الخميس، 7 يوليو 2022

شكراً أيها القاضي!

شكراً أيها القاضي!..

     يُحكى أنه في عام 1934م قرأ عبد القيوم خان الأفغاني المسلم في كتاب هندوكي بذيء، مطاعن كاذبة توجه إلى صفوة الخلق محمد ﷺ، فامتلكه الغضب لكنه مضى في القراءة، فإذا بالكتاب يزدحم بأكاذيب وافتراءات مشينة كثيرة.

     وانعقدت محاكمة مَثُلَ أمامها الكاتب الهندوكي المفتري، فحرص عبد القيوم خان على أن يشهدها ليرى بنفسه أي حكم سيَصْدُر على المتهم الكذوب.

     وفي المحكمة استمع إلى المناقشة بين القاضي والمتهم، وكم كانت دهشته بالغة عندما علم أن الحكم يقضي بسجن المتهم أياماً أو شهوراً فقط، فغلى الدم في عروقه، وقرر أن يعاقبه بنفسه، وأن يكون هو القاضي الذي يُصدِر الحكم، والشرطي الذي ينفّذه، فما كان منه إلا أن استلَّ خنجره الرهيف، وصرخ صرخة مدوّية، وقفز إلى الجاني فقتله وسط الذهول الذي سيطر على القضاة والحضور وهو يهتف: خذها طعنة قاتلة جزاء افترائك على الرسول سيدي محمد ﷺ، لقد ثأرتُ لك، وما أعذب الموت في سبيلك!.

     وسيق الفدائي إلى السجن، وجرت محاكمته، ولم تكن ثمة حاجة إلى شهود وبيّنات فهو مُقِرٌّ بفعلته، بل مفتخر بها. وقال القاضي في نص الحكم: إن المتهم عبد القيوم خان لم يقتل المؤلف الهندوكي لعداوة سالفة أو إحنة سابقة، وإنما قتله دفاعاً عن رسوله، وانتصاراً لنبيّه، ولكن القانون لا يبيح هذا القتل المتعمّد المقصود، وعليه فقد تقرر إعدامه، وليرحمه الله.

     وهنا وقف عبد القيوم وقد ارتسم الفرح والبِشرُ على وجهه، وارتفعت هامته اعتزازاً، وهتف بصوت جهوري: "شكراً أيها القاضي! إن سيدنا محمداً ﷺ هو رسولنا وهادينا إلى الصراط المستقيم، ولو قُدِّرَ لي أن أحيا ألف مرة، وأن أموت ألف مرة في سبيله لَما وفّيتُه بعض حقه على الإنسانية، ولكنها ميتة واحدة مع الأسف، وإني لفخور بهذا الحُكم. شكراً أيها القاضي لأنك مهّدتَ لي طريق الاستشهاد من أجل محمد ﷺ. اللهم تقبّل شهادتي في سبيل شرف رسولك، وأَلْحِقني بأصحابه، الله أكبر".

*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة