الخميس، 7 سبتمبر 2023

بطلان الدعاية اليهودية

بطلان الدعاية اليهودية

     تقول مجلة "ثندر بولت" الأمريكية في متابعتها كشف بطلان الدعاية اليهودية:

     إن إلقاء نظرة بسيطة على زيادة ونمو السكان اليهود في فلسطين أو ما يُسمى بإسرائيل في الوقت الحاضر، يُظهِر بوضوح خرافة رقم "الستة ملايين ضحية"، ويعطي برهاناً لا جدال فيه أن مثل هذا الادعاء عارٍ عن الصحة، ولا أساس له على الإطلاق.

     فمنذ عام 1933م أخذت الهجرة اليهودية بمئات الألوف تتدفق على هذه الأرض العربية التاريخية المقدسة، وأخذ عدد السكان اليهود يزداد يوماً بعد يوم. ومعظم هؤلاء اليهود هاجروا بالدرجة الأولى من أقطار أوربا الغربية والشرقية على السواء.

     وبعد دراسة بالأرقام عن أعداد اليهود في البلدان التي هاجروا منها، وعن الجاليات اليهودية المهاجرة إلى فلسطين وأصولها التي ترجع إليها، وملاحظة أن معظمها قدمت من روسيا وأوربا الشرقية، انتهت المجلة إلى رفض دعوى اليهود، بأنهم فقدوا في الحرب العالمية الثانية ستة ملايين يهودي على أيدي النازيين.

     وأكدت المجلة بالحقائق التاريخية أن معظم ضحايا اليهود إبان الحرب العالمية الثانية كانوا من يهود بولندا، وأن الذين سقطوا قتلى، إنما سقطوا على أيدي الروس حين اجتاحت قواتهم بولندا لطرد الألمان منها. كما أكدت المجلة أن عدد اليهود في بولندا كان كثيفاً جداً، وأنهم أنشؤوا فرقاً عسكرية خاصة بهم كانت تحارب إلى جانب البولنديين ضد الغزو الألماني والروسي أيضاً، لذلك كان عدد ضحاياهم أضعاف العدد الذي سقط على يد النازية الألمانية.

     ذلك أن ألمانيا لم تقتل ربع اليهود الذين قُتِلوا نتيجة المعارك الحربية، شأنهم شأن باقي سكان أقطار أوربا الآخرين الذين كانوا من جملة من سقط في أثناء تحرك روسيا لغزو شرقي أوربا، وبولندا بوجه خاص، لذلك فجميع من قُتِل من اليهود لا يتجاوز 600 ألف فقط، لكن الدعايات اليهودية أضافت عدة أصفار لا قيمة لها حسابياً لولا الرقم 6 الذي يقع شمال تلك الأصفار ليحولها إلى رقم هائل خيالي هو ستة ملايين، وهذا من صنع وفبركة العقل اليهودي، وكلما ازداد هذا الرقم ارتفاعاً؛ حصل اليهود على المزيد من بلايين الماركات الألمانية.
*****

فرية الملايين الستة

فرية الملايين الستة

     تقول مجلة "ثندر بولت" الأمريكية وهي تناقش في مقال جريء، فرية الملايين الستة الذين قُتِلوا على أيدي النازيين:

     إن الادعاءات اليهودية الكاذبة قد وضعت ألمانيا اليوم موضع المتهم الذي اقترف جريمة، ولا بد أن يدفع ثمن تلك الجريمة. وإن مثل هذا الموقف الألماني اليوم يلقي ضوءاً على الغد، وإن المستقبل يتوقف إلى حد كبير على الشعب الألماني، وخاصة الجيل المقبل الذي أوشك أن يتسلم زمام الأمور والسلطة، وتسيير دفة السياسة الألمانية وتخطيطها، وعليه تدور علامة استفهام غامضة؟

     فهل سيظل هذا الجيل المقبل ملتزماً بدفع هذه التعويضات الألمانية لإسرائيل، أم أنه سيعتبرها كفراً، ومن ثم يوقفها ويبطلها، ويعتبر أن المسؤولين الألمان السابقين مطايا للصهيونية وإسرائيل، ويصفهم بالذل والخنوع لليهود، وخاصة بعد أن كشفت الحقائق زيف هذا الباطل الذي كانوا يدّعون به؟ وكذلك يعتبر أن دفع التعويضات كان إثماً لأنها كانت جائرة بحق الشعب الألماني، مع أن تلك التعويضات لا تُدفع ماركات ألمانية، ومساعداتٍ اقتصادية وعسكرية فقط، بل تُدفع أيضاً تأييداً سياسياً وأدبياً لإسرائيل.

     ثم استدركت المجلة تقول: إننا نشك أن الجيل المقبل لألمانيا سيلتزم بدفع هذه التعويضات، والمستقبل سوف يكشف ذلك. إننا نعلم إزاء كشفنا لهذه الحقائق أننا قد انتهكنا إحدى المحرمات التي يُحظر التعرض إليها أو مسّها من قريب أو بعيد في وقتنا هذا. ففي الأزمنة السابقة كان يتهم بالإلحاد والكفر كل من يشك في أن الأرض منبسطة وليست كروية، أما في عصرنا هذا الذي يُعتبر عصر النور والازدهار والحضارة والعلم والتقدم [هكذا وصفت المجلة عصرنا هذا] فإننا قد اخترقنا حاجز المحرمات لنكشف عن الحقيقة، تلك المحرمات التي من صنع الدعاية الصهيونية واليهودية العالمية، وسوف نطرق كل أبواب المحرمات هذه، إنصافاً للحقيقة والتاريخ.
*****

حقائق عن ضحايا اليهود في فلسطين

حقائق عن ضحايا اليهود في فلسطين

     تقرر المجلة الأمريكية "ثندر بولت" أن الوقائع والحقائق التي كُشِفت مؤخراً عن ضحايا اليهود في ألمانيا النازية أيام الحرب العالمية الثانية، تدل على أن الرقم الذي يزعمه اليهود وهو ستة ملايين، رقم خيالي ومبالغ فيه جداً، وأن الضحايا لم يصل عددهم إلى عُشْرِ الرقم الذي يدّعيه اليهود، وتُقرر المجلة أن اليهود استفادوا من ظروف كثيرة في تثبيت أكذوبتهم الكبيرة، ومن بين هذه الظروف أن العلماء والدارسين لم يجرؤوا على دراسة الوقائع وكشف الحقائق خوفاً من أن يُتّهموا بالنازية أو بأنهم موالون لها.

     ورغم ما ذكرته الدعايات اليهودية عن مقتل هؤلاء اليهود؛ فإن ثمة سؤالاً يفرض نفسه بقوة في هذا المضمار وهو: لماذا قتلت ألمانيا النازية هؤلاء اليهود!؟ وهل هناك جريمة تقع على أي مستوى دون أن يكون هناك سبب مبرر لوقوعها!؟

     تقول المجلة: إننا نريد أن نوجه هذا السؤال لليهود: فهل هم على استعداد للجواب عليه بالحق والواقع؟ واستدركت المجلة تقول: إننا نشك في ذلك، فحتى لو قدم اليهود جواباً فسوف يكون تحريفاً وتشويهاً وزوراً وبهتاناً، وبعيداً كل البعد عن الحقيقة والواقع لأنهم عوّدونا على دعاياتهم الزائفة وأقاويلهم الباطلة التي لا يمكن لأي مدرك وعاقل استيعابها أو تصديقها.

     وتقول المجلة في تفسيرها لسبب مقتل اليهود الذين يزعم الصهاينة أن عددهم ستة ملايين والحقيقة أنهم لا يصلون إلى عُشْرِ هذا الرقم: إن اليهود والصهاينة سوف يشعرون بالعار إذا عرف العالم سبب مقتل هؤلاء على أيدي النازية الهتلرية، لقد كانوا ينعمون بخيرات ألمانيا، ويجمعون ثروات طائلة من وراء تجارتهم وأعمالهم، ثم نقلوا تلك الأموال إلى إنكلترا، وعملوا على التجسس لصالحها ضد ألمانيا، فخانوا العهد، وتنكروا للبلد العريق الذي آواهم زمناً طويلاً، وانكبوا يعملون ضده سراً وعلانية، الأمر الذي أدى إلى قتل أنفسهم بأنفسهم، وهذا شأنهم في كل زمان ومكان من تاريخهم، فأينما حلوا في بلد، عملوا فيه فتنة وفساداً.
*****

أطماع اليهود تتجاوز فلسطين

أطماع اليهود تتجاوز فلسطين

     حين كان المسلمون الواعون ينبهون أمتهم العربية والإسلامية إلى أن أطماع اليهود لن تقف عند حدود فلسطين أو سيناء أو حتى الجولان والنيل والفرات، كان الناس يتهمونهم بالخيالية والتشاؤم الزائد.

     وحين كانوا يقولون: إن الإسلام هو الهدف الأكبر لمؤامرات اليهود وأشياعهم، وأن كل أرض له هي هدف اعتدائهم ومكرهم انطلاقاً من قوله عز وجل: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} (البقرة:217)، كان كثير من الناس يصمّون آذانهم ويرون هذه التحذيرات خيال واهم، ومخاوف جبان.

     ولكن الأيام أثبتت أن ما كان وما زال يقوله المسلمون الواعون إنما هو حقيقة لا مراء فيها، وهذه بعض النذر التي تؤكد ذلك:

     النذير الأول: ما نقلته الأنباء عن قيام حركة تسمّى "أرض إسرائيل"، وهي تنادي بإسرائيل الكبرى، وتوزع بطاقة بمناسبة الأعياد اليهودية تحمل خريطة للوطن العربي، وتحته عبارة: "إسرائيل المحتلة"، ولا تستثني هذه العبارة أي جزء من الوطن العربي في المشرق كله دون استثناء.

     النذير الثاني: ما تناقلته الأنباء عن صحيفة جديدة في إسرائيل تحمل اسم "خيبر"، وهي إحدى معاقل اليهود في الحجاز في صدر الدعوة الإسلامية، وقد جعلوا منها مكاناً لمؤامراتهم ومكرهم وكيدهم ضد الإسلام والمسلمين، فغزاهم الرسول الكريم ﷺ فيها وهزمهم وهزيمة منكرة، فلما كان عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أجلاهم عنها نهائياً.

     النذير الثالث: ما تناقلته الأنباء من أن مدير الموازنة في إسرائيل قال وهو يرد على سؤال لأحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي في أثناء مناقشته الموازنة السنوية لإسرائيل في 18/1/1978م: إنني لأشعر بالألم يعتصر قلبي، وأنا أرى موازنة إسرائيل تعتمد كلياً على المساعدات الأجنبية من أصدقاء إسرائيل في الوقت الذي تتعرض فيه ثروات بني إسرائيل للنهب من قِبل العرب.

     ولا نخال هذا اليهودي الخبيث إلا وهو يعني نفط العرب والمسلمين، ومعادنهم وثرواتهم الأخرى.
*****

تضحيات المسلمين لاستعادة فلسطين

تضحيات المسلمين لاستعادة فلسطين

     إن إسرائيل تواجه ضائقة اقتصادية ومالية كبيرة.. نسبة التضخم فيها تزيد على 30%، والعجز في ميزان مدفوعاتها يزيد على (1,8) مليار دولار، ولكنّ هذا لم يمنعها من تخصيص ثلث ميزانيتها الجديدة للنفقات العسكرية، لاستيراد أحدث الأسلحة الأمريكية وصناعة الطائرات والدبابات والمدافع والصواريخ محلياً.

     لقد قدم المسلمون التضحيات بلا حساب من أجل استعادة أرضهم السليبة، وهم على استعداد لتقديم المزيد.. ولكن ليس من أجل توجيه تضحياتهم وإمكاناتهم لتخفيف حجم الضائقة الاقتصادية على إسرائيل بتخفيف قيود المقاطعة العربية يوماً بعد يوم، هم على استعداد لتقديم المزيد.. ولكن ليس من أجل سلام يأباه الإسلام والمسلمون لما فيه من مهانة ومذلة وتخلٍّ فاضح عن الحق الثابت على مر التاريخ وإلى قيام الساعة.. وتأباه إسرائيل نفسها لأنه لا يحقق كل المطامع الصهيونية التوسعية والعدوانية في أرضنا، وإن كان يحقق أكثر مما كانت تصبو إليه قبل سنوات معدودة.

     هم على استعداد لتقديم المزيد.. يوم تعلن الحكومات العربية من جديد الموقف الوحيد الذي يرضى به الإسلام والمسلمون، يوم ترتفع بقضية فلسطين إلى مستواها الحقيقي، فلا تجعل منها مسألة حدود وأمن، ولا مسألة مفاوضات مباشرة في المنطقة أو في جنيف، ولا مسألة تحرير جزئي بالوسائل الدبلوماسية والسياسية، ولا مسألة استرجاع لأرض مغتصبة مقابل التخلي عن أرض مغتصبة أخرى.. يوم ترتفع الحكومات العربية بنفسها إلى مستوى القضية، يوم تنطلق من منطلق الإسلام في تسيير أمورها وحكم شعوبها، وتعلن قضية فلسطين قضية الإسلام والمسلمين جميعاً، قضية التحرير الكامل واستعادة الحق السليب، وتبادر إلى الجهاد بكل طاقات الأمة وإمكاناتها.. يوم يكون ذلك، سيكون النصر بإذن الله ويكون الفوز المبين.
*****

أصوات حرة تؤيد حقنا في فلسطين

أصوات حرة تؤيد حقنا في فلسطين

     لا يخطئ المرء أن يجد بين الحين والآخر أصواتاً حرة تظهر حتى في أشد البيئات تعصباً ضد حقنا في فلسطين، وأكثرها وقوعاً تحت وطأة النفوذ الإعلامي اليهودي، تصدع هذه الأصوات الحرة بالحق، وتقف في وجه الباطل، لتستحق بذلك منا العون والشكر والتأييد.

     وفي إطار عنايتنا بذلك، نلتقي بمقال نشرته مجلة "ثندر بولت" في أمريكا، يكشف حقائق جديدة، ويفضح زيف جانب مهم من دعاية اليهود. تقرر المجلة في مقالها المشار إليه أن اليهود اخترعوا أكذوبة مقتل ستة ملايين منهم على أيدي النازية الألمانية لأهداف دعائية يستدرّون بها عطف الناس، ولأهداف مالية حيث يبتزّون من الألمان بلايين الماركات بحجة التعويض عن ملايينهم الستة، يضاف إلى ذلك حصولهم على مساعدات اقتصادية أخرى، وأعتدة حربية، وتأييد سياسي في المحافل الدولية.

     ولا ريب أن الصهيونية نجحت في تحقيق كثير من آمالها في هذا الجانب بسبب دعايتها المستمرة المركزة الفعالة –والكاذبة أيضاً– حول مقتل ستة ملايين يهودي إبان الحرب العالمية الثانية على أيدي هتلر وجماعته.

     تقول المجلة: إن دفع ألمانيا لهذه التعويضات مباشرة إلى إسرائيل يعتمد إلى حد كبير على رقم الضحايا الذي يدّعيه اليهود، فكلما ازداد هذا الرقم ازدادت أموال تلك التعويضات، ولهذا فقد كانوا على حنكة سياسية بارعة إذ إنهم وضعوا رقم ستة ملايين من أول وهلة، وأعقبوا ذلك بدعاية واسعة ومنظمة، شملت العالم بأسره.

     فقد سخّروا جميع الصحف ووسائل الإعلام –وخاصة في أمريكا– للدعاية لهم وتكرار هذا الرقم ليرسخ في أذهان الرأي العام في أمريكا خاصة. وقد استطاعوا أن ينجحوا في إرساء قواعد لدعايتهم هذه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م حتى وقتنا هذا دون أن ينبري إنسان لكشف زيف دعايتهم هذه، ذلك أنهم استغلوا ظروف ما بعد الحرب والفوضى التي أعقبتها وانشغال الحلفاء في تثبيت احتلالهم لألمانيا –مما هيأ ظروفاً مناسبة وأرضاً خصبة – لزرع بذور تلك الدعاية.
*****

حقنا الديني والتاريخي في فلسطين

حقنا الديني والتاريخي في فلسطين

     إن حقنا التاريخي الديني نحن -العرب المسلمين- في فلسطين حق ثابت، مسطور في وجه التاريخ لا يعمى عنه إلا فاقد الوجدان، فاقد البصر والبصيرة، منقوش على أعمدة المساجد وأهلّة المآذن، في كل مدينة وقرية، محفوظ في التلال والجبال، في أشجار الزيتون والبرتقال، كامن مع الأنبياء والصالحين تحت تراب فلسطين، مكتوب بدماء الشهداء والجرحى في طريق الجهاد من أجل فلسطين.

     ولقد كان من هؤلاء الشهداء والجرحى من قاتل تحت راية فاتح فلسطين، أو جاهد تحت راية محرر فلسطين، ولكن منهم أيضاً (25) ألف شهيد وجريح من العثمانيين المسلمين الذين استشهدوا وجُرحوا في معركة واحدة من معارك فلسطين، دفاعاً عن مدينة واحدة من مدن فلسطين، إنها المعركة التي دارت رحاها حول مدينة القدس الطاهرة، ودخل فيها العرب إلى جانب البريطانيين بعد (13) يوماً فقط من حصول اليهود على وعد بلفور فلسطين، وقبل أن يعلن ليعلم به الثائرون ضد العثمانيين، المقاتلون من حيث يعلمون أو لا يعلمون تحت نفس الراية التي حملها الماسونيون في جمعية الاتحاد والترقي لخلع السلطان عبد الحميد الثاني، بعد أن كان السلطان عبد الحميد الثاني السدّ الأخير في وجه تسرب اليهود إلى فلسطين، يسجّل له مواقفه مؤسس الصهيونية "هرتزل" في يومياته، إذ كان من أجوبته له على عروضه المالية:

     "إني لست مستعداً أن أتخلى عن شبر واحد من هذه البلاد لتذهب إلى الغير، فالبلاد ليست ملكي، بل هي ملك لشعبي، وشعبي روّى تربتها بدمائه، فليحتفظ اليهود بملايينهم من الذهب". "إن عمل المبضع في بدني لأهون عليّ من أن أرى فلسطين قد بُتِرت من إمبراطوريتي".

     وبعد هذا الموقف بنصف قرن من الزمن يقف شهيد معركة القسطل "عبد القادر الحسيني" أمام اللجنة العسكرية لجامعة الدول العربية في دمشق ويقول:

     "سيسجّل التاريخ أنّكم أضعتم فلسطين، سأحتل القسطل، وسأموت أنا وجميع إخواني المجاهدين"... ويلتفت إلى رفيقه في الجهاد قاسم الريماوي قائلاً: "هيا نرجع إلى فلسطين كي نموت فيها الميتة التي وضعناها نصب أعيننا، هيا نستشهد أو ننتصر على الأعداء"، ثم يتلو قوله تعالى: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِۚ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 74]، ومضى فقاتل حتى قُتِل.

*****

قافلة الشهداء في فلسطين

قافلة الشهداء في فلسطين

     إن قافلة الشهداء والجرحى والمجاهدين في تاريخ فلسطين قافلة طويلة، منها مَنْ حفظ التاريخ أسماءهم أمثال "علي فؤاد الحجازي"، و"محمد جمجوم"، و"علي سليم الحسيني"، و"عبد الرحيم الحاج محمد"، وشيخ المجاهدين "عز الدين القسام"، و"أحمد عبد العزيز"، وغيرهم كثير، من رجال الإسلام وشبابه من داخل فلسطين وخارجها، ممن استشهد هناك، أو كُتِبَ له البقاء إلى أمد، ومنها من لا نعرف لهم أسماء وقد طوی تراب فلسطين أجسادهم.

     ومن هؤلاء النساء والأطفال والشيوخ في ثورات "جدار البراق"، و"يوم الأرض"، ومعركة القسطل، وغيرها.

     من هؤلاء من لم يدخل معارك النكبة الأولى إلا بنية الجهاد، ومن مضى في الأعمال الفدائية بين النكبتين وبعد النكبتين، في غزة والنقب وسيناء، وعلى سواحل طبرية والحولة والبحر الميت وضفاف الأردن، وفي أعماق الأرض المباركة معاهداً الله على الجهاد.

     نجهل أسماء الكثير من هؤلاء، كما نجهل أسماء كثير ممن كانوا يتلون القرآن الكريم بدل الاستماع إلى أصوات المطربات والمطربين ممن أرسل إليهم في النكبة الثانية.

     ونجهل أسماء الكثيرين ممن كانوا يرفضون إفطار العاشر من رمضان إلا على رمال سيناء أو في ذرى الجولان، ويقتحمون ميدان القتال وخطوط النيران، بصيحة: "الله أکبر"؛ يسجلها لهم الأعداء، وتسمعها كلّ رملة من رمال فلسطين.

     قد نجهل أسماء كثير من هؤلاء، ولكنهم باقون في سجل القضية، حلقة خالدة من حلقات التاريخ الإسلامي المتصلة، حلقات حقنا الديني التاريخي في فلسطين.. حلقات روحها من روح إبراهيم عليه السلام يوم أراد ذبح ابنه طاعة لربّه، ومن روح إیمان هذا الجيل أيضاً في هذا العصر، ونحن نسمع أطفال المدارس في قلب القدس تحت سيطرة استعمار بني إسرائيل لفلسطين، لا يخشون مواجهتهم بالتكبير والتوحيد حول المسجد الأقصی، لا لشيء، إلا لأنه مسری رسولهم ﷺ، يمنعون اليهود عنه بأجسادهم، بعد أن تخاذلت القيادات عن الجهاد، وخنعت النفوس، وطأطأت الجباه أمام من غضب الله عليهم ولعَنهم بما عصوا وكانوا يعتدون.
*****

ما يعانيه المسلم في قضية فلسطين

ما يعانيه المسلم في قضية فلسطين

     من أشد ما يعانيه المسلم وهو يعمل لقضية فلسطين كجزء من قضيته الإسلامية الكبرى؛ الافتقار إلى إدراك أبعادها التاريخية، والعيش بفهمه وضميره في واقعها الحالي متأثراً ومؤثراً.

     والأبعاد التاريخية للقضية مصدر من مصادر الإرادة الوجدانية العميقة لتغيير الواقع الراهن من الجذور، وإيجاد الواقع الإسلامي عنواناً ومحتوى. وهذه الكلمات موجهة في الدرجة الأولى إلى وجدان الأمة الإسلامية، فعلى عاتقها عبء حل القضية المصيرية إخلاصاً وعزماً وبذلاً، وإلى عقل عقلاها فعلى عاتقهم عبء خدمة القضية المصيرية تخطيطاً وعملاً وجهاداً.

     وهذا الحديث مناقشة موضوعية لحقائق تاريخية، يستبین منها حقنا التاريخي الثابت في فلسطين، وتتضح بها المعالم الحقيقية للواقع الحالي، والقوى المؤثرة فيه، والاحتمالات المترتبة عليه بالصورة الإسلامية الحية التي يجب أن تترسخ في أعماق الأمة بكاملها، وتهز وجدانها، وتؤثر في تفكيرها، وتفجر طاقاتها لتستطيع من بعدُ التأثير في مجرى الأحداث وصناعة التاريخ، وهي تمضي في طريق تجسيد الإسلام الحق في كل مجال من مجالات الحياة.

     يتحدث اليهود عن تاريخ فلسطين فلا يرون فيه إلا بضع مئات من الأعوام كان ليهود الأمس خلالها وجود جزئي في فلسطين لم يتخذ صبغة "دولة" إلا مدة لم تصل لأربعين عاماً، واندثر هذا الوجود دون أن يترك أثراً واحداً في فلسطين. ولكنهم يصورون كل ما قبله وما بعده من تاريخها، وكأنه مندثر لا قيمة له.

     ويتحدث أنصار اليهود من الصليبيين في أنحاء العالم عن تاريخ فلسطين بصورة مشابهة، وأسلوب مماثل لأسباب ومصالح عديدة. وقد يزيدون على ذلك ذكر الغزوة الصليبية القديمة والحديثة، وما للنصارى من وجود جزئي في فلسطين ماضيه وحاضره.

     ويتحدث أنصار اليهود من الشيوعيين المحليين والدوليين عن فلسطين –على اختلاف معهم في أهداف مرحلية– كمسرح من مسارح الصراع الطبقي المادي. فلا يتعرضون للقضية إلا من هذه الزاوية، ولا أهداف لهم فيها إلا في هذا الإطار.

     ويتحدث المتخاذلون في بلادنا أمام اليهود عن فلسطين وكأنما مسخ تاريخها الطويل في الثلاثين عاماً الأخيرة لا يتجاوزونها إلا نادراً، وإذا فعلوا فلا يصلون إلى أبعد من تاريخ تأسيس الحركة الصهيونية في نهاية القرن الميلادي الماضي كأنما انحصر تاريخ القضية في تاريخ الصهيونية العالمية... وإذا استشهدوا بتاريخ الإسلام في فلسطين كان استشهادهم مشوهاً مزيفاً يستهدف تبرير غایات ومصالح وخطوات بعيدة كل البعد عن أصل القضية، متنكرة كل التنكر لها..

     أما المسلمون أصحاب القضية فمقصرون في حقها، وهذا أدنى ما يجب الإقرار به أولاً لتجاوزه والتخلص منه في المستقبل بإذن الله. مئات بل ألوف الكتب تشرح وجهات نظر سائر الفئات المذكورة بمختلف اللغات والأساليب، ولا نجد الكتاب الإسلامي السليم عن القضية.

     وقد يتناول كاتب مخلص القضية من جانب عسكري، فإذا بها في كتابه مشكلة قوة، أو يتناولها آخر من جانب فكري فإذا بها مسألة فكر، أو يتناولها ثالث من جانب علمي تقني فإذا بها قضية جهل أو تأخر، أو يتناولها رابع من جانب خلقي فإذا بها مشكلة أخلاق، أو يتناولها خامس من جانب عقیدي فإذا بها أزمة عقيدة... وهكذا.

     والقضية تجمع هذا كله، ومزيداً عليه أنها قضية وجود ومصير، قضية واقع فاسد من الجذور لا تجد حلها إلا بحل هذا الواقع، وإقامة الواقع الإسلامي الرباني السليم على كل صعيد عقیدي وفكري وعلمي وعسكري، وعلى كل صعيد سياسي واقتصادي واجتماعي وتربوي، وعلى کل صعيد آخر.
*****

فلسطين جزء من القضية الإسلامية الكبرى

فلسطين جزء من القضية الإسلامية الكبرى

     لا ينبغي لكاتب إسلامي أن يتناول قضية فلسطين منفصلة عن القضية الإسلامية الكبری أو أن يعالج جزئية من جزئياتها بسبب ظروفه الخاصة، أو ظروف الواقع من حوله، وهو يصور تلك الجزئية وكأنها كامل القضية، ويصور موقفه منها وكأنه الموقف الإسلامي الأصيل من مجموع الواقع.

     بل لا بد من الكاتب الإسلامي الذي يتعرض للقضية واضعاً في اعتباره أنها جزء من مجموع القضية الإسلامية الأصلية في هذا العصر. إذا تحدث عن بعض جوانبها فلا يغفل عن الجوانب الأخرى. وإذا كتب نبعت كلماته عن أعماق وجدانه لتؤثر في وجدان قارئه، والتزمت الموضوعية لترسم معالم سليمة في اتجاه التطور السليم للعمل من أجل القضية.

     ولا يمكن أن يتضمن الكتاب الإسلامي عن القضية وتاريخها أكثر من بعض الحقائق التاريخية الأساسية، والمعالم الواقعية الرئيسية واللمسات الوجدانية العميقة..، ويبقى بعد ذلك واجب إسلامي على كل فرد من الأمة الإسلامية، أن يبذل جهداً فردیاً، يبدأ فيه بالتعرف بنفسه على تاریخ قضيته وواقعها، وهو يضع نصب عينيه الاستعداد التام للشهادة على طريق الجهاد من أجلها. ونقص الكتاب الإسلامي يبرز الحاجة الماسة إلى من يخصص جهداً أکبر، جهداً مبدعاً لتعويض المكتبة الإسلامية عما ينقصها في هذا المجال.

     ولا بد من الإقرار المؤلم بأن مكتبة فلسطين المليئة بأنواع المؤلفات والكتب تكاد تخلو من الكتاب الإسلامي رغم الأصالة الإسلامية لتاريخ فلسطين..، وإذا توفر كتاب ذو عنوان إسلامي غلبت عليه نزعة الابتعاد عن الموضوعية في بعض الأحيان، أو غلبت عليه نزعة مناصرة فئة من الفئات، أو اتجاه من الاتجاهات.

     والقضية في حاجة إلى غير هذا وذاك، في حاجة إلى العرض التاريخي الموضوعي الأمين، وإلى القلم المتأثر بالأحداث المفجعة المعاصرة، يكتب وصاحبه يدرك كل الإدراك أبعادها وما وراءها، والاحتمالات المترتبة عليها في المستقبل، ويضع في حسابه ما قد تؤدي إليه كلمة الحق الصائبة المخلصة النابعة من أعماق الضمير.. من عواقب، أو تقتضيه من تضحية مقابل ما تتركه من تأثير في حياة الجيل.

     وقد يسأل سائل: كيف نصل إلى القلم المخلص المبدع؟ وکیف نوجد الكاتب الإسلامي الواعي؟

     فليذكر السائل أن صلاح الدين الأيوبي ما وجد نفسه على بداية الطريق إلى المسجد الأقصى في القدس... إلا عندما أصبحت قضية الاستعمار الصليبي للقدس شغله الشاغل ليلاً ونهاراً، وهمّه الدائم في يقظته ومضجعه..؛ كذلك فمن يخدم القضية اليوم لن يستطيع تقديم ثمرة لخدماته ما لم تصبح القضية شغله الشاغل ليلاً ونهاراً، وهمّه الدائم في يقظته ومضجعه.

     ولا شك أن أحداث القضية المفجعة من الأهمية والقدرة على التأثير بما يكفي، إنما نحتاج إلى من أصبح الإسلام متجسداً فيه بالمستوی الذي يجعله يتأثر بتلك الأحداث تأثراً وجدانياً عميقاً محركاً، فإن توفرت له المعطيات اللازمة أمكن أن يقدم للقضية خدمة جلى تحتاج إليها، ويحتاج إليها الإسلام والمسلمون في هذا العصر حاجة ماسة..، ومن ذلك الكتاب الإسلامي عن قضية فلسطين.
*****

الأكثر مشاهدة