الجمعة، 8 سبتمبر 2023

النصر والهزيمة بين الاعتزاز والانبهار

النصر والهزيمة بين الاعتزاز والانبهار

     الانبهار بالأعداء جرثومة تُفقِد الأمة مناعتها الذاتية، وقدرتها على النمو المستقل، تماماً كما يفقد الجسم مناعته وصحته حين تتسلل الجراثيم إلى داخله، وتتركه أسير الداء، ضعيفاً مهزولاً. والمقويات الخارجية التي تدعم أمة من الأمم تدل على أنها في حالة عجز يقارب الانهيار، تماماً كما تدل حاجة الجسم إلى المنشّطات والمقوّيات والتغذية الطبية الدائمة، أنه في حالة عجز يقارب الانهيار. والذين لا يملكون في ذواتهم إرادة الحياة المستعلية المتفوقة، لن يتمكنوا أن يظلوا دوماً على قيد الحياة من خلال الاعتماد على شتى الحقن الدائمة المستوردة من الآخرين، بحيث يعني انقطاعها عنهم، إصابتهم بالشلل والانهيار والدمار. وإذن فالمُعوّل على القوة الذاتية والإرادة المستقلة والتفوق النفسي.

     وعندما استقبل العرب المسلمون في عهد الفتوحات الأولى؛ أعداءهم من الفرس والروم، وهم أسبق منهم في العلم والصناعة والإدارة والثروة وما إلى ذلك من المادّيات لم يعاملوا أعداءهم هؤلاء على أساس الإعجاب بهم، والانبهار بالذي يملكون، لأن الذي يبدأ بالإعجاب والانبهار ينتهي بالاستسلام والهزيمة وعقد النقص المختلفة.

     بدأ المسلمون يتعاملون مع أعدائهم من خلال اعتزازهم بذاتهم، وشعورهم بنفاسة المهمة التي يحملون، وضخامة الدور الذي يؤدون، وإحساسهم أنهم رسل دين جديد ابتعثهم به الله عز وجل، لإخراج أعدائهم السابقين لهم في الماديات من ظلام الجاهلية إلى نور الإسلام، ومن عفن الحضارة الفاسدة إلى فجر الحضارة الجديدة المباركة.

    وقد احتقر رَبْعي بن عامر، وغيره من المسلمين الذين فاوضوا رستم في عرينه، مظاهر الترف المادي الذي غرق فيه القائد الفارسي المشهور، ولم يشعر أي مسلم بالإعجاب بالعدو نظراً لسبقه المادي، ولم يشعر أي مسلم بالخجل والنقص نظراً لتخلفه المادي والصناعي، لذلك انتصر المسلمون انتصاراً عزيزاً مؤزراً، لأن إرادتهم كانت متحررة، ونفوسهم كانت متفوقة، وشادوا على أنقاض الهالكين الخاسرين الذين كانوا سادة الأرض، حضارة حقيقية متفوقة، تعلي كرامة الإنسان إذ تطهره وتزكيه وتباركه بالإيمان. فلنبدأ اليوم بالاعتزاز بأنفسنا، واحترام تراثنا، والحرص على ذاتيتنا وأصالتنا، ولنوقن أننا متفوقون حضارياً في ظل مبادئنا الإسلامية، وأن تخلّفنا في الماديات تخلف موقوت، وعارض بوسعنا تجاوزه بالكفاح الدؤوب، وأول ما يعيننا على تجاوز هذا التخلف، إحساسنا بنفاسة دورنا في الحياة، وعظمة العقيدة التي ننتسب إليها، وتفوقنا الروحي الذي يمنحنا ثقة لا حد لها، وإرادة حية غلّابة. الأمم كلها حلت بها كوارث وهزائم، ومرّت بها عهود من الضعف، لكن الأمم الأصيلة ظلت قادرة على الدوام، على تحويل الهزيمة إلى نصر، والتخلف إلى تقدم. وأمتنا هي كذلك. لقد سقطنا عبر تاريخنا الإسلامي أكثر من مرة، ثم قمنا، وكان بإمكاننا دائماً أن ننهض، لأننا كنا نؤمن أنها كَبْوة فحسب، وأننا في جوهرنا المتفوّقون، ودربنا هو الصحيح وعقيدتنا هي السليمة. هكذا علّمنا ديننا، وتلكم من عبر تاريخنا.
*****

استمرار الحروب الصليبية

استمرار الحروب الصليبية

     إذا كانت الحروب الصليبية قد توقفت عام (690هـ/ 1291م) حين فتح الأشرف خليل قلاوون عكّا آخر معاقل الصليبيين المهمة في الشام، وفي خلال شهور أعقبت الفتح من العام نفسه، تمّت تصفية البقية القليلة من المدن الباقية بأيدي الصليبيين وهي صور وصيدا وحيفا وطرطوس وعتليت، فعادت جميع البلاد الشامية الساحلية إلى دار الإسلام، وإذا كانت صفحة الصليبيين الغربيين الذين غزوا بلاد الشام عام (490هـ/ 1097م) قد انطوت بعد قرنين من القتال الدامي، فإنه ليس معنى ذلك انتهاء قصة الحركة الصليبية التي قُدِّرَ لها أن تستمر بعد ذلك عسكرياً وفكرياً، في أصقاع شتى وبأساليب متباينة.

     إن تلك الحركة لم تتوقف، ذلك أن أوروبا بدأت بعد قليل كرةً أخرى في الأندلس، فلما تم استشهاد الأندلس تدافعت قوات أوروبا على الطريق الأفريقي بدون توقف، وتدفق الإسبان والبرتغال ومن بعدهم الهولنديون والإنكليز والفرنسيون ليضعوا أيديهم على مواقع كثيرة من بلدان المسلمين، وينزلوا بأهلها شتى ألوان القهر ردّاً لجميل المسلمين الذين أحسنوا إليهم، وقدّموا لهم نور العلم والحضارة في الأندلس وصقلية وغيرهما.

     وكان عام 1830م مؤشراً مخيفاً على بداية موجة جديدة من موجات التحرك الصليبي الجديد، وذلك حين بدأت فرنسا في غزو الجزائر، وامتدت المعركة إلى تونس فمصر والسودان، ومنذ ذلك الحين بدأت نتائج الغزو الفكري تظهر، وطلائع التبشير تعمل، وأخذت جوانب من خطة لويس التاسع ووصيته توضع موضع التنفيذ.

     ذلك أن قوات محمد علي باشا انسحبت من الشام عام 1840م، وأخذ الغرب يخطط لإقامة دولة تكون قاعدة له وشوكة في جنب المنطقة، فأخرج ما عرف فيما بعد بـ"لبنان الكبير"، ومن المعروف أن فتنة عام 1860م بين الموارنة والدروز تمت بتغذية القوى الغربية، فالفرنسيون كانوا يدعمون الموارنة، والإنكليز كانوا يدعمون الدروز، وحصلت فتنة دامية أدت إلى أن ينشأ كيان خاص في ظل الدولة العثمانية، وما زال هذا الكيان يدعّم اقتصادياً وعسكرياً وفكرياً حتى أخرجه الجنرال الفرنسي غورو الذي احتل سوريا ولبنان بعد الحرب العالمية الأولى، بصورته النهائية التي عرفت باسم "لبنان الكبير" يومذاك، وباسم "لبنان" فقط فيما بعد ذلك.
*****

دراسة وثيقة لويس التاسع

دراسة وثيقة لويس التاسع

     تدل دراسة وثيقة لويس التاسع عشر التي عكف على إعدادها بعد هزيمة حملته الصليبية على مصر، أن الغرب الصليبي قد تبين له من خلال مراجعة لويس التاسع لتجربة الحروب الصليبية عامة، وحربه هو منها خاصة، أن المعركة مع المسلمين يجب أن تبدأ أولاً من تزييف عقيدتهم الراسخة التي تحمل طابع الجهاد والمقاومة، والتي تدفع بالألوف منهم إلى ساحات الشهادة في سبيل الله دفاعاً عن الدين والعرض والوطن والحق.

     تلك هي بداية المعركة العنيفة الضروس التي نشبت بعد فترة الحروب الصليبية، ولقد حرصت تلك المعركة على تمييع مفهوم العقيدة عند المسلمين عامة، ومفهوم الجهاد خاصة، وامتصاص كل ما فيهما من قوة وبطولة، واستعلاء وإيمان، وذلك بوسائل كثيرة، منها التفرقة بين العقيدة والشريعة، ومنها تصوير الإسلام على أنه دين عبادي فقط كما هو الحال في المسيحية، ومنها فصل الدين عن الدولة، ومنها الزعم بأن الإسلام جاء لفترة وانتهى دوره.

     والهدف من ذلك أن يفقد المسلمون السر الخطير الكامن في أصالة عقيدتهم وجوهر دينهم، وهو سر الثقة والبطولة والاستعلاء، بحيث يصبحون قطعاناً من السائمة التي يسهل قيادها إلى حيث يشاء الأعداء، ومن هنا بدأت معارك التبشير والاستشراق والغزو الفكري والاحتواء.

     إن الضرورة تلزمنا بدراسة ذلك المنحنى الخطير الذي تحوّلت إليه علاقات الغرب مع عالم الإسلام، الذي جنّدت في أعقابه تلك المعارك العنيفة الضروس، التي أريد لها أن تكون بديلاً عن حروب الميدان القتالية، أو ردءاً لها ومقدمة وتمهيداً.

     ويمكن أن يصاغ الهدف من ذلك بدقة أنه: إيقاف توسع الإسلام أولاً، ومحاصرته ثانياً، واحتواؤه ثالثاً. ولقد حرص ذلك المخطط على استخدام مَنْ يمكن إغراؤهم من مسيحيي الشرق ومن المسلمين المضلَّلين، كما حرص على إنشاء قاعدة للغرب في قلب الشرق الإسلامي يتخذها الغرب نقطة ارتكاز ومركزاً لدعوته الدينية والسياسية، وقد عيّن لويس التاسع مكان تلك القاعدة في الأراضي الممتدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

     ولا ريب أن أولى دلالات وصية لويس التاسع بعد هزيمته في المنصورة هي انتهاء خطة، وبداية خطة جديدة، وقد تمثلت الخطة الجديدة بالغزو الفكري بشتى ألوانه وأساليبه، وهو المخطط الذي يستهدف دحر الإسلام فكراً؛ بعد العجز عن دحره أمةً، أو دحر هذه الأمة في معتقداتها بعد العجز عن دحرها في بلادها.
*****

وثيقة لويس التاسع

وثيقة لويس التاسع

     ظهرت في السنوات الأخيرة وثائق كثيرة كانت خافية على المسلمين والعرب، لها أثرها الكبير في مصائرهم ومقدراتهم، وبسببها يمكن تفسير كثير من الأحداث والنكبات التي حلّت بهم، ومن الوعي الدقيق بها يمكن اتخاذ كثير من المواقف الصادقة الصحيحة.

     من هذه الوثائق وثيقة تعود إلى أيام الحروب الصليبية المشهورة وهي وثيقة لويس التاسع. فبعد هزيمة لويس التاسع في المنصورة وجنوحه إلى التأمل في نتيجة خطته التي جرّت عليه الهزيمة والاعتقال في دار (ابن لقمان) بالمنصورة، كتب مذكرة خطية أشارت إليها مراجع عديدة من كتب التاريخ الفرنسي، وذكرها المؤرّخ "جوانفيل"، يحدد فيها الموقف من العالم الإسلامي بعد السنوات الطويلة من الحروب الصليبية. والمعروف أن لويس التاسع كان ملكاً على فرنسا، وكان شديد التدين، وكان هو قائد الحملة الصليبية الثامنة التي اتجهت إلى مصر، وانتهت بالهزيمة وأسر قائدها وسجنه.

     لقد أدرك لويس التاسع في وثيقته، وأشار فيها إلى إدراكه هذا، أنه لا سبيل إلى السيطرة على المسلمين عن طريق الحرب أو القوة، ذلك لأن في دينهم عاملاً حاسماً هو عامل المواجهة والمقاومة والجهاد وبذل النفس والدم في سبيل الله، دفاعاً عن الأرض والعرض والدين، وأكد الرجل أن مع وجود هذا المعنى عند المسلمين، من المستحيل أن تنجح السيطرة عليهم، لأنهم قادرون دوماً على المقاومة ودحر الغزو.

     وأكد الرجل أنه للسيطرة على المسلمين لا بد من إيجاد سبيل من شأنه أن يزيف مفهوم المقاومة والجهاد لدى المسلمين حتى يصبح مفهوماً باهتاً بحيث تسقط خطورته واندفاعته وقدرته على بث روح التحدي والبطولة. وقرر الرجل أن ذلك لا يتم إلا بتركيز واسع على الفكر الإسلامي لتحويله عن منطلقاته وأهدافه، بحيث يفقد المسلمون اعتزازهم بدينهم واستعلاءهم به، ويستسلمون أمام القوى الغربية، وتروّض أنفسهم على قبولها على نحو من أنحاء السيطرة أو التبعية أو الاحتواء أو الصداقة، أو ما شاكل ذلك.

     وتدل المعلومات المتوفرة عن طبيعة الصراع بين المسلمين وبين الغرب الصليبي أن وثيقة لويس التاسع وَجَدَتْ لدى قيادات ذلك الغرب آذاناً صاغية، بحيث إن كثيراً مما جرى بعد ذلك؛ يعد بشكل أو بآخر انتفاعاً منها واستجابة لها.
*****

مسرح الحروب الصليبية

مسرح الحروب الصليبية

     يظن الكثيرون أن الحروب الصليبية المشهورة في التاريخ هي تلك التي دارت في المشرق العربي في مصر والشام، وكان محورها الأساسي القدس فقط، وهذا خطأ بالغ.

     فالحروب الصليبية أوسع في الزمان والمكان من ذلك. فقد دارت تلك الحروب بصورة مماثلة في أثيوبيا طوال القرون الوسطى، إلا أن انغلاق أثيوبيا وعزلتها حجب تاريخ هذا الصراع عن العالم، كما أن هذه الحرب دارت كذلك بصورة مماثلة في الأندلس.

     وقد اختلفت النتائج في الساحات الثلاث. ففي الشام ومصر كان الانتصار الإسلامي كاسحاً، وفي الأندلس كان الانتصار المسيحي كاسحاً، وقد اتسم الانتصار الإسلامي بالعدل والرحمة وحفظ العهود والأخلاق النبيلة، واتصف الانتصار المسيحي بالعنف والقسوة ونقض العهود والتصفية التامة للمسلمين.

     أما الساحة الأثيوبية فقد كان الانتصار المسيحي فيها كبيراً لكنه لم يستطع أن يصفي المسلمين قط، بل إنهم حتى ساعتنا هذه هم الأغلبية في سكان أثيوبيا.

     وفي أواخر القرن الماضي حقق الإمبراطور "منيلك الثاني" بمساعدة دول أوربا انتصارات ضخمة على عدد من الإمارات الإسلامية وأهمها إمارة الجالا. وبعد منيلك أتى الإمبراطور "أياسو" وكان هذا الرجل سليل أسرة إسلامية عريقة. وحين تبوّأ العرش عام 1917 أظهر أنه ملك مسلم وابن ملك مسلم ومن شعب الجالا. وأظهر تعاونه مع الدولة العثمانية بصفتها دولة الخلافة الإسلامية يومذاك، إلا أن القوى المسيحية استطاعت بقيادة هيلاسلاسي أن تقضي على أياسو. وعندها بدأ عهد هيلاسلاسي الذي دام نصف قرن من الزمن.

     ولقد حورب المسلمون الأثيوبيون حرباً قاسية جداً، قتلاً وحرقاً، ونفياً وإبعاداً، وتجهيلاً وتجويعاً، وتفريقاً ومصادرةً، وما إلى ذلك من الوسائل غير الأخلاقية التي تصل إلى تسميم مياه الشرب في الأقاليم الإسلامية، وترك المسلمين تحصدهم المجاعات والأوبئة أحياناً، وتعمُّد نشر هذه الأوبئة من قبل السلطة نفسها في بعض الأحيان الأخرى في مناطق المسلمين للتقليل منهم.

     وإذن فهي حرب صليبية ضروس، نشبت منذ قرون، واستمرت إلى يومنا الحاضر بين المسلمين والصليبيين على مسرح الأرض الأثيوبية، وما زالت.
*****

الخميس، 7 سبتمبر 2023

الصليبية والشباب المسلم

الصليبية والشباب المسلم

     كلما ضاعفت الصليبية العالمية تحركاتها في ميدان التبشير، وكلما ركزت بوسائلها المادية المختلفة على الشباب المسلم بغية تضليله والسيطرة عليه، وتشكیكه بصحة دينه، ومحاولة صرفه عن تعاليم نبيه محمد ﷺ.. كلما فعلت ذلك وظنت أنها قطعت شوطاً في هذا المجال برزت للوجود معجزة إلهية وهدمت ما بنته يد الإنسان الفاجر المتاجر بدينه المنسوخ، وعقيدته المنحرفة.

     تتجدد بين الحين والآخر معجزة الله تعالى لا لتجرد عقيدة الصليب المستحدثة من هالة العظمة والقدسية والعصمة التي ادعتها لنفسها فحسب، بل لتشهد بطلان كل خلط عقائدي يتعارض مع فطرة التوحيد والملة الحنيفية، وبذلك تنكشف الحجب، وترتفع الأستار، وتسقط الأقنعة، وتفتضح أسرار كل ترکيبة عقائدية صاغها الإنسان بیده، ونسبها زوراً وبهتاناً لبارئه. {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءًۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} (الرعد:17).

     ومن أجمل ما قرأت في دحض الوثائق التاريخية لبدعة الصليب وملة التثليث ما جاء في مجلة "بلانيتا" التي تصدر باللغة البرتغالية في سان باولو، والتي تهتم بالتحقيقات العلمية ومعرفة الآثار، ورغم أن جميع المسؤولين فيها من النصارى، فقد جاء في عددها رقم (86) الصادر في شباط 1978م، صفحة (92) مقالاً بعنوان: "هل العهد الجديد صحيح؟". جاء في المقال ما نصه:

     "اكتشف أحد الرعاة عام 1927م، في إحدى مغائر الأردن بعض الجرار الطويلة العنق، وبداخلها بعض المخطوطات، والملفات المخطوطة، والتي يعود تاريخ بعضها لما قبل المسيح، والبعض الآخر لما بعده. وتم لعلماء الآثار استلامها ودراسة فحواها. إلا أن هذه الملفات –التي عُرفت فيما بعد بملفات البحر الميت– قد أدت ثورة فكرية في تعاليم الإنجيل، وخاصة فيما يتعلق بالعهد الجديد.

     وقد قامت لجنة من الاختصاصيين بدراسة هذه الملفات يتقدمهم العالم الشهير "جون ماركو إليكدور" الذي أخذ يعتقد من خلال ما اكتشفه في هذه المخطوطات أن المسيح عليه السلام لم يمت مصلوباً".

     وأضافت المقالة أيضاً: "إن هذه الملفات لم يُنشر جميع فحواها بعدُ لأن ما ثبت فيها يشكل خطراً على الديانة المسيحية". وتنهي المجلة مقالها: بـ"أن هذه الملفات تثبت براءة المسيح من عقيدة الصليب لأن عقيدة الصليب –والتثليث– جاءت متأخرة جداً بعد المسيحية".

     وليس من تعليق على هذا إلا أن یشكر المسلمون ربهم عز وجل أنْ منَّ عليهم بقرآن کریم منزل من فوق سبع سماوات فيه نبأ مَن قبلهم، وخبر مَن بعدهم، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حميد، يتلونه آناء الليل وأطراف النهار، قوله تعالى: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (الشورى:24)، وقوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (فصلت:53).
*****

ادعاءات باطلة حول المحرقة

ادعاءات باطلة حول المحرقة

     نشرت مجلة "ثندر بولت" إحدى الصحف الأمريكية المستقلة حقائق جديدة مثيرة، كشفت فيها الادعاءات الصهيونية الباطلة حول مقتل ستة ملايين يهودي إبان الحرب العالمية الثانية على يد النازية في ألمانيا وأوربا. ففي عددها الصادر في نيسان من عام 1978م قالت المجلة تحت عنوان بالخط العريض: "براهين أخرى على زيف الدعوة اليهودية":

     إنه منذ عام 1949م، والإدارات الأمريكية الاتحادية المتعاقبة على الحكم في البيت الأبيض تهمل إلقاء ضوء على الظلام الذي أسدله الصهاينة واليهود في ادعاءاتهم الباطلة إزاء ما يسمّونه "الاضطهاد النازي لليهود" إبان الحرب العالمية الثانية.

     ولم يتجرأ الألمان على منح تفويض لأي مسؤول محايد لاستقصاء الحقائق التاريخية كما أنهم لم يعطوا الحرية المطلقة لأي واحد من العلماء الألمان من أجل وضع النقاط على الحروف إزاء الدعايات اليهودية الباطلة ضد النازية وزعمائها.

     ومضت المجلة الأمريكية تقول نقلاً عن أحد المصادر الألمانية السياسية المطلعة بأنه حسب تقدير ومعرفة أحد مأموري التسجيل الخاص الذي عهد إليه بجمع المعلومات عن ضحايا معسكرات التجمع والاعتقال التي أقامتها ألمانيا لليهود، فقد صرح هذا المأمور بقوله: إنه لم يجد حالة واحدة من هؤلاء الضحايا اليهود قد أُعدِمت في أفران الغاز التي يدّعيها اليهود زوراً وبهتاناً.

     وكان مأمور التسجيل هذا قد انتهى من جمع هذه المعلومات في مدينة "أرولسين" الألمانية في نهاية ديسمبر من عام 1976م، لهذا تعتبر معلوماته ذات صفة جديدة، ومن أهم ما كُشِف عنه مؤخراً إزاء ادعاءات الصهيونية العالمية، مما جعل تلك الادعاءات باطلة، ولا صحة لها مطلقاً.

     وأضافت مجلة "ثندر بولت" في كشفها لادعاءات اليهود الباطلة حول مقتل ستة ملايين منهم تقول: لقد أصبح مما لا يدع مجالاً للشك أن اليهودية والصهيونية العالمية قصدت تحقيق غايات وأهداف معينة من إطلاقهم لمثل هذه الادعاءات، وإن أهم تلك الأهداف كسب عطف الرأي العام العالمي لإقامة كيان يهودي في فلسطين من جهة، وإجبار ألمانيا على دفع تعويضات باهظة لليهود من جهة أخرى.
*****

بطلان الدعاية اليهودية

بطلان الدعاية اليهودية

     تقول مجلة "ثندر بولت" الأمريكية في متابعتها كشف بطلان الدعاية اليهودية:

     إن إلقاء نظرة بسيطة على زيادة ونمو السكان اليهود في فلسطين أو ما يُسمى بإسرائيل في الوقت الحاضر، يُظهِر بوضوح خرافة رقم "الستة ملايين ضحية"، ويعطي برهاناً لا جدال فيه أن مثل هذا الادعاء عارٍ عن الصحة، ولا أساس له على الإطلاق.

     فمنذ عام 1933م أخذت الهجرة اليهودية بمئات الألوف تتدفق على هذه الأرض العربية التاريخية المقدسة، وأخذ عدد السكان اليهود يزداد يوماً بعد يوم. ومعظم هؤلاء اليهود هاجروا بالدرجة الأولى من أقطار أوربا الغربية والشرقية على السواء.

     وبعد دراسة بالأرقام عن أعداد اليهود في البلدان التي هاجروا منها، وعن الجاليات اليهودية المهاجرة إلى فلسطين وأصولها التي ترجع إليها، وملاحظة أن معظمها قدمت من روسيا وأوربا الشرقية، انتهت المجلة إلى رفض دعوى اليهود، بأنهم فقدوا في الحرب العالمية الثانية ستة ملايين يهودي على أيدي النازيين.

     وأكدت المجلة بالحقائق التاريخية أن معظم ضحايا اليهود إبان الحرب العالمية الثانية كانوا من يهود بولندا، وأن الذين سقطوا قتلى، إنما سقطوا على أيدي الروس حين اجتاحت قواتهم بولندا لطرد الألمان منها. كما أكدت المجلة أن عدد اليهود في بولندا كان كثيفاً جداً، وأنهم أنشؤوا فرقاً عسكرية خاصة بهم كانت تحارب إلى جانب البولنديين ضد الغزو الألماني والروسي أيضاً، لذلك كان عدد ضحاياهم أضعاف العدد الذي سقط على يد النازية الألمانية.

     ذلك أن ألمانيا لم تقتل ربع اليهود الذين قُتِلوا نتيجة المعارك الحربية، شأنهم شأن باقي سكان أقطار أوربا الآخرين الذين كانوا من جملة من سقط في أثناء تحرك روسيا لغزو شرقي أوربا، وبولندا بوجه خاص، لذلك فجميع من قُتِل من اليهود لا يتجاوز 600 ألف فقط، لكن الدعايات اليهودية أضافت عدة أصفار لا قيمة لها حسابياً لولا الرقم 6 الذي يقع شمال تلك الأصفار ليحولها إلى رقم هائل خيالي هو ستة ملايين، وهذا من صنع وفبركة العقل اليهودي، وكلما ازداد هذا الرقم ارتفاعاً؛ حصل اليهود على المزيد من بلايين الماركات الألمانية.
*****

فرية الملايين الستة

فرية الملايين الستة

     تقول مجلة "ثندر بولت" الأمريكية وهي تناقش في مقال جريء، فرية الملايين الستة الذين قُتِلوا على أيدي النازيين:

     إن الادعاءات اليهودية الكاذبة قد وضعت ألمانيا اليوم موضع المتهم الذي اقترف جريمة، ولا بد أن يدفع ثمن تلك الجريمة. وإن مثل هذا الموقف الألماني اليوم يلقي ضوءاً على الغد، وإن المستقبل يتوقف إلى حد كبير على الشعب الألماني، وخاصة الجيل المقبل الذي أوشك أن يتسلم زمام الأمور والسلطة، وتسيير دفة السياسة الألمانية وتخطيطها، وعليه تدور علامة استفهام غامضة؟

     فهل سيظل هذا الجيل المقبل ملتزماً بدفع هذه التعويضات الألمانية لإسرائيل، أم أنه سيعتبرها كفراً، ومن ثم يوقفها ويبطلها، ويعتبر أن المسؤولين الألمان السابقين مطايا للصهيونية وإسرائيل، ويصفهم بالذل والخنوع لليهود، وخاصة بعد أن كشفت الحقائق زيف هذا الباطل الذي كانوا يدّعون به؟ وكذلك يعتبر أن دفع التعويضات كان إثماً لأنها كانت جائرة بحق الشعب الألماني، مع أن تلك التعويضات لا تُدفع ماركات ألمانية، ومساعداتٍ اقتصادية وعسكرية فقط، بل تُدفع أيضاً تأييداً سياسياً وأدبياً لإسرائيل.

     ثم استدركت المجلة تقول: إننا نشك أن الجيل المقبل لألمانيا سيلتزم بدفع هذه التعويضات، والمستقبل سوف يكشف ذلك. إننا نعلم إزاء كشفنا لهذه الحقائق أننا قد انتهكنا إحدى المحرمات التي يُحظر التعرض إليها أو مسّها من قريب أو بعيد في وقتنا هذا. ففي الأزمنة السابقة كان يتهم بالإلحاد والكفر كل من يشك في أن الأرض منبسطة وليست كروية، أما في عصرنا هذا الذي يُعتبر عصر النور والازدهار والحضارة والعلم والتقدم [هكذا وصفت المجلة عصرنا هذا] فإننا قد اخترقنا حاجز المحرمات لنكشف عن الحقيقة، تلك المحرمات التي من صنع الدعاية الصهيونية واليهودية العالمية، وسوف نطرق كل أبواب المحرمات هذه، إنصافاً للحقيقة والتاريخ.
*****

حقائق عن ضحايا اليهود في فلسطين

حقائق عن ضحايا اليهود في فلسطين

     تقرر المجلة الأمريكية "ثندر بولت" أن الوقائع والحقائق التي كُشِفت مؤخراً عن ضحايا اليهود في ألمانيا النازية أيام الحرب العالمية الثانية، تدل على أن الرقم الذي يزعمه اليهود وهو ستة ملايين، رقم خيالي ومبالغ فيه جداً، وأن الضحايا لم يصل عددهم إلى عُشْرِ الرقم الذي يدّعيه اليهود، وتُقرر المجلة أن اليهود استفادوا من ظروف كثيرة في تثبيت أكذوبتهم الكبيرة، ومن بين هذه الظروف أن العلماء والدارسين لم يجرؤوا على دراسة الوقائع وكشف الحقائق خوفاً من أن يُتّهموا بالنازية أو بأنهم موالون لها.

     ورغم ما ذكرته الدعايات اليهودية عن مقتل هؤلاء اليهود؛ فإن ثمة سؤالاً يفرض نفسه بقوة في هذا المضمار وهو: لماذا قتلت ألمانيا النازية هؤلاء اليهود!؟ وهل هناك جريمة تقع على أي مستوى دون أن يكون هناك سبب مبرر لوقوعها!؟

     تقول المجلة: إننا نريد أن نوجه هذا السؤال لليهود: فهل هم على استعداد للجواب عليه بالحق والواقع؟ واستدركت المجلة تقول: إننا نشك في ذلك، فحتى لو قدم اليهود جواباً فسوف يكون تحريفاً وتشويهاً وزوراً وبهتاناً، وبعيداً كل البعد عن الحقيقة والواقع لأنهم عوّدونا على دعاياتهم الزائفة وأقاويلهم الباطلة التي لا يمكن لأي مدرك وعاقل استيعابها أو تصديقها.

     وتقول المجلة في تفسيرها لسبب مقتل اليهود الذين يزعم الصهاينة أن عددهم ستة ملايين والحقيقة أنهم لا يصلون إلى عُشْرِ هذا الرقم: إن اليهود والصهاينة سوف يشعرون بالعار إذا عرف العالم سبب مقتل هؤلاء على أيدي النازية الهتلرية، لقد كانوا ينعمون بخيرات ألمانيا، ويجمعون ثروات طائلة من وراء تجارتهم وأعمالهم، ثم نقلوا تلك الأموال إلى إنكلترا، وعملوا على التجسس لصالحها ضد ألمانيا، فخانوا العهد، وتنكروا للبلد العريق الذي آواهم زمناً طويلاً، وانكبوا يعملون ضده سراً وعلانية، الأمر الذي أدى إلى قتل أنفسهم بأنفسهم، وهذا شأنهم في كل زمان ومكان من تاريخهم، فأينما حلوا في بلد، عملوا فيه فتنة وفساداً.
*****

الأكثر مشاهدة