الخميس، 7 سبتمبر 2023

يا قدس! (2)

يا قدس! (2)

     يا قدس!.. رَمَتكِ أوروبا بفرسانها من حملة الصليب من شتّى البقاع، دنّسوا البر والبحر وأعلوا نيران الأحقاد المدمرة، وفتكوا بالناس فتكاً ذريعاً، ويوم أن اقتحموا أسوارك المنيعة أحدثوا بأهلك مذبحة هائلة جداً قتل فيها سبعون ألفاً من المسلمين، حتى إن خيول الغزاة الحاقدين خاضت حتى رُكَبِها في دماء المذبوحين، وذلك كما جاء في رسائل البشرى بالنصر التي بُعِثت إلى البابا في الفاتيكان..

     فعلوا ذلك يا قدس!.. وهم يتلون كتاباً يزعمون أن من آياته: "مَنْ ضربك على خدك الأيمن فأدِرْ له خدك الأيسر، ومَنْ بعثك ميلاً فاذهبْ معه ميلين، ومن أمسك بطرف عباءتك فدعها له وامضِ"!..

     لكن الأمة المسلمة المنجبة الولود ما لبثت أن قامت تدافع في سبيل الله عن الدين والكرامة والأرض والشرف، وظهر منها مجاهدون أشداء منهم الزنكيَّان العظيمان عماد الين ونور الدين، ومنهم القائد العملاق صلاح الدين الأيوبي الذي دخلك فاتحاً منصوراً بعد أن قصم ظهر الصليبيين في حطين، فكان قمة في التسامح والنبل لا تزال أوروبا حتى يومنا مبهورةً به، فأعادك إلى حوزة الإسلام، وأعلى فيك راية القرآن، وأعاد إلى رحابك الأمن والسلام.

     وكما هلك همجيو الأمس من الصليبيين سيهلك بإذن الله همجيو اليوم من اليهود، وكما ظهر بالأمس صلاح الدين سيظهر في الغد بإذن الله صلاح للدين آخر، وكما عادت القدس إلى الإسلام محرَّرةً من الصليبيين فستعود بإذن الله إلى الإسلام محرَّرةً من اليهود.

القـــدسُ في أفقِ العلى كوكبُ     تشـــعُّ بالنــور فلا تعجـبـــــوا
أيــــامها بالحـــقِّ.. وضّـــاءةٌ     كـــانت بأطرافِ القنا تكتـــبُ
إنْ أطرب القيثـــارُ أسمـاعَنــا     فاللحنُ في أفــقِ الهدى أعذبُ
أو حلّت الأمجاد سـاحَ العــلى     فالمسجـد الأقصى لها أرحـبُ
والمجـــد مذ أشرق في قدسنـا     ما بـــاله في قدسنـــا يغـرب؟
يــا روضــةً كانت لنـا مرتعـاً     وكوثـــراً من فيضـه نشـربُ
وجنـــةً فيــها ربيــــــعُ المنى     في ظلّها أكبــــــادنـا تـــلعـبُ
مذ حلّ في أفيـــــائها غاصبٌ     ما عــــاد فيها بلبــــل يطربُ
مَنْ لي بسيفٍ لا يهابُ الردى     في كف من يزهو به الموكبُ
أو رايةٍ في جحفـــلٍ ظـــــافرٍ     يقوده الفـــــاروق أو مصعبُ
*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة