الفصل الأول: محمد إقبال وقفات مع مكانته وأدبه وأندلسياته
ماذا تجاهل الكتاب والمفكرون من فكر إقبال ورسالته؟
لقد تحدث الدكتور جاويد إقبال -وهو ابن الشاعر الفيلسوف العظيم محمد إقبال رحمه الله- في إحدى الاحتفالات التي أقيمت عام (1397هـ/ 1977م) بمناسبة الذكرى المئوية لولادة أبيه في دلهي الجديدة، فقال: إن الدكتور محمد إقبال لم يكن كما يحسبه الناس من أكبر شعراء الفارسية والأوردية فحسب، وإنما كانت ميزته أنه كان إنساناً عملياً، وقد ترك للأجيال من بعده رسالة معينة واضحة، تحث العالمَين الآسيوي والأفريقي على تطوير مصادرهما لتحقيق الحرية الاقتصادية لبقائهما، بدلاً من التطلع إلى الغرب لنجدتهما، وقد تجاهل الكتاب والمفكرون هذه الناحية المميزة لفكر إقبال ورسالته.
وأكَّد الدكتور جاويد إقبال على هذه الناحية التي ظلَّت خافية على أذهان محبّي إقبال أنفسهم، فأضاف قائلاً: لقد ألَّف الدكتور محمد إقبال قصيدة طويلة بالفارسية في آخر أيام حياته خاطب فيها الأمم الشرقية، وذكر فيها حل مشكلاتها، وعلاج أسقامها، وتدور هذه القصيدة حول أهمية الفرد والمجتمع وشرفهما واعتمادهما على النفس عن طريق تطوير التعليم والاقتصاد للاحتفاظ بالوجود الآسيوي والأفريقي في خريطة العالم، وقد نالت أفكار إقبال العملية ومعالجته لمسائل آسيا وأفريقيا اهتمام المسلمين المثقفين حديثاً في كثير من البلدان النامية.
وأضاف الدكتور جاويد إقبال يقول: إن والده الدكتور محمد إقبال كان يقدم نظرية "إنسان أعلى"؛ وهو الإنسان الذي يتبع دينه ومعتقداته بإخلاص، ويتمسك بها تمسكاً متيناً في حياته، ثم يعيش في هذا العالم كإنسانٍ واعٍ متحضِّر. وكان يتطلع إلى إنسان الغد، الإنسان المثالي، وكان يرفض في نظريته الاقتصادية الرأسماليةَ والشيوعيةَ معاً، وكان يؤمن بنظام يقوم على أساس التوازن بين رأس المال والعمل.
وكان الدكتور جاويد إقبال قد افتتح قبل ذلك المتحف الأثري لوالده، الذي يضم من بين ما يضمُّه بعض قصائد الشاعر العظيم، وهي في مرحلة التنقيح.
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق