيــــنون بالمخـــاطر تغلي
               إذ سواهم يستعظمون الوحولا
همم كالجبــــال فيـــهم رواس
               تجعل الصخر كالكثيب مهيلا
إن طما الخطب ضارياً وعصوفاً
               أشـــرعوها ذوابلاً ونصــــــــولا
إنه الله في علاه اصطفــــاهم
               للنبي المختار قوماً عـــــدولا
       *****

إنهم خيـــر عصبــــة وقبيـــل
               لن تلاقي نداً لهم أو بديــــــلا
زينة الخلق منذ كانوا وسائل
               عنهم النجمَ والحيا والقبـــولا
وكتاب الأمجاد في كل عصر
               والليالي وقد رأتهم طويــــــلا
سوف تــروي وما تمل وتروي
               عن علاهم بعد الفصول فصولا
سمع النـــاس ما روته فقالوا
               صَدَقَتْنا وفضـــلهم لن يدولا
فاستطابوه واستزادوا وودوا
               أن يظل الحديث فيهم طويلا
قد رأوه حقيقــة لا خيـــــالاً
               ورأوه غـزارة لا وُشُــــولا
فأداروه بيـــنهم نعميـــــات
               طاهرات أرْدانُها لا شَمولا
لا افـتــئات فهم معادن نبـــل
               فضلتهم على الورى تفضيلا
       *****

نحن أدرى بطيبة إذ رحلنا
               نستـــلذ الرحيل ميلاً فميلا
نحوها والجسوم والروح جذلى
               والمنى تجعل العنـــــــاء هديلا
والطريق الطويل يبدو قصيراً
               والطريق القصير يبدو طويلا
إنه الشوق قـــادنا في سرانا
               فاستطبنا وجيــــفه والذميلا
نتمنى أن المطـــــايا سراع
               أو بطاء فالكل يروي غليلا
نسأل الصبح والضحى والأماسي
               ونرى الربع نــــاضراً ومَحيـــلا
لا ســـؤالَ الذي يريد جواباً
               فهو يدريه رائقـــــاً وجميلا
وكثير من السؤال اشتيـــاق
               نتشــهّى ردوده تعـــليـــــلا
هكــذا قـــال قبـلنـــا المتنبي
               يوم أمّ الشهباء صبـــاً نحيلا
يجتلي حسنها ويرجو جداها
               ويطيل الأحلام والتــــأميلا
وكذا نحن بيــــد أنا قصدنـا
               طيبة أمنا الحصــان البتولا
كلما رحبت بنا الروض قلنا
               طبت ظلاً وواحة وسبيــلا
وشكرنا أفضــــالها وهتفنا
               طيبة قصدنا وطابت مقيلا
نحن نرجو إذا أتينا حمــاها
               أن يدوم المقام لا أن يطـولا
يشهد الله لم تغب عن جناني
               حيثما كنت ظاعناً أو نزيلا
لا تلمني فإنها منذ كانت
               أنعم تمنح العطاء جزيلا
       *****

وهبت طيــــبة البرية خيراً
               لا شحيحاً عطاؤه أو ملولا
وفتوحاً ميمونة حيث كانت
               لم تكن قط غدرة أو ذحولا
إنها الخيــــر في أبــر حــــــلاه
               وسل الأرض عرضها والطولا
شرّقت، غرّبت ففي كل صقع
               من جنـــــاها شواهد لن تزولا
أثر معجــز يبــــــاري أخاه
               ظلّ مذ كان شامخاً مجدولا
كل مجد للمسلمين امتــــداد
               لجـــداها إن شئته أن يؤولا
(قل لبان بنى فشـــاد فغـالى)
               ومشى في الدنى يجر الذيولا
إن ما شيــــدته طيبة أبقى
               إنه السبق بالهدى مجبولا
ولهــــا حلمها ولكنْ لديها
               عزمة تمنع العدا والدخيلا
قل لأعدائها إذا أغضبوها
               سوف يلقون ردها سجيلا
       *****

شــاد فيك الرسول دولة حق
               أينعت أفرعاً وعزت أصولا
أصلها الخير والفروع هبات
               قد أظلت بعد الفـــرات النيلا
وأظلت شرقاً وغربـاً وعرباً
               وأظلت عجماً وقفراً وغيــلا
شيــــدت ألف دولة وأقامت
               للحضــارات دارة وفصولا
دول أحسنــــت وعزت وجلت
               أنت فيها الفضلى وأنت الأولى
       *****

طيبة الخير همتي فوق وسعي
               وأنـــا المرء أبتغيه جزيـــــلا
يشــــهد الله أنت فيّ معــــان
               وأمـــان عودتها أن تجـــولا
ما ثنـائي عليك إلا هبـــــات
               من غواليك كالجمان صقيلا
صاغه فيك قبل قولي جنــــاني
               فاستوى روعة الضحى مطلولا
واعتــــلى سدة البيان ولكن
               لم ينل من رغابيَ المأمولا
والقوافي في مثل مجدك تبقى
               كاسفــات خجلى تريد القفولا
وعليها من الحيـــاء لـثـــــام
               تتقي فيه حاسداً وعــــــذولا
       *****

إن شعـــري وقد تعنّيــــت فيه
               حين أمسي وضحـوة وأصيلا
هو بعضي ومهجتي وولوعي
               لاثم مقــلتيــــــك براً خجــولا
أنت تبقين فوق كل بيـــــان
               وهو يبقى مهما أجاد كليــلا
السنا أنت حين يعلو ويصفو
               ليضيء المعلوم والمجهولا
والسنا باهر فهل لقصيــدي
               أن يلاقي في ساحتيه القبولا
فاعذريني إذا كبا فيـــك شعري
               يعجز الشعر في السنا أن يقولا
واقبليني إذا أتيتك أشـــدو
               واقبليه إذا أراد المثــــولا
واسمعيه على هَنــــاتي فإني
               كنت فيك المأخوذ والمذهولا
       *****

بيد أني وقد سكنت فــــؤادي
               فغدا الروض ممرعاً وبليــلا
سوف أبقى الذي يعيد ويبدي
               في غواليك شاغلاً مشغــولا
سامعاً كل ذرة وحصـــــــاة
               ومجيباً حيناً وحيناً ســـؤولا
كي أصوغ القريض فيك سرياً
               بحترياً بالشـائقــــات حفيـــــلا
وعسى تبدع القريحة شعــراً
               تسحر الزائنات منه الفحــولا
       *****

طيبة الخيــــر أكرميني فإني
               أبصر العمر قد أغذّ الرحيلا
فهبيني إذا رحـــلت مكانـــاً
               ليكون الثواء مأوى جميــلا
في البقيع الذي استضاف الغوالي
               فـزكــا دارة وطــــاب مقيـــــــلا
أبهج الطيبيــــن إذ سكنــــوه
               مثلما تسكن الطيور الحقـولا
وعسى يأذن الكريم ويرضى
               إنه كــــان أمره مفعــــــــولا
إنه إن يكن أجـــل ختــــــــام
               طاب لي منزلاً وطبت نزيلا
       *****

ملاحظة: فازت هذه القصيدة بالمرتبة الثالثة في المسابقة التي نظمها النادي الأدبي في المدينة المنورة 1429هـ - 2008م.

الأكثر مشاهدة