فلسطين جزء من القضية الإسلامية الكبرى
لا ينبغي لكاتب إسلامي أن يتناول قضية فلسطين منفصلة عن القضية الإسلامية الكبری أو أن يعالج جزئية من جزئياتها بسبب ظروفه الخاصة، أو ظروف الواقع من حوله، وهو يصور تلك الجزئية وكأنها كامل القضية، ويصور موقفه منها وكأنه الموقف الإسلامي الأصيل من مجموع الواقع.
بل لا بد من الكاتب الإسلامي الذي يتعرض للقضية واضعاً في اعتباره أنها جزء من مجموع القضية الإسلامية الأصلية في هذا العصر. إذا تحدث عن بعض جوانبها فلا يغفل عن الجوانب الأخرى. وإذا كتب نبعت كلماته عن أعماق وجدانه لتؤثر في وجدان قارئه، والتزمت الموضوعية لترسم معالم سليمة في اتجاه التطور السليم للعمل من أجل القضية.
ولا يمكن أن يتضمن الكتاب الإسلامي عن القضية وتاريخها أكثر من بعض الحقائق التاريخية الأساسية، والمعالم الواقعية الرئيسية واللمسات الوجدانية العميقة..، ويبقى بعد ذلك واجب إسلامي على كل فرد من الأمة الإسلامية، أن يبذل جهداً فردیاً، يبدأ فيه بالتعرف بنفسه على تاریخ قضيته وواقعها، وهو يضع نصب عينيه الاستعداد التام للشهادة على طريق الجهاد من أجلها. ونقص الكتاب الإسلامي يبرز الحاجة الماسة إلى من يخصص جهداً أکبر، جهداً مبدعاً لتعويض المكتبة الإسلامية عما ينقصها في هذا المجال.
ولا بد من الإقرار المؤلم بأن مكتبة فلسطين المليئة بأنواع المؤلفات والكتب تكاد تخلو من الكتاب الإسلامي رغم الأصالة الإسلامية لتاريخ فلسطين..، وإذا توفر كتاب ذو عنوان إسلامي غلبت عليه نزعة الابتعاد عن الموضوعية في بعض الأحيان، أو غلبت عليه نزعة مناصرة فئة من الفئات، أو اتجاه من الاتجاهات.
والقضية في حاجة إلى غير هذا وذاك، في حاجة إلى العرض التاريخي الموضوعي الأمين، وإلى القلم المتأثر بالأحداث المفجعة المعاصرة، يكتب وصاحبه يدرك كل الإدراك أبعادها وما وراءها، والاحتمالات المترتبة عليها في المستقبل، ويضع في حسابه ما قد تؤدي إليه كلمة الحق الصائبة المخلصة النابعة من أعماق الضمير.. من عواقب، أو تقتضيه من تضحية مقابل ما تتركه من تأثير في حياة الجيل.
وقد يسأل سائل: كيف نصل إلى القلم المخلص المبدع؟ وکیف نوجد الكاتب الإسلامي الواعي؟
فليذكر السائل أن صلاح الدين الأيوبي ما وجد نفسه على بداية الطريق إلى المسجد الأقصى في القدس... إلا عندما أصبحت قضية الاستعمار الصليبي للقدس شغله الشاغل ليلاً ونهاراً، وهمّه الدائم في يقظته ومضجعه..؛ كذلك فمن يخدم القضية اليوم لن يستطيع تقديم ثمرة لخدماته ما لم تصبح القضية شغله الشاغل ليلاً ونهاراً، وهمّه الدائم في يقظته ومضجعه.
ولا شك أن أحداث القضية المفجعة من الأهمية والقدرة على التأثير بما يكفي، إنما نحتاج إلى من أصبح الإسلام متجسداً فيه بالمستوی الذي يجعله يتأثر بتلك الأحداث تأثراً وجدانياً عميقاً محركاً، فإن توفرت له المعطيات اللازمة أمكن أن يقدم للقضية خدمة جلى تحتاج إليها، ويحتاج إليها الإسلام والمسلمون في هذا العصر حاجة ماسة..، ومن ذلك الكتاب الإسلامي عن قضية فلسطين.
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق