الأربعاء، 16 يونيو 2021

شعر حيدر الغدير.. دراسة أسلوبية - أ.محمد فيصل الودعاني

شعر حيدر الغدير.. دراسة أسلوبية

الباحث: محمد فيصل الودعاني
ملخص لرسالة ماجستير للكاتب
نشر في مجلة الأدب الإسلامي - العدد ٩٣ - ص٩٤

     إن خدمة الأدب الإسلامي مهمة شريفة وسامية يتطلع إليها المرء، راجياً أن يقدم في هذا السياق شيئاً ولو قليلا ً يكشف عن جماليات هذا الأدب، ومن هنا نشأت في ذهني دراسة شعر شاعرٍ يتمثل الروح الإسلامية في شعره، ويتبنى القيم التي حث عليها الشارع الحكيم، ويحمل هم أمته المكلومة، غير مغفل للجوانب الجمالية التي تصنع شعرية الشعر، وتحلق به في سماء الإبداع، فوقع الاختيار على الشاعر حيدر الغدير الذي وجدت في شعره ما يحرك كوامن النفس، ويثير الإعجاب. ولئن كانت هذه المهمة السامية هي الباعث الأساس لهذه الدراسة فإن ثمة بواعث أخرى أسهمت في استثارة همتي لارتياد هذا البحث، منها:

أولاً: غزارة الإنتاج الشعري للشاعر حيدر الغدير، حيث بلغ شعره نحو ستة آلاف بيت، وبلغت قصائد دواوينه المطبوعة نحو مئتي قصيدة، غير قصائده المنشورة في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، وقصائده المخطوطة.

ثانياً: عدم وجود دراسات أكاديمية سابقة تعنى بنتاج الغدير الأدبي في حدود اطلاعي.

ثالثاً: بروز خصائص أسلوبية لم يتطرق لها باحث من قبل.

رابعاً: أن هذه الدراسة سوف تفتح الباب أمام الباحثين لتناول هذا الشاعر بتفصيل أكثر، فالشعر الوطني والديني وغيرهما موضوعات ثرة في شعر حيدر الغدير استغرقت مئات الأبيات من شعره وتستحق الدراسة المنفصلة المتعمقة.

أخيراً: أهمية المنهج الأسلوبي في دراسة نتاج الشعراء.

     وقد سرت في هذا البحث وفاق خطة اقتضتها طبيعة الدراسة، فجاءت مقسمة إلى أربعة فصول مسبوقةٍ بتمهيد؛ فأما التمهيد فكان أشبه بالعتبة التي سألج منها إلى فضاءات البحث، فتحدثت فيه عن الشاعر، وأهم العوامل المؤثرة في شعره. وبعد التمهيد شرعت في فصول البحث الأربعة.

     جاء الفصل الأول خاصاً بالمستوى الصوتي، واقتضت المنهجية تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين هما: موسيقا الحشو، وموسيقا القافية، وما يندرج تحتهما من أقسام.

     أما الفصل الثاني فقد تناولت فيه المستوى اللفظي، وقسمته كذلك إلى مبحثين الأول عن العلاقات الدلالية، والثاني يخص الحقول الدلالية، وقد سعيت إلى وصف هذه العلاقات الدلالية بين الألفاظ، وحاولت الكشف عن طبيعة الألفاظ التي تشيع عنده والدلالات التي تقترن بها، فضلاً عن علاقات مكونات كل حقل بعضها مع بعض مما يمكن أن يفضي إلى جوهر المعنى.

     وجاء الفصل الثالث خاصاً بالمستوى الأفقي، وقسمته إلى ثلاثة مباحث:

الأول: جعلته عن الانزياح التركيبي، ويشتمل على التقديم والتأخير والالتفات والحذف.

والثاني: تحدثت فيه عن التناص بقسميه الداخلي والخارجي.

والثالث: أفردته لدراسة الأساليب: الجمل الإنشائية، والجمل الخبرية.

وآخر الفصول كان الفصل الرابع الذي جاء تتويجاً للفصول السابقة من خلال تصديه لدراسة المستوى التصويري في شعر الغدير، الذي يمثل جوهر الشعر، وأهم وسائط الشاعر في نقل تجربته والتعبير عن واقعه.

     وقد اقتضت طبيعة هذا الفصل أن يقسم إلى صور مستقلة قصيرة، ويقابلها صورٌ مركبةٌ أطول منها، وأخرى طويلة ممتدة تتعدد فيها الصور أكثر من سابقتها حتى إنها تشمل جزءاً كبيراً من القصيدة، بل قد تشمل القصيدة كلها مما يمكن أن يطلق عليه «القصيدة اللوحة أو المشهد».

     وقد ذيلت الدراسة بخاتمة لخصت فيها أبرز النتائج والتوصيات التي توصلت إليها، وأشعر أنها جديرة بالاهتمام من قبل الباحثين في سياق الدراسات الحديثة.

     وقد عوَّلت في بحثي هذا على المنهج الأسلوبي، لكونه منهجاً نقدياً نصياً يدرس الظواهر اللغوية جميعها، من أدنى مستوياتها الصوت المجرد؛ إلى أعلاها وهو المعنى، ثم هو يدرسها في حالة البساطة، وفي حالة التركيب، ويسعى إلى الموضوعية في الحكم على النصوص الأدبية، ويحلل النصوص بمستويات لغوية مختلفة، بغية اكتشاف جماليات النص، وإبراز السمات الأسلوبية.

     وبعد: فقد كانت هذه الدراسة محاولة لاكتشاف شيء من الأبعاد الجمالية والدلالية في شعر الغدير انطلاقاً من المنهج الأسلوبي، وما محاولتي هذه إلا خطوة يسيرة ضمن خطوات أخرى في خدمة الأدب الإسلامي ورواده راجياً ألا تتوقف.

وحريٌّ بي أن أعترف وقد وصلت إلى نهاية المطاف بأنني كنت المستفيد الأول من هذه الدراسة فقد أسهمتْ في رفع مستوى إدراكي المعرفي والجمالي.

نتائج وتوصيات:

     وقد خرج البحث بنتائج وتوصيات أراها مهمة وأثبتها في خاتمة هذا البحث منها:

أولاً: تكمن في الخطاب الشعري ملامح فنية، وسمات أسلوبية، تنقل الخطاب إلى حيز التميز والإجادة، وعلى الباحث الأسلوبي الوقوف عند هذه الملامح لإبراز سماتها الدلالية، والصوتية، وبيان مكانتها ضمن الصياغة الشعرية.

ثانياً: تمكن الشاعر من تطوير المفردة الملائمة للحالة الشعورية، بالإضافة إلى أدائها المعنوي السليم، على أن الصخب الخطابي والتقريرية المباشرة كاد يستأثر بشعر الشاعر، ومرد ذلك إلى الواقع المؤلم، والمعاناة الممِضة الناتجة عن عنف المواجهة، وتجاوزات الاحتلال لديار الإسلام وتحدياته.

ثالثاً: لا زال شعر الغدير بحاجة إلى مزيد بحث ودراسة من خلال اعتماد المناهج النقدية الحديثة، فأقترح أن يدرس شعره دراسة حجاجية بوصفه شعراً يدافع عن قضايا، ويتبنى وجهة نظر، فقد يتوصل الباحث إلى نتائج جديدة تتعلق بالشاعر وشعره.

شكر وعرفان:

     وخليقٌ بي في نهاية كلمتي هذه أن أعترف لأهل الفضل بفضلهم، إذ لم يكن يتأتّى لهذا البحث أن يرى النور لولا فضل الله ومنّه وتوفيقه، ثم جهود نفر من الذين أنفقوا الوقت والجهد والشعور الصادق من أجلي، وإني مدين لهم بالشكر والعرفان، وعلى رأسهم والداي الكريمان اللذان أمطراني بدعواتهما الصادقة وتشجيعهما المستمر، كما أشكر كلية اللغة العربية ممثلة بقسم الأدب، الذي وفر لي أجواءً مثالية للبحث والاستزادة من خبرات منسوبيه الكرام.

     وأشكر أيضاً أستاذيَّ الكريمين اللذين شرفاني بالتصدي لهذا البحث وقبول مناقشتي فيه، وأفاداني بملحوظاتهما القيمة التي أقامت أود الدراسة، د.عبدالكريم بن عبدالله العبدالكريم، ود.حسن النعمي.

     أما الرجل الذي رعى هذا البحث جنيناً، وغذاه مولوداً ويافعاً، ولم يكن يبخل على صاحبه بالتوجيه والإرشاد، باذلاً وقته وجهده وعلمه في سبيل ذلك، فإنني أعلم أنه لا ينتظر مني شكراً ولا ثناءً، فقد كان تمام هذا البحث أبلغ كلمة شكر يتلقاها، ومع هذا فأراني ملزماً يدفعني الاعتراف بالجميل إلى شكر أستاذي د.محمود عمار على ما قدم لي من عون وتوجيه طيلة عملي، سائلاً الله عز وجل أن يجعل ذلك في صحيفة أعماله. ولا أنسى أن أتوجه بالشكر الجزيل والدعاء الخالص لمن وضع يدي على جماليات الأدب الإسلامي، وحبب إلي هذا الطريق النبيل، أستاذنا الدكتور وليد قصاب جزاه الله عني خير الجزاء.

     وبعد، فقد كانت هذه الرسالة جهد المقل، واجتهاد من يُتوقعُ خطؤه قبل صوابه، وأسأل الله أن ينفع بها، وأن يجعلها خالصة لوجهه متوجاً ذلك كله بشكر الله على عونه وتوفيقه.

     وقد نوقشت الرسالة في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض بتاريخ 14/7/1437هـ، وتألفت لجنة المناقشة من الأساتذة: د. محمود عمار مقرراً، ود. حسين النعمي عضواً، ود. عبدالكريم العبدالكريم عضواً، وقد منحت الطالب محمد بن فيصل الودعاني الماجستير بدرجة ممتاز مع مرتبة الشرف الثانية.

***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة