الخميس، 7 سبتمبر 2023

يا قدس! (5)

يا قدس! (5)

     تحية لك يا قدس الإسلام والمسلمين يَوْمَ أَسَرَكِ العدو، ويَوْمَ أن حاولوا بيعَكِ للعدو!.. بكتكِ قلوب المسلمين التي أثقلتها الآلام، وأوجعتها الأسقام، واشتدت عليها المصيبة، مصيبةُ أَسْرِ اليهود إياكِ في يومٍ شاحبٍ حزين، وكان أشد ما أصاب أفئدة هؤلاء الغيورين، ما شهدته من ضياع الأمة المسلمة حين تردّت في متاهات وضلالات، وعَدَتْ وراءَ سرابٍ كذوب، وصدّقت الدجالين والكذابين، فغُلِبَتْ على أمرها، وخُدِعَتْ عن معركتها، وذُهِلت عن حقيقتها، وغفلت عن مستقبلها ومصيرها، بسببٍ من تصديقها لما قاله الكاذبون والمجرمون، وانخداعها بمذاهب الفساد والضلال، واتباعها مبادئَ الأعداء والمستعمرين.

     هذه الأمة العظيمة الخالدة، كيف آلت إلى هذا المصير!؟ وكيف هانت على نفسها وعلى الناس!؟ أحقاً أنها أمةُ الإسلام يا قدس!؟ أحقاً أن أبناءها هم أهل القرآن!؟ أصحيح أنهم أحفاد الصيد الفاتحين، والغزاة المجاهدين، والعابدين الصادقين!؟ ترى أصحيح ذلك أم أن الحقائق والظنون كلها تكذّبه وتردّه!؟

مَنْ هــؤلاء التــــــائهون     وهجُ الزوابــع والرجومْ
والليـــلُ ينفـضُ فوقَهُـــمْ     من حزنـــه قـلقَ النجومْ
مَن هـؤلاء التــــائهون؟     أفهـــــؤلاء المسلمونْ!؟
أبــــداً تكــــذّبني وتــــر     جمني الحقائقُ والظنونْ

     إن الأمر لعجبٌ حقاً يا قدس!؟؟ وإلا كيف غلبَ اليهودُ المسلمين في حزيران العار، بينما القرائن الظاهرة، تدل جميعاً على استحالة ذلك!؟ ترى أثمة شك في أن السبب هو أنهم لم يكونوا يومَها حقاً مسلمين!؟

     إي والله!.. ما كنا يومها حقاً مسلمين، فقد تبدّلت بنا الحال غير الحال، ساء وضعنا، انحرفت عن السير قافلتُنا، تاه الأدلّاء وحار الهداة فإذا بنا ضائعون، ضائعون بين فكرٍ مستورد، ورأيٍ ضال أهوج يعلو عجيجه، ومبادئَ حمقاء تُدَقُّ لها الطبول، وجاهليةٍ جديدة يُدْعى لها باستمرار وتُحاط بالبهرج والبريق.

     إن عددنا كبير، لكننا ضعفاء، ذلك أن الصادقين من أهل الإيمان باتوا غرباء، وأُلقِيَتْ قيادة الركب إلى دجاجلة وكذبة وفراعين، فكان العار، وكان الشنار، وكان الإسار!. ولن يكون لك يا قدس خلاص إلا إذا قاد الركبَ قوم يؤمنون بالله، ولا يخافون في الحق لومة لائم.
*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة