مقدمة الطبعة الثانية
لقي هذا الكتاب من القبول أكثر مما توقعت، والحمد للَّه على أفضاله، وهذا ما حفزني إلى إصدار الطبعة الثانية مزيدةً ومنقحةً عسى أن تكون أفضل من أختها.
· وأبدأ بشكر أخي الفاضل شمس الدين درمش الذي قال لي: أنت في نثرك شاعر!.. وتستمد شهادته قيمتها من معرفته الطويلة بي شعراً ونثراً، وأنه تابع الكتاب خلال تأليفه فصلاً فصلاً، وكان يقوم ويعدل ويقترح، وكنت في كثير من الأحيان آخذ بنصائحه، وفي أحيان قليلة أسمح لنفسي بعصيانه.
· وأشكر الأخ الكريم الدكتور أحمد البراء الأميري الذي قال لي أكثر من مرة: إن في هذا الكتاب ما هو جدير بأن يكتب بماء الذهب!.. ولشهادته قيمة خاصة لأن بيننا صحبة متميزة تقارب نصف قرن.
· أما الدكتور عبد الباسط بدر ذو الحاسة النقدية المتفوقة؛ فقد اتصل بي هاتفياً ليخبرني أنه استلقى على فراشه للنوم، وأخذ يقرأ في الكتاب، فأطار الكتاب عن عينيه النوم، واستمر في قراءته حتى فرغ منه، ووصف الكتاب بأنه شائق، وأنه لون من ألوان السيرة الذاتية، له خصوصية وتميز.
· وأما الدكتور أحمد الخراط؛ فقد أثنى على الكتاب ثناءً رائعاً مبنىً ومعنىً، وإني أثبتُّه كما جاءني منه تماماً، يقول: «ويأتي كتاب أبي معاذ (بقايا ذاكرة) راصداً للقيم التي حملها هذا اليراع في تطوافه الدؤوب، وتأملاته البصيرة فيما عاشه مع رجالات وأحداث ومواقف، بدءاً من رحلته الأولى إلى جامعة القاهرة، وتبين لي في قراءة وثيقته أنه ذو نظرٍ نفَّاذٍ عميق فيما نظر إليه آخرون نظرة عبور، وإني على يقين أن ما يحمله حيدر في أغوار فكره من صفحات لم ينشرها بعد؛ لقادر على أن يقدم المزيد من البقايا التي تخفق بين جنبيه، وأسأل اللَّه له القبول في آخرته، كما كان مقبولاً في دنياه».
وإني إذ أشكره على هذا الثناء العاطر الذي أرجو أن أستحقه؛ أهنئه جداً على ما بلغه من البيان العالي، الموجز، المؤدي، الغني، وهو ما يؤكد لي صدق ما قلته عنه عدة مرات: إنه خليفة الأستاذ الجليل محمود محمد شاكر ؒ، الذي كان أعلم جيله بالعربية، وفارسها الأول.
وأخيراً لا بد لي من شكر الدكتور معاذ الغدير، الذي عكف معي على قراءة الكتاب بدقة وصبر، وهو ما جعلنا نقف على أخطاء وملاحظات هنا وهناك، وقع استدراكها.
حيدر الغدير
1441هـ - 2020م
-----------------
مقدمة الطبعة الأولى
ظل أخي وصديقي وابني الدكتور معاذ الغدير يلح عليَّ كثيراً بكتابة سيرة ذاتية لي، وكنت بين الإحجام والإقدام، بل كنت للإحجام أقرب، لأن الذين يكتبون سيرهم الذاتية هم صناع الأحداث والبارزون في مجتمعاتهم ولست منهم، وكنت أقول هذا للدكتور معاذ فيوافق، ولكنه ظل يؤكد باستمرار أني لست من صناع الأحداث، ولكني من المتابعين لها بدقة، وبذلك ينبغي لي أن أكتب، ففعلت.
وقد اخترت لهذه السيرة عنواناً مميزاً وهو «بقايا ذاكرة»، فالإنسان حين يودع السبعين ويبدأ الثمانين، تبدأ ذاكرته بالضعف، ولذلك فهي «بقايا ذاكرة» لا ذاكرة كما كانت عليه أيام الشباب.
وقد حاولت أن أعرض في هذه السيرة الوقائع المهمة في حياتي وهي قليلة، وحاولت - وهو الأهم - أن أعرض لتطوري الفكري والنفسي، وللمراجعات التي قمت بها، حياة، وسلوكاً، وفكراً، ونفساً، على ضوء الخطأ والصواب، ومتغيرات الظروف، وأنا إنسان مولع بالمراجعة الدائمة لنفسي، وتقويمها، والنظر في الظروف العامة التي تضع بصماتها علينا دائماً، بدرجة أو أخرى، والمراجعة والتقويم واختيار الأبدال من أمارات التوفيق والتجدد.
وقد حرصت أن أكون صادقاً أميناً فيما كتبت، وكنت أحياناً أقسو في هذا الذي كتبت على نفسي وعلى سواي، على أمل أن تقتل هذه القسوة فينا التجمد والعجز وإلف العادة، وتدفعنا إلى التجدد والفاعلية واستشراف آفاق جديدة.
وقد كنت منذ شبابي مولعاً بالتعرف إلى شخصيات لها أهميتها لأقترب منها – في حدود الممكن – فأتعلم منها، وقد وفقني اللَّه تعالى فاقتربت من أعلام، مروا بي في حياتي، أو بالأحرى مررت بهم في حياتهم مروراً طويلاً أو قصيراً، هم مستويات مختلفة: ثقافة، ومكانة وتأثيراً، واهتماماً، وسيرة، وكان لهذا المرور بصمات عليّ تختلف أهميتها، ونوعها، وقد استفدت من هؤلاء الأعلام، فكتبت عن ذلك.
ومما يجدر ذكره هنا أن في كتابي «صلاة في الحمراء» مجموعة من الأحاديث والقصص تنتمي إلى أدب السيرة الذاتية، فيها طرافة وتشويق، فمن أرادها فهي هناك.
ولكنني سمحت لنفسي أن أنقل منه إلى كتابي هذا المواد الآتية: «طه حسين وشجاعة الاعتذار»، و«محمود محمد شاكر شيخ العربية وفارس الفصحى»، و«رسالة إلى نجيب محفوظ»، و«شوقي ضيف أستاذي وأستاذ الأجيال»، ذلك أني رأيت فيها دروساً ثمينة جداً، ولعل القراء يجدون فيها ذلك.
وإذا وجد القراء الكرام أن هذه السيرة تختلف في كثير أو قليل مع ما ألفوه من السيرة الذاتية فلهم ذلك، ولي عذري في هذه المخالفة، فلا حرج في تنوع الأساليب أولاً، ثم إن سيرتي هذه هي سيرة عقل ونفس أكثر منها سيرة وقائع وأحداث.
وهكذا أردتها أن تكون.
يبقى علي أن أشكر كل من حثني على كتابة هذه السيرة، وأتوجه بمزيد من الشكر للدكتور معاذ الغدير الذي ظل يحثني على إنجازها، ويقرأ ما أكتبه منها، ويذكرني بما نسيته منها، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.
وعسى أن نلتقي في طبعة ثانية، تكون أحسن من أختها هذه، فإن تم ذلك فهو خير، وإلا ففيما أنجزته غناء، وحسبك من القلادة ما أحاط بالجيد، والحمد للَّه الذي بفضله تتم الصالحات.
حيدر الغدير
1439هـ - 2018م
---------------------------------
---------------------------------
المحتويات
(روابط قابلة للضغط)
مقدمة الطبعة الثانية ..................................................... 7
مقدمة الطبعة الأولى .................................................... 9
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق