الخميس، 7 سبتمبر 2023

أيتها القدس! (6)

أيتها القدس! (6)

     أيتها القدس الحزينة التي تعيش بين الألم والأمل!.. أتدرين متى يكون الخلاص الذي تؤمّلين!؟.. إنه سيكون يوم تعيش قلوبنا بفخر واعتزاز مع ذكريات بدر وخيبر ومؤتة، والقادسية ونهاوند واليرموك، والزلاقة وحطين وعين جالوت، والأملُ العارم يجتاحها، والعزمُ الوقّاد يتدفق فيها، والطموحُ الكبير يستولي عليها، بأنْ نصنعَ أمجاداً جديدة مثل هذه الأمجاد القديمة، ندخل بها التاريخَ كرّةً أخرى، ونثبت صدقَ إيماننا، وأصالةَ أمتنا، وقدرتنا على التحدي والكفاح، وشرفَ انتسابنا للإسلام العظيم، والقرآن الكريم، والرسول الخالد محمد بن عبد الله ﷺ.

يــا سورةَ الأنفالِ مَنْ لي بهـــا     قدسيّـــــةِ الآياتِ تسـتنفــــــــرُ
جنداً يذوقُ الموتَ عَذْبَ المنى     كالصبـــحِ عن إيمـــــانِهِ يسفرُ
ومَنْ يَبِــــعْ للهِ أزكـــــــــى دَمٍ     يَمُتْ شهيـــــدَ الحقِّ أو ينصـرُ
والبـــغيُ مهما طالَ عدوانُـــهُ     فــاللهُ من عدوانِـــهِ أكبـــــــــرُ

     هذه الأبيات ترسم لكِ يا قدس ملامحَ من صورة المجاهدين المؤمنين الذين سيكون على أيديهم الخلاص إن شاء الله. إنهم قوم عشقوا الجهاد في سبيل الله عز وجل، واستطابوا الموت طلباً لرضاه، وصارت الشهادةُ أغلى أمنياتهم وأثمنَ آمالهم، يتوجهون إلى الله العلي القدير أن يكرمهم بها في سجودهم وقيامهم، وليلهم ونهارهم، وهم فرادى وهم مجتمعون.

     ولطالما استوقفتهم آياتُ الجهاد في القرآن الكريم، في سورة الأنفال وغيرها، فَصَفَتْ سرائرهم، وطابت أوقاتهم، وملأهم الحنين إلى الجهاد، إلى الجهادِ المؤمنِ المستبسل الذي يمتلكُ الرجاءُ قَلْبَ كلِّ مبادرٍ إليه أن يُرْزَقَ إحدى الحسنيين، الشهادة أو النصر، وهؤلاء الرجال الكرام، والمجاهدون الأباة الذين يسفر إيمانهم الدفّاق الوهّاج كالصبحِ الطهور، والنورِ اللألاء، والفجرِ الصادق، والذين يستعذبون الموتَ في سبيل الله عز وجل ويحبونه ويستبقون إليه؛ هم مناطُ الأمل، ومعقدُ الرجاء، وبسمةُ البشرى، للإنقاذ المرتقب إن شاء الله.

     سيدخل هؤلاء أعزاءَ كراماً منصورين، أقوياء غالبين مظفرين، وسيدخلون كذلك شاكرين لله تعالى، منيبين إليه مخبتين، متواضعين لا يبغون علواً في الأرض ولا فساداً، لينتهي بدخولهم الكريم، وانتصارهم المؤزَّر، ليلُ الفساد والباطل، ودَنَسُ اليهود، وزيفُ التلمود، ويبدأ عهدٌ جديد، يعلو فيه الحق، ويسود فيه الإسلام، ويحكم فيه بالقرآن، وتخفق فيه رايةُ الإيمانِ عزيزةً ظافرة شمّاء، تُعْلِي في الخافقين هتافَ التوحيد الخالد: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله".
*****

يا قدس! (5)

يا قدس! (5)

     تحية لك يا قدس الإسلام والمسلمين يَوْمَ أَسَرَكِ العدو، ويَوْمَ أن حاولوا بيعَكِ للعدو!.. بكتكِ قلوب المسلمين التي أثقلتها الآلام، وأوجعتها الأسقام، واشتدت عليها المصيبة، مصيبةُ أَسْرِ اليهود إياكِ في يومٍ شاحبٍ حزين، وكان أشد ما أصاب أفئدة هؤلاء الغيورين، ما شهدته من ضياع الأمة المسلمة حين تردّت في متاهات وضلالات، وعَدَتْ وراءَ سرابٍ كذوب، وصدّقت الدجالين والكذابين، فغُلِبَتْ على أمرها، وخُدِعَتْ عن معركتها، وذُهِلت عن حقيقتها، وغفلت عن مستقبلها ومصيرها، بسببٍ من تصديقها لما قاله الكاذبون والمجرمون، وانخداعها بمذاهب الفساد والضلال، واتباعها مبادئَ الأعداء والمستعمرين.

     هذه الأمة العظيمة الخالدة، كيف آلت إلى هذا المصير!؟ وكيف هانت على نفسها وعلى الناس!؟ أحقاً أنها أمةُ الإسلام يا قدس!؟ أحقاً أن أبناءها هم أهل القرآن!؟ أصحيح أنهم أحفاد الصيد الفاتحين، والغزاة المجاهدين، والعابدين الصادقين!؟ ترى أصحيح ذلك أم أن الحقائق والظنون كلها تكذّبه وتردّه!؟

مَنْ هــؤلاء التــــــائهون     وهجُ الزوابــع والرجومْ
والليـــلُ ينفـضُ فوقَهُـــمْ     من حزنـــه قـلقَ النجومْ
مَن هـؤلاء التــــائهون؟     أفهـــــؤلاء المسلمونْ!؟
أبــــداً تكــــذّبني وتــــر     جمني الحقائقُ والظنونْ

     إن الأمر لعجبٌ حقاً يا قدس!؟؟ وإلا كيف غلبَ اليهودُ المسلمين في حزيران العار، بينما القرائن الظاهرة، تدل جميعاً على استحالة ذلك!؟ ترى أثمة شك في أن السبب هو أنهم لم يكونوا يومَها حقاً مسلمين!؟

     إي والله!.. ما كنا يومها حقاً مسلمين، فقد تبدّلت بنا الحال غير الحال، ساء وضعنا، انحرفت عن السير قافلتُنا، تاه الأدلّاء وحار الهداة فإذا بنا ضائعون، ضائعون بين فكرٍ مستورد، ورأيٍ ضال أهوج يعلو عجيجه، ومبادئَ حمقاء تُدَقُّ لها الطبول، وجاهليةٍ جديدة يُدْعى لها باستمرار وتُحاط بالبهرج والبريق.

     إن عددنا كبير، لكننا ضعفاء، ذلك أن الصادقين من أهل الإيمان باتوا غرباء، وأُلقِيَتْ قيادة الركب إلى دجاجلة وكذبة وفراعين، فكان العار، وكان الشنار، وكان الإسار!. ولن يكون لك يا قدس خلاص إلا إذا قاد الركبَ قوم يؤمنون بالله، ولا يخافون في الحق لومة لائم.
*****

أيتها القدس! (4)

أيتها القدس! (4)

     أيتها القدس الغالية الحزينة!.. أتريدين أن تعرفي سراً من أسرار الهزيمة؟ إن أهل الإيمان كانوا متهمين، والذين يستبقون للموت ويستعذبونه، وتضطرم قلوبهم بالحنين إلى الشهادة صاروا قلة نادرة، خلت منهم الأرض إلا قليلاً.

     انظري جيداً يا قدس!.. في وجوه الهزيمة، إنك سوف ترين وجوهاً وقلوباً خاوية، ونفوساً مهترئة، مسختها الشهوات، وضلّت بها الأهواء، وتفرقت بها السبل، فعادت غريبة حائرة، لا تدري ماذا تفعل، ولا أين تتجه، إنكِ إن نظرتِ إليهم جيداً عرفتِ سراً من أسرار الهزيمة في حزيران بل أكبرَ أسبابها.

     لا تعجبي يا قدس!.. أنْ لم نسقط صرعى قبلَ أن يأسركِ اليهود، وأنْ لمْ نقاتلْ بيتاً بيتاً، وأنْ لم تكن وجوهُنا وقاءً لكِ وفداء، ذلك أننا نسينا فنَّ الموت في سبيل الله، ولم نتعلمْ كيف نصنعُ البطولة، ولم ندرَّب على حب الشهادة.

     وأنّى لنا أن نحميَكِ ونذودَ عنكِ الدخلاء، وقد ضلّ بنا الطريق، وحادت بنا السبيل، وهانت علينا دعوة الحق والنور؟ ومن اعتاد الهوان سَهُلَ عليه كل شيء:

مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهوانُ عليهِ     ما لجــرحٍ بميّـــتٍ إيــــلامُ

     والذي يهون يا قدس!.. يؤول إلى شرّ مآل، ويصير إلى أبشع مصير، تيهٌ وضياع، وضلالٌ وحيرة، وحمى مستباحٌ عاجز، وتبعيةٌ لكل ناعق وعابث وفاجر، وحرصٌ على حياة، أياً كانت هذه الحياة.

     في يوم الأسر يا قدس!.. صدق علينا قول الشاعر إذ كنا موتى قبل الموت:

نحن موتى وشرُّ ما ابتدعَ الطغـ     ـيــانُ موتى عـلى الدروب تسيرُ
نحن موتى وإنْ ذهبنـــا وعدنــا     والبيـــوتُ المزوّقـــــات قبـــورُ
نحن موتى يُسِــــرُّ جارٌ لجـــارٍ     مستريبـاً متى يكون النشـــورُ!؟

     لقد أضعناكِ يوم أضعنا الدين، وخسرناكِ يوم خسرنا صدق الإيمان المتوهج المتحرك في أعماقنا، وفقدناكِ يوم عُطِّلت حدود الله تبارك وتعالى، ولكنْ لا تحسبينا يائسين، معاذَ الله أن نيأس، فأمتنا نجيبةٌ ولود، ولا بد أن تتجاوزَ كل النقائص والسلبيات بإذن الله، وها هي اليوم تصحو بعد نوم، وتنهض بعد غفلة، وتستقيم بعد اعوجاج، وتمتد بعد انحسار. ولا بد أن يطلع الفجر السعيد الذي يعيدُكِ إلى الإسلام والمسلمين، بالرغم من مؤامرات اليهود وتلاميذهم، واستسلام المتخاذلين الذين يحاولون أن يبيعوكِ للعدو، ويُضفون على احتلاله لك صفة قانونية شرعية.
*****

يا قدس! (3)

يا قدس! (3)

     من بعيد قلبي يرف إليك يا قدس ويهفو ويبكي، فأنتِ تسكنين في كل ذرة من ذرات الوجدان المسلم، كيف لا!؟.. وقد كنتِ يوماً قِبْلةً لأمتنا العظيمة، وفي ليلةٍ مباركة متوضئة كنتِ مسرى رسولنا الكريم ﷺ، وفي يوم الفتح المجيد كانت صخرتكِ مدَنَّسة، فطهّرها بردائه الفاروق العظيم عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم ذهب إليكِ ليتسلم مفاتيحكِ مظفراً منصوراً، وكانت العصبية الدينية المغلقة الضيقة تغلق أبوابكِ في وجوه المخالفين، فحرّركِ للجميع دين الإسلام بتسامحه ورحمته.

     أنت يا قدس!.. عندنا عظيمة غالية، لكنَّ أغلى منكِ وأعظم أطفالٌ ونسوةٌ وشيوخٌ من حفدة الفاتحين يدوسهم المعتدون، ويذيقونهم النكال ألواناً ونحن مغلوبون مستسلمون.

     كم سفك همجيو الأمس من الصليبيين، وهمجيو اليوم من اليهود حولكِ من دماء المسلمين ظلماً وعتوّاً!.. وكم اعتدوا على أعراض!.. وكم سطوا على مال وأرض ومتاع!.. ما من شجرة حولكِ إلا روتها بالدماء قسوة الظلمة والمغتصبين، وما من أرض إلا وتحتها قبور لأشلاء المنكوبين، وما من حمامة من حمائم السلام غرّدت في رباكِ في ظل راية القرآن إلا هاجرت حزينة مكلومة، ذلك أنها وقد ألفت السعادة في ظلال القرآن لا يمكن لها إلا أن تحزن حزناً عميقاً مدمراً في ظلال إنجيل محرّف، وتوراة مبدّلة.

     من حولكِ سارت بالنور مواكب الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام، ومن فوقكِ هبطت ملائكة السماء، ومن أجلكِ سقطت رؤوس الشهداء وهي تهتف "الله أكبر"، مُؤْثِرَةً ما عند الله على كل ما في الدنيا. {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169].

يا قدسُ يا أنشـــودةً في فمي     ويا منـــاراً في ذرى الأنْجـمِ
في كلِّ أفقٍ منـــك تسبـــيحةٌ     وكلِّ شبـــــرٍ دفقـــــةٌ من دمِ
وكلِّ روضٍ نفحةٌ من شــذى     وماؤكِ الرقـــراق من زمزمِ
وكلِّ صـــدرٍ زفـــرةٌ حَـــرَّةٌ     وكلِّ خِــــدْرٍ عَفَّـةُ المبســــمِ
تحنو بقـــــــلبٍ خافقٍ بالمُنى     على بريء رفّ كالبــــرعمِ
قد أغمضَ الأجفـانَ في هدأةٍ     وثغــره في الثـــدي لم يفطمِ
مَنْ مزّق الطفـــلَ بلا رحمةٍ     فمات بين الصدر والمعصـمِ
شظيــةٌ عميـــــاء من حـاقـدٍ     ورميةٌ من ســــــاعدٍ مجـرمِ
قد أطلقت هوجــاءَ في غفـلةٍ     وحلكة من ليــــــلنا المظـــلمِ
ما كان للهــامات أن تنحــني     لو كان فينـــا عزةُ المســــلمِ
*****

يا قدس! (2)

يا قدس! (2)

     يا قدس!.. رَمَتكِ أوروبا بفرسانها من حملة الصليب من شتّى البقاع، دنّسوا البر والبحر وأعلوا نيران الأحقاد المدمرة، وفتكوا بالناس فتكاً ذريعاً، ويوم أن اقتحموا أسوارك المنيعة أحدثوا بأهلك مذبحة هائلة جداً قتل فيها سبعون ألفاً من المسلمين، حتى إن خيول الغزاة الحاقدين خاضت حتى رُكَبِها في دماء المذبوحين، وذلك كما جاء في رسائل البشرى بالنصر التي بُعِثت إلى البابا في الفاتيكان..

     فعلوا ذلك يا قدس!.. وهم يتلون كتاباً يزعمون أن من آياته: "مَنْ ضربك على خدك الأيمن فأدِرْ له خدك الأيسر، ومَنْ بعثك ميلاً فاذهبْ معه ميلين، ومن أمسك بطرف عباءتك فدعها له وامضِ"!..

     لكن الأمة المسلمة المنجبة الولود ما لبثت أن قامت تدافع في سبيل الله عن الدين والكرامة والأرض والشرف، وظهر منها مجاهدون أشداء منهم الزنكيَّان العظيمان عماد الين ونور الدين، ومنهم القائد العملاق صلاح الدين الأيوبي الذي دخلك فاتحاً منصوراً بعد أن قصم ظهر الصليبيين في حطين، فكان قمة في التسامح والنبل لا تزال أوروبا حتى يومنا مبهورةً به، فأعادك إلى حوزة الإسلام، وأعلى فيك راية القرآن، وأعاد إلى رحابك الأمن والسلام.

     وكما هلك همجيو الأمس من الصليبيين سيهلك بإذن الله همجيو اليوم من اليهود، وكما ظهر بالأمس صلاح الدين سيظهر في الغد بإذن الله صلاح للدين آخر، وكما عادت القدس إلى الإسلام محرَّرةً من الصليبيين فستعود بإذن الله إلى الإسلام محرَّرةً من اليهود.

القـــدسُ في أفقِ العلى كوكبُ     تشـــعُّ بالنــور فلا تعجـبـــــوا
أيــــامها بالحـــقِّ.. وضّـــاءةٌ     كـــانت بأطرافِ القنا تكتـــبُ
إنْ أطرب القيثـــارُ أسمـاعَنــا     فاللحنُ في أفــقِ الهدى أعذبُ
أو حلّت الأمجاد سـاحَ العــلى     فالمسجـد الأقصى لها أرحـبُ
والمجـــد مذ أشرق في قدسنـا     ما بـــاله في قدسنـــا يغـرب؟
يــا روضــةً كانت لنـا مرتعـاً     وكوثـــراً من فيضـه نشـربُ
وجنـــةً فيــها ربيــــــعُ المنى     في ظلّها أكبــــــادنـا تـــلعـبُ
مذ حلّ في أفيـــــائها غاصبٌ     ما عــــاد فيها بلبــــل يطربُ
مَنْ لي بسيفٍ لا يهابُ الردى     في كف من يزهو به الموكبُ
أو رايةٍ في جحفـــلٍ ظـــــافرٍ     يقوده الفـــــاروق أو مصعبُ
*****

أيتها القدس! (1)

أيتها القدس! (1)

     أيتها القدس الغالية!..

     أود أن أهمس في أذنك ألا تيأسي، فاليأس في الإسلام حرام، ثم إني أود أن أبشركِ أن الأمة المسلمة اليوم على الرغم من كل عيوبها وعجزها وتقصيرها، لا يزال فيها خير كثير، وستكون بإذن الله خير خلف لخير سلف، وها هي اليوم تصحو بعد نوم، تنهض بعد غفلة، تستقيم بعد اعوجاج، تمتد بعد انحسار لتكون قدراً من قدر الله، يُعْلي في الأرض كلمة الإيمان.

     أبشري يا قدس، فلن نخشى اشتداد الظلام، ولن تزل بنا الأقدام إلى وهدة الانحدار وهاوية الضياع. لن يخيفنا اجتماع قوى الشر من هنا وهناك، فلقد عزمنا أن نكون صادقين، أن نضع أيدينا في يد خالقنا، أن نستمسك بحبله المتين، وإذا جاءنا من يخوفنا بجموع الأعداء قلنا له: حسبنا الله ونعم الوكيل.

     مواكب فتية مؤمنة، آمنت بربها فزادها هدى، ستنطلق بإذن الله ملء السهل والجبل، تقتحم الصعاب وتجتاح العقبات، مواكب فتية لن يجد اليأس منفذاً إلى عزائمهم. أخذوا بالحزم وتواصوا بالعزم، واستعانوا بالله، واستهانوا بالحياة. موصولٌ كلال ليلهم بكلال نهارهم، أنضاء عبادة وأطلاح سهر، فرسان في النهار، عبّاد في الليل:

الله يعـــــرفــهم عُبَّـــــــــاد مسجده     والحرب تعرفهم في الروع فرسانا

     تواصوا بالحق، وتعاهدوا على الموت، وأقسموا على الجهاد، وحنّوا إلى الجنة. هم بسمة الأمل، موئل الخير، ومضة الرجاء، بارقة النصر، بشرى الإنقاذ. على أيدي هؤلاء سيكون الخلاص يا قدس، إذ يمضي أحدهم وهو يردد قول خبيب بن عدي حين صلبه أعداء الله من مشركي مكة في التنعيم:

ولسـتُ أبــــالي حينَ أُقتَـــلُ مســلماً     على أي جنبٍ كان في الله مصرعي
وذلك في ذاتِ الإلــــــه وإنْ يشـــــأْ     يباركْ على أوصـــــالِ شلوٍ مُمـزعِ

     لست أدري يا قدس!.. إنْ كان الواحد من جيلنا سيشهد فيك الصلاة والأقصى حر طليق، لكنني أدري أن النصر قادم وإن تأخر، قادم وإن غلت التضحيات، قادم وإن حاول بعض الانهزاميين الاستسلاميين بيعك للعدو، وصلُّوا في أقصاك وهم يعلمون أنه أسير، لكنهم يتوهمون أنهم أحرار، وغاب عنهم أنهم في ذل نفسي أشد من الأسر المادي، وهزيمة نفسية أشد من الهزيمة العسكرية.

     النصر قام بإذن الله يا قدس!.. بالرغم من كل الصعاب، وبالرغم من كل أشباه الرجال الذين تخلوا عنك للعدو. فذلك هو أمر الله، وأمر الله أصدق من كل الجبناء والمرجفين.. أصدق من اليهود، ومن تلامذة اليهود.
*****

التحدي في فلسطين وسلاح الإسلام

التحدي في فلسطين وسلاح الإسلام

     حين فشلت على الصعيدين العملي والنظري على السواء؛ كلُّ الحلول التي خُدِع بها العرب والمسلمون دهراً من الزمن، فيما يتصل بالتحدي الأكبر الذي يواجههم اليوم في فلسطين مع اليهودية العالمية المجرمة، وحين تحطمت على مطارق الهزائم المتكررة السهلة كل الشعارات المستوردة الكذوب، وبدا زيفها واضحاً مفضوحاً، وحين استبان للأمة المسلمة أن الأقزام التافهين الذين رفعوا شعارات ضخمة، هم أعداء لها يستغلون ظروفها، ويضللون مسيرتها، ويكذبون عليها، ويقودونها نحو الدمار، وحين اتضح أن البعد عن الإسلام كان سبب هزيمة "حزيران" العار بالذات، وأن القرب الجزئي منه كان سبب النصر في "رمضان" المجد والبركة والفوز بعد ست عجاف من يوم حزيران، حين اتضح هذا كله واستبان؛ أيقنت الأمة المسلمة أن الإسلام.. والإسلام وحده، ملاذها الوحيد، وحصنها الأمين، ودليلها الصادق، ورائدها الذي لا يكذب، وأنه سبيلها للسعادتين سعادة الدنيا وسعادة الدين، ومن سعادة الدنيا أن تحظى بالفوز والنصر، والغلبة والظهور. 

     اكتشفت الأمة المسلمة ذلك، وأيقنت به أعمق اليقين، واستقر في أعماقها أن الإسلام طريقها للوحدة والتعاون والتضامن، بعد تشتت الشعارات، وطريقها للقوة والعزة بعد ضعف القيادات، وطريقها للنصر بعد هزائم المجرمين، أعداء الإسلام ممن قادوها إلى العار والهزيمة والدمار. واكتشاف الأمة لهذه الحقيقة الكبرى، واستقرار هذه الحقيقة في أعمق أعماقها، جعلها تسارع إلى العودة للإيمان، فتمثَّل هذا في مظاهر شتى من سلوكها، ومواقف كثيرة من حياتها، ومبادرات حميدة سعت إليها، وفي طليعة ذلك المسارعة إلى الحج، والحج مرة بعد أخرى، ولعل هذا ينهض تفسيراً صادقاً للزيادة الضخمة في عدد الحجيج هذا العام التي فاقت كل التوقعات والتقديرات.

     والملاحظ أن نسبةَ القادمين للحج من بعض البلدان الإسلامية التي خضعت لظروف شاقة حورب فيها الحق، واعتُدِيَ على الإيمان، واضطُهِد حمَلة الإسلام، ومُنِعت فرص الدعوة الإسلامية فيه أو ضُيِّقت، وتُرِك المجال مفتوحاً لدعوة الكفر والجاهلية، وسُمِحَ للردة أن تحتل عدداً من المواقع الهامة، لصرف الأمة عن دينها وإلهائها بالسراب الكذوب من زيف الشعارات المستوردة، هذه النسبة تتزايدُ وتنمو، بل إنها لَتفوقُ نسبةَ الزيادة للبلدان الإسلامية الأخرى التي لم تتعرض عقيدتها لما تعرضت له أخواتها من اضطهاد وفي هذا أكثر من معنى وأكثر من عبرة.

     فيه أن اضطهاد العقيدة والحجر عليها أوقد في قلوب المسلمين الخوف عليها، والتعلق بها، فإذا بهم يتشبثون بها أكثر، وإذا بهم يزدادون حرصاً عليها واستمساكاً بها.

     وفيه أيضاً أن العقيدة الإسلامية محفوظة بحفظ الله تعالى لها، فهي بذلك مصونة باقية عصية على البلى والفناء، وأنها أقوى من قضبان السجون، وسياط الظالمين، وأخلد من الطغاة المتجبرين، والفراعنة المتألهين، وأبقى من كل ظالم غشوم، وطاغية أحمق، ومتسلط فاجر.

وفيه أيضاً أن المحن في كثير من الأحيان تستخرج من الأمة طاقة مذخورة، وقدرة على الجِلاد والجهاد، والتحدي والإصرار، والبطولة والكفاح.

     وفيه أيضاً أن الهزائم ربما كانت باباً نافعاً لمحاسبة النفس، واكتشاف العيوب والثغرات، والنقائص والسلبيات، والإقرار بالخطأ، والعودة إلى النهج الراشد الصحيح.

     نعم.. هناك مبشرون يسهرون الليل ووراءهم قوى التعصب الصليبي تحاول تحطيم الصلة بين المسلمين والقرآن، وما قول "غلادستون" عنا ببعيد، وهناك يهودية عالمية تكيل لنا الضربات العسكرية والعقائدية والاقتصادية وغير ذلك، وما نبأ بروتوكولاتهم المعروفة، وظلمهم الفاجر في فلسطيننا المحتلة عنا ببعيد.

     وهناك شيوعية وإلحاد، ووثنية وفساد، واستعمار ورأسمالية، وكلها تعادينا مُرَّ العداء، وهناك تصورات مغلوطة تعشعش في أفكار بعض المسلمين، وتجد نصراءها في عدد من المجالات، ذلك كله وأكثر منه صحيح وموجود، لكن الأصح من ذلك كله أن الله تعالى غالب على أمره، وأن هذا الدين قد انتصر في ظروف أشد وأفتك، وتحديات أقسى وأعنف، وأن المسلمين اليوم فيهم بشائر صحوة كريمة، وبوادر يقظة جديدة، وأوبة صادقة إلى الله عز وجل، وهم يأملون بذلك أن يحققوا البعث الإسلامي المرتقب إن شاء الله. وكثيرة هي الشواهد التي تدل على هذه الحقيقة، لا تخطئ أن تلمسها هنا وهناك، ولا تخطئ أن تلمسها كذلك في زيادة عدد الحجيج زيادة فاقت كل التوقعات والحسابات.
*****

الإيمان في صراعنا مع اليهود

الإيمان في صراعنا مع اليهود

     حين نمضي في البحث عن الإيمان وآثاره النافعة؛ سنلتقي بالطيب المبارك من هذه الآثار حيث نمضي ونتوجه، فلا نخطئ أن نلمس عطاياها الهادية الكريمة تقدم لنا النفع حيث نكون، وعلى جميع الأصعدة والمستويات. ومما يحسن بالمرء أن يتوقف عنده، ويحاول استجلاء دور الإيمان فيه، قضية صراعنا المصيري مع اليهود في فلسطين، فما يليق بقلم شريف، ولا عمل جاد، أن تغيب عنه حقائق هذا الصراع وأبعاده، وأن يبين موقع الإيمان من هذا كله، ودوره المأمول أن يصنعه، والأماني الكبيرة التي تنعقد عليه.

     إن الأمة المسلمة اليوم، تحارب عدواً شريراً، مَرَدَ على الخسة والغدر، ونَقْض العهود، والظلم والبطش والعدوان، وهو الآن يجثم على صدرها، ويحتل قطعة عزيزة من ديارها، ويهدد وجودها بالتفتيت والتمزيق، ذلك هو كيان العدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة حيث العصبة الغادرة تتلقى العون من أعدائنا في شرق العالم وغربه، وتأسر المسجد الأقصى منذ سنين شداد، وتمارس شتى أنواع القتل والإبادة، والتصفية الجسدية والمعنوية لإخواننا الذين يحيون تحت حكمها الظالم الغشوم.

     والحقيقة أن الصراع بيننا وبين اليهود هو أوسعُ مما يظن أكثر الناس، إنه صراعُ وجودٍ ومصيرٍ وحضارة، ولن ينتهيَ إلا بالقضاء على أحد الفريقين، ومن المعروف أن اليهود يمتلكون مرونةً واسعة في نشاطاتهم، وخططاً مرحليةً في توسُّعِهم، وهم لذلك يمارسون الإقدام والإحجام، حسبَ قوتهم، وحسبَ قوتنا، وحسبَ موازين السياسة العالمية، وقوةِ الدعم الذي يتلقونه. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى.. فإن لليهود طمعاً لا يشبع، وطموحاً لا يتوقف، ومخطئٌ خطأً شديداً كلُّ مَنْ يظن أنهم سيقفون عن أطماعهم، ويكتفون بالموقع الذي هم فيه، بسبب مفاوضات أو معاهدات، أو صلح دائم أو غير دائم. إن أطماعهم لا تتوقف قط، بل هي تنمو وتزداد، كلما حققوا منها شيئاً، تماماً كالنار التي تزداد اتقاداً كلما ألقيت فيه الحطب؛ وكأنها تقول: هل من مزيد!؟

     وإذن فالأمر خطير، وخطير جداً، إنه صراع لا يتوقف إلا بنهاية أحد الفريقين، ولذلك فمن الجدير بنا، أن نجمعَ له كلَّ أسلحتنا، ونُعِدَّ له كلَّ قوةٍ يمكنُ لنا أن نتوصل إليها، وفي مقدمة هذه الأسلحة والقوى يقف "الإيمان"، ذلك أننا لن نجد في حربنا مع هذا العدو سلاحاً قط أمضى من الإيمان الذي يحتلُّ فيما نُعِدُّ المرتبةَ الأولى، فمن الجدير بنا أن نستعمل هذا السلاح، ونستفيد من طاقاتِه الجبارة، وإمكاناتِه العظيمة.

     على أنه من الجدير بنا أن نقرر بأن علينا أن نحرصَ على الإيمان حرصاً دينياً ربانياً، بمعنى أن نتمسكَ به لأنه حقٌّ في مَحْضِ ذاته بقطعِ النظرِ عن كل اعتبار آخر، ليكونَ إيمانُنا الراسخ بذلك نقياً وصادقاً وخالصاً، نريد به وجهَ الله تعالى وحدَه، دون أن تشوبَ صفاءَ نيتِنا أيُّ شائبة قط، ولا علينا بعد ذلك أن نستفيد من الإيمان في شيء.

     هذه ملاحظة وددتُ أن أقدمَها، لنكسبَ الصدقَ مع الله تعالى ابتداءً، ولننجوَ من أن نقع ضحايا الغفلةِ عندَ ذوي الإيمانِ النفعي إذا صحَّت العبارة، أولئك الذي لا تهمهم قضايا الإيمان إلا بمقدار ما تحقق أهدافهم، ولقد شهدنا كثيراً فيما عُرِف بحركات التحرر الوطني ومكافحة المستعمرين؛ مَنْ يظهر مِنْ بين الزعماء الوطنيين رافعاً شعارَ الإيمان، ليستنفر بذلك طاقات الأمة ضد العدو، حتى إذا تم النصر، ترك الإيمان والدعوة له، بل ربما انقلب على أهله بالقتل والتعذيب.

     وقد رأيت صورة لقائد عسكري في أعقاب الحرب العالمية الأولى؛ يتظاهر فيها بالصلاح، ويمسك بيده المسبحة، والعلماء عن يمينه وشماله، مما جعل الناس تقاتل معه بصدق وإخلاص، حتى إذا جلا العدو، وكان النصر، انقلب على المؤمنين قتلاً وإبادة، وأجبر النسوة على السفور، وجعل الكتابة بالحرف اللاتيني بدل العربي، وما إلى ذلك، وأفسد البلاد والعباد، مما جعل كثيراً من العلماء المخلصين يشكُّون فيه، ويبحثون عن أصله فإذا به واحد من يهود "الدونمة"؛ الذين هاجروا من إسبانيا عقب سقوط الحكم الإسلامي فيها.

     فعلينا إذْ نشحذُ سلاحَ الإيمان، ونستعمله ضد عدونا اليهودي الغادر أن نكون صادقين وأذكياء معاً، وأن نحرص الحرص العميق على الإيمان بادئ ذي بدء، وقبل كل شيء، باعتباره الحقَّ النقي الصُّراح، الذي تكمن قيمته فيه لهذا السبب دون غيره، ونريد بهذا الحرص وجه الله الكريم وحده، ثم فَلْنَسْتَعْمِلْهُ ضد اليهود وغير اليهود، ليكون لنا النصرُ المظفَّر بإذن الله.
*****

العنصر اليهودي في المجتمع المسلم

العنصر اليهودي في المجتمع المسلم

     حين ظهر الإسلام كان العنصر اليهودي مرفوضاً من المجتمع الدولي، كان محكوماً عليه بالذل في ظل المجتمع الكنسي البيزنطي، والمجتمع الكنسي الأوربي، والمجتمع الوثني الفارسي. وكان اليهودي يُعامل باحتقار في كل أنحاء أوربا. كان هذا اليهودي التائه لا يجد من يعطيه لقمة إلا بصفعة، ولا يتعامل معه، حتى لو كان محتاجاً إلى قروشه وأمواله إلا على أساس أنه ناقص الإنسانية، إنسان من الدرجة الثانية أو الثالثة. فلما جاء الإسلام عامل اليهودَ معاملته للنصارى، وسمّاهم أهل كتاب، وتزوج الرسول الكريم ﷺ يهودية أسلمت، فصارت أمّاً للمؤمنين هي السيدة صفية رضي الله عنها، وهذا من شأنه أن يرفع من منزلة اليهود والخزي العالمي المحيط بهم.

     وفي المدينة المنورة، عاهد النبي ﷺ اليهود، وقدّمت إليهم الدولة المسلمة الملجأ والحماية، وتركتهم أحراراً آمنين في عقائدهم وبيوتهم وأموالهم، وهيّأت لهم فرص العيش الكريم. ولكنْ في كل موقف كان اليهود يردُّون بالغدر، ويقابلون الإحسان بالإساءة. فقد كذبوا على المسلمين، وحرضوا عليهم المشركين، وتحالفوا مع الوثنية ضدهم، وحاولوا قتل الرسول الكريم ﷺ، ولجّوا في الخصومة والعداوة حتى أخزاهم الله عز وجل، ونصر الإسلام والمسلمين عليهم نصراً مؤزّراً.

     ما عبرة ذلك!؟ عبرته أن الذين يحلمون بمجتمع سلام يضم اليهود ويضمهم واهمون، فاليهود لا يعرفون السلام، وهم دائماً مشعلو الحروب والفتن، لا يحفظون لأحد جميلاً، ولا يرعون عهداً، ولا يقيمون أي اعتبار وتقدير لوازع خُلقي، أو عرف دولي، وإذن فالصراع بيننا وبينهم صراع وجود وحضارة ومصير، لا ينتهي إلا بتصفية أحد الفريقين، ونحن الغالبون في النهاية بإذن الله. هكذا علّمنا ديننا، وتلكم عبرة تاريخنا.

*****

يقظة إسلامية في عرب فلسطين المحتلة 1948م

يقظة إسلامية في عرب فلسطين المحتلة 1948م

     تشهد هذه الفترة التي يمر بها الإسلام هذه الأيام، حركة يقظة إسلامية، تتمثل في صحوة متزايدة، لدى قطاعات واسعة من الأمة، تدعو إلى العودة إلى الدين وتحكيم الشريعة، والبحث عن الأصالة والجذور، والابتعاد عن التيارات الوافدة والمبادئ الدخيلة التي قادت البلاد والعباد إلى الدمار. وقد شملت هذه الصحوة فيمن شملت عرب فلسطين الذين يعيشون تحت حكم القسر اليهودي الظلوم، مما جعل سلطات الاحتلال تراقب هذا التحرك وتتخوّف من نتائجه.

     وفي ملحق صحيفة هاآرتس اليهودية الصادر في 13/ 7/ 1979م؛ الذي خصصته كاملاً للحديث عن اليقظة الإسلامية بين شباب قرى المثلث في فلسطين، يتساءل كاتب المقال قائلاً:

     "طوال الثلاثين عاماً المنصرمة كانت الأقلية العربية في إسرائيل تمارس نشاطاً سياسياً متحفظاً، أما الآن فإن الأقلية العربية بدأت تتجه اتجاهاً مختلفاً، نحو جذورها وأصولها الدينية، ولقد أصبحت ظاهرة تزايد اليقظة الإسلامية بين صفوف الأقلية العربية موضع اهتمام السلطات الرسمية التي تنظر بريبة وخوف إلى هذه الظاهرة:.

     إن ظاهرة تزايد اليقظة الإسلامية بين عرب إسرائيل (حسب تعبير المقال) أصبحت مصدر قلق أكيد لكل يهودي. فقد أصبح كل يهودي يتساءل بقلق وخوف هذه التساؤلات:

- ما هي أهداف هؤلاء الشبّان الذين يعودون إلى الإسلام من جديد؟

- ومن يقف وراء هذه الظاهرة؟

- وهل حركتهم هذه حركة عفوية لن تلبث أن تزول أم أنها ستتحوّل إلى حركة إسلامية ثورية كما حدث في مناطق أخرى في الشرق الأوسط؟

     وقبل أن يبدأ المقال في محاولة الإجابة على هذه التساؤلات يشير إلى أن الخطر الحقيقي الذي تمثله ظاهرة العودة إلى الإسلام بين عرب إسرائيل (كما يعبّر صاحب المقال) هو أن الآلاف من الشباب الذين يعودون إلى الإسلام من جديد هم من طلاب المدارس الابتدائية والثانوية ومعاهد المعلّمين، أي أنهم من الجيل المثقف، وجيل المستقبل.

     ويورد كاتب المقال عدة أسباب لظاهرة الصحوة الإسلامية من أهمها: خيبةُ أمل الشباب بالشعارات الكثيرة التي طُرِحت لتحرير فلسطين، فقد وجد هؤلاء الشباب أن إيمانهم بهذه الشعارات لم يحقق لهم ما كانوا يصبون إليه من استعادة وطنهم.
*****

الأكثر مشاهدة