الخميس، 7 يوليو 2022

خطبة جمعة على ظهر سفينة

خطبة جمعة على ظهر سفينة

     أثر القرآن الكريم في النفوس حقيقة مقررة، وفِعله في القلوب غريب وعجيب، ولكن الأغرب والأعجب أن يثير القرآن الكريم مشاعر امرأة غير مسلمة، لا تعرف اللغة العربية من قريب أو بعيد، ويجعل عينيها تفيضان بالدمع.. ومع ذلك نحتاط فنقول: لا عجب ولا غرابة!.. فالقرآن كلام الله، وهو موجّه للناس جميعهم.

     يحكي الشهيد العالم الأديب سيد قطب رحمه الله، قصة جميلة في هذا المجال، عاشها على ظهر سفينة تتجه به إلى أمريكا يوم سافر إليها، وقد ذكرها في تفسيره في ظلال القرآن، وذلك في آخر تفسير قوله تعالى‏: ﴿أمْ يَقُولُونَ افتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ﴾ (يونس:38)، فيقول:

     "أذكر حادثاً وقع لي وكان عليه معي شهود ستة، وذلك منذ نحو خمسة عشر عاماً... كنّا ستة مسلمين على‏ ظهر سفينة مصرية تمخر عباب المحيط الأطلسي إلى‏ نيويورك، من بين (120) راكباً وراكبة أجانب، ليس فيهم مسلم.. وخطر لنا يوم الجمعة أن‏ نقيم صلاة الجماعة في المحيط على‏ ظهر السفينة! واللَّه يعلم -أنّه لم يكن بنا أن نقيم الصلاة لذاتها أكثر ممّا كان بنا حماسة دينية إزاء مبشِّر كان يقوم بمزاولة عمله على‏ ظهر السفينة، وحاول أن يزاول تبشيره معنا!... وقد يسَّر لنا قائد السفينة -وكان إنجليزياً- أن نقيم صلاتنا، وسمح لبحارة السفينة وطهاتها وخدمتها -وكلهم نوبيون مسلمون- أن يصلي معنا من لا يكون في (الخدمة) وقت الصلاة!. وقد فرحوا بهذا فرحاً شديداً، إذ كانت المرة الأولى‏ التي تقام فيها صلاة الجماعة على‏ ظهر السفينة... وقمت بخطبة الجمعة وإمامة الصلاة، والركاب الأجانب معظمهم متحلقون يرقبون صلاتنا، وبعد الصلاة جاءنا كثيرون منهم يهنئوننا على‏ نجاح (القدّاس)! فقد كان هذا أقصى‏ ما يفهمونه من صلاتنا! ولكن سيدة من هذا الحشد -عرفنا فيما بعد أنّها يوغسلافية مسيحية هاربة من جحيم تيتو وشيوعيته!- كانت شديدة التأثر والانفعال، تفيض عيناها بالدمع، ولا تتمالك مشاعرها.. جاءت تشد على‏ أيدينا بحرارة، وتقول -في إنجليزية ضعيفة-: إنّها لا تملك نفسها من التأثر العميق بصلاتنا هذه وما فيها من خشوع ونظام وروح!.. وليس هذا موضع الشاهد في القصة... ولكن ذلك كان في قولها: أي لغة هذه التي يتحدث بها (قسيسكم)!؟ فالمسكينة لا تتصور أن يقيم (الصلاة) إلّا قسيس -أو رجل دين- كما هو الحال عندها في مسيحية الكنيسة! وقد صححنا لها هذا الفهم! وأجبناها، فقالت: إنّ اللغة التي كان يتحدث بها ذات إيقاع موسيقي عجيب!.. وإن كنت لم أفهم منها حرفاً... ثم كانت المفاجأة الحقيقية لنا وهي تقول: ولكن هذا ليس الموضوع الذي أريد أن أسأل عنه.. إنّ الموضوع الذي لفت حسي، هو أن (الإمام) كانت ترد في أثناء كلامه -بهذه اللغة الموسيقية- فقرات من نوع آخر غير بقية كلامه! نوع أكثر موسيقية وأعمق إيقاعاً.. هذه الفقرات الخاصة كانت تحدث فيَّ رعشة وقشعريرة! إنّها شيء آخر! كما لو كان الإمام مملوءاً من روح القدس! حسب تعبيرها المستمد من مسيحيتها!. وتفكرنا قليلًا، ثم أدركنا أنّها تعني الآيات القرآنية التي وردت في أثناء خطبة الجمعة وفي أثناء الصلاة! وكانت -مع ذلك- مفاجأة لنا تدعو إلى‏ الدهشة، من سيدة لا تفهم مما نقول شيئاً!".

*****

أدب الانحلال.. أدب العبيد

أدب الانحلال.. أدب العبيد

     كتب سيد قطب يقول:

     أدب الانحلال هو في الغالب أدب العبيد، عبيد الطغيان أو عبيد الشهوات، وحين تُسْتَذَلُّ النفس البشرية لطاغية من طغاة الأرض أو لشهوة من شهوات الجسد فإنها تعجز عن التحليق في جو الحرية الطليق، وتلصق بتراب الأرض، وترتكس في وحل المستنقع، مستنقع الشهوة أو مستنقع العبودية سواء.

     فأدب الانحلال على هذا هو أدب العبودية، وهو لا يَرُوج إلا حين تفرغ الشعوب من الرغبة أو من القدرة على الكفاح في سبيل مثل أعلى، مثل أرفع من شهوة الجسد، وأعلى من تملق الطغيان لتحقيق مطمع صغير أو مطمع حقير، أي عندما تصبح الدنيا "سيجارة وكاس!.."، أو تصبح الحظوة عند الطغاة أمنية المتمنين في دنيا الناس.

     عندئذٍ يظهر في الأمة كُتّاب، ويظهر في الأمة شعراء، ويظهر في الأمة فنانون يلبّون هذا الفراغ من المثل العليا، ويمثلون هذا الارتكاس في حمأة الشهوة أو حمأة العبودية، وعندئذ يستمع الناس إلى هؤلاء الكُتّاب والشعراء والفنانين لأنهم يصوّرون مشاعرهم ويصوّرون أحلامهم، ويُزيّنون لهم الراحة من الكفاح والاطمئنان إلى الدَّعَة، والإخلاد إلى حياة الفراغ والترهل والانحلال.

     إن هؤلاء الكُتّاب والشعراء والفنانين يقومون حينئذٍ بمهمة تخدير الشعوب وتنويمها، سواءً سبّحوا بحمد الطغاة أو سبّحوا بحمد الشهوات، فأمّا حين يسبّحون بحمد الطغاة فهم يزيّفون الواقع على الشعوب، ويستنفدون طاقتها في الرجس والدنس، ويدغدغون غرائزها فتظل مشغولة بهذه الدغدغة، لا تفكر في شأن عام، ولا تحسّ بظلم واقع، ولا تنتفض في وجه طاغية لتناديه: "مكانك فنحن هنا!.."، فالشعب المستغرق في ذلك الخدر اللذيذ ليس هنا وليس كذلك هناك.

     والتاريخ يشهد أن الطغيان يملي دائماً لهذا الصنف من الكُتّاب والشعراء والفنانين، ويهيّئ لهم الوسائل، ويتيح لهم الجو الذي يسمح لهم بالعمل: جو الفراغ والترف والانحلال.

*****

أفحكم الجاهلية يبغون!؟

أفحكم الجاهلية يبغون!؟

     قال الأستاذ الشهيد سيد قطب -رحمه الله- في تفسيره المشهور "في ظلال القرآن"، وهو يفسّر قول الله عز وجل: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50].

     الجاهلية ليست فترة تاريخية، إنما هي حالة توجد كلما وُجِدت مقوماتها في وضع أو نظام، وهي في صميمها الرجوع بالحكم والتشريع إلى أهواء البشر لا إلى منهج الله وشريعته للحياة، ويستوي أن تكون هذه الأهواء أهواء فرد، أو أهواء جماعة، أو أهواء طبقة، أو أهواء أمة، أو أهواء جيل كامل من الناس، فكلها ما دامت لا ترجع إلى شريعة الله أهواء.

     يشرّع فرد لجماعة فإذا هي جاهلية لأن هواه هو القانون أو رأيه هو القانون، لا فرق في العبارات. وتشرّع طبقة لسائر الطبقات فإذا هي جاهلية لأن مصالح تلك الطبقة هي القانون. ويشرّع ممثلو جميع الطبقات وجميع القطاعات في الأمة لأنفسهم فإذا هي جاهلية لأن أهواء الناس الذين لا يتجردون أبداً من الأهواء، ولأن جهل الناس الذين لا يتجردون أبداً من الجهل هو القانون. وتشرّع مجموعة من الأمم للبشرية فإذا هي جاهلية لأن أهدافها هي القانون أو رأي المجامع الدولية هو القانون.

     ويشرّع خالق الأفراد وخالق الجماعات وخالق الأمم والأجيال للجميع فإذا هي شريعة الله التي لا محاباة فيها لأحد على حساب أحد، لا لفرد ولا لجماعة ولا لدولة ولا لجِيل، لأن الله ربُّ الجميع، ويعلم حقيقة الجميع ومصلحة الجميع، فلا يفوته سبحان أن يرعى مصالحهم وحاجاتهم بدون إفراط ولا تفريط. ومن هنا خطورة هذه القضية في حياة بني الإنسان وفي نظام الكون كله، وصدق الله العظيم: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ﴾ [المؤمنون:71]، فالحكم بغير ما أنزل الله معناه الشر والفساد والخروج في النهاية عن نطاق الإيمان بنص القرآن.

*****

الأربعاء، 6 يوليو 2022

الطريق إلى الغاية النبيلة

الطريق إلى الغاية النبيلة

     قال الكاتب الكبير سيد قطب رحمه الله:

     من الصعب عليّ أن أتصور كيف يمكن أن نصل إلى غاية نبيلة باستخدام وسيلة خسيسة!. إنّ الغاية النبيلة لا تحيا إلّا في قلبٍ نبيل، فكيف يمكن لذلك القلب أن يطيق استخدام وسيلة خسيسة، بل كيف يهتدي إلى هذه الوسيلة!؟

     إننا حين نخوض إلى الشط الممرع بركة من الوحل، لا بد أن نصل إلى الشط ملوّثين. إن أوحال الطريق ستترك آثارها على أقدامنا وعلى مواضع هذه الأقدام، كذلك الحال حين نستخدم وسيلة خسيسة. إن الدنس سيَعْلَقُ بأرواحنا، وسيترك آثاره في هذه الأرواح وفي الغاية التي وصلنا إليها.

     إن الوسيلة في حساب الروح جزء من الغاية، ففي عالم الروح لا توجد هذه الفوارق والتقسيمات. الشعور الإنسانيّ وحده إذا أحسّ غاية نبيلة لن يطيق استخدام وسيلة خسيسة، بل لن يهتدي إلى استعمالها بطبيعته.

     الغاية تبرر الوسيلة، تلك هي حكمة الغرب الكبرى لأن الغرب يحيا بذهنه، وفي الذهن يمكن أن توجد التقسيمات والفوارق بين الوسائل والغايات.

*****

الإصلاح والتربية

الإصلاح والتربية

     على الرغم من فكرة الإصلاح تستهوي كثيراً من الناس، وتُعجب بها طوائف كثيرة من البشر، وتنجذب إليها عن رغبة صادقة في الخير، ورجاء حقيقي نبيل في تحقيق الإصلاح بالفعل، وعلى الرغم من ذيوع هذه الفكرة وتداولها بين الناس واستمرار الحديث عنها في صور شتى وأشكال متباينة، فإن هذه الفكرة لم تحظَ عند الكثيرين بالفهم العميق الجاد، والدراسة المتأنية البصيرة، فضلاً عن أن تستحيل لديهم من فكرة نظرية إلى خطة عملية قابلة للتطبيق في واقع الحياة العملي.

     إن إصلاح الأمم والأفراد أمر عسير حقاً لا يجيء جزافاً ولا يتحقق عفواً، ولا يتم بجهد يسير ولا يمنح قياده لكل مُطالِب به حتى لو كان هذا المُطالِب به حسن النية صادق الرغبة فيما يفعل ويقول ويدعو إليه، ذلك أنه لا بد للإصلاح كي يتم من مُصْلِحٍ مخلص بصير، ومن عمل دائب صبور، ومن جهد متكامل متوازن، بحيث يحقق المصلح من خلال ذلك تربية عميقة أصيلة تبعد السلبيات، وتزيد الإيجابيات، وتدفع بحركة الإصلاح إلى الأمام.

     والأمة -فضلاً عن الفرد- لا تنهض من كبوة، ولا تقوى من ضعف، ولا ترتقي من هبوط، ولا تنجو من عيوب، إلّا بعد تربية أصيلة متكاملة، عميقة حقة، جادة ذكية. وقد تبدو التربية أمراً سهلاً لكنَّ هذا في الواقع خطأ كبير، فالتربية الهادفة التي نطلبها هي أشقُّ عمل في هذه الحياة على الإطلاق، وشتان بين تربية النفوس وإنمائها وصقلها، وتهذيبها والسموّ بها، وتفجير طاقاتها وإمكاناتها، وإنقاذها من عيوبها، وزرع الفضائل والمكرُمات فيها، وبين أي عمل آخر مثل إنشاء المباني وإقامة الجسور وشق الطرقات وتشييد المباني، بناء السدود، فذلك كله وإن كان لازماً ونافعاً ومطلوباً أقل بكثير من تربية الناس، أفراداً وأمماً، أقل من حيث الثمرة المطلوبة، وأقل من حيث الجهد المبذول.

     وإذن فإصلاح الأمم لا يتم إلا بتربية صادقة متكاملة، متناسقة متوازنة، تُحدِثُ فيها التغيير النفسي العميق، وتغوص بعيداً في الأعماق، وتحوّل الهمود إلى حركة، والغفوة إلى صحوة، والركود إلى يقظة، والفتور إلى عزيمة، والقعود إلى طاقة فعّالة بنّاءة، وتُوَزَّعَ الاهتمامات وتشتتها وتفرقها، إلى وجهة محددة بدقة، عرفت وسائلها بدقة وحددت طرقها التي تقود إليها. تربية تحوّل الوجهة والأخلاق والميول والعادات، وتهذب الغرائز والرغبات، وتُحدِث تبديلاً عميقاً جداً في حياة الأمة يجعل إمكاناتها تتدافع في طريق الخير والحق على كافة المستويات، وبدون ذلك يكون الإصلاح كذباً ولهواً، والنهضة حبراً على ورق، وشعارات التطوير والتنمية والرقي وما إلى ذلك كلاماً أجوف يتبدد في الهواء.

     ولقد قرر القرآن الكريم سنة قائمة ثابتة من سنن الله عز وجل في هذه الحياة ... وذلك في الآية الكريمة المعجزة، الوجيزة جداً، الغنية جداً: ﴿إِنَّ اللّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11]، فبدء التغيير إذن يكون من داخل النفس الإنسانية قبل أي شيء آخر، ولكن هذا التغيير ليس بالأمر السهل الهيّن، إنه عبء ثقيل شاق وإنْ كان عبئاً نبيلاً، تنوء به الكواهل، وتعيا دونه الهمم، ما لم تستند إلى القوة التي لا تنفد، والمعين الذي لا ينضب، إلى الإيمان، ذلك أن الإنسان مخلوق مركّب معقّد جداً، ومن أصعب الصعب تغيير نفسه وسلوكه وقلبه، لكنه إن تم تغييره وفقاً لتعاليم الإيمان الخيّرة، جاء الإصلاح الحقيقي الجاد، والتربية المنشودة المأمولة، وتدفق منه العطاء النافع المبارك، وصحّت مسيرته، واستقامت طريقته، وعاد بالنفع على نفسه، وعلى مَنْ حوله، وعلى جماعته وبلده.

     ولا شك أن التحكم في مياه نهر كبير، أو تحويل مجراه، أو حفر الأرض، أو نسف الصخور، أو شق الطريق، أو بناء المعامل والسدود، أو أي تغيير في معالم الكون المادي أسهل بكثير من تغيير النفوس وصياغة القلوب والعقول، فبناء تلك الأشياء المادية أمر سهل حين تتوفر أدواته ووسائله، أما بناء الإنسان فهو أمر شاق حقاً.

     إن من العسير الصعب الشاق حقاً أن تبني الإنسان، الإنسان القادر على نفسه، المسيطر على رغباته ونوازعه، الموجّه لطاقاته في سبيل الخير، النائي بمحض اختياره عن الشرور، الملتزم بإرادته الحرة بالفضائل والمكرمات، المتحكم في شهواته، المحدد لغايته ووسيلته معاً، الذي يؤدي واجبَه قبل أن يطلبَ حقه، الذي يعرف الحق ويتبناه ويدافع عنه، ويعرف الخير ويحبه لنفسه، ويحبه للناس كذلك، الذي يتحمل مسؤولية في إصلاح الفاسد وتقويم المعوج، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

     إن صياغة مثل هذا الإنسان أمر شاق جداً، صعب حقاً، ثقيل وعسير، لكنه بالرغم من كل ذلك أمر مطلوب وممكن:

     مطلوب لأن الفائدة المرجوة منه بعد تمامه عظيمة جداً، تعوّض كل الجهد المبذول، وتقدم محصولاً عظيم النفع للفرد وللجماعة، بل وللإنسانية كلها.

     وممكن لأنّ مفتاحه موجود، وهو الإيمان، الإيمان الذكي البصير الجاد، المترفع عن السفاسف، المتوجه إلى الله عز وجل فيما يفعل، إنه هو المفتاح القادر على ذلك، ولقد حققه بالفعل في صورة جماعة بشرية متكاملة مثالية هي صورة المجتمع الإسلامي الأول، وفي صور فردية متألقة، تظل تظهر بين الحين والآخر، لتكون شواهد صدق على مقدرة الإيمان على تربية الرجال، وإعدادهم إعداداً مشرفاً في غاية التألق والسمو، والنفع والإيجابية.

*****

العقاد وسرُّ بقاء العربية

العقاد وسرُّ بقاء العربية

     قال الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد رحمه الله وهو يتحدث عن سر بقاء اللغة العربية بينما بادت لغات كثيرة ساد ذووها حيناً من الدهر:

     لقد قيل كثيراً: إن اللغة العربية بقيت لأنها لغة القرآن الكريم، وهو قول صحيح لا ريب فيه، ولكن القرآن الكريم إنما أبقى اللغة، لأن الإسلام دين الإنسانية قاطبة، وليس بالدين المقصور على شعب أو قبيل، وقد ماتت العبرية وهي لغة دينية، أو لغة كتاب يدين به قومه، ويحسبون أنهم وحدهم المخصوصون بالخطاب من عند الله، ولم تمت العبرية إلا لأنها فقدت المرونة التي تجعلها لغة إنسانية، وتخرجها من حظيرة العصبية الضيقة، حيث وضعها أبناؤها منذ قرون.

     إن هذه الفضيلة الإنسانية التي لا تفرق بين العربي والأعجمي، ولا بين القرشي والحبشي، لهي التي أنهضت لخدمة اللغة أناساً من الأعاجم غاروا عليها من حَيْف الأعجمية، أي غاروا عليها من لغة أمهاتهم وآبائهم، لأنها "أي العربية" لغتهم على المساواة بينهم وبين جميع المؤمنين بالقرآن الكريم، كتاب الإسلام، ولو كان هذا الكتاب عصبياً لا يشرك في تراث الدين أحداً غير أبناء لغة من اللغات، لما جاءت الغيرة عليه من الأعاجم كما جاءت من أبناء قحطان وعدنان.

     ونحن معاشر المتكلمين بالعربية في عصرنا، نسير على نهج الأقدمين في خدمتها كلما حرصنا على قواعدها، وحرصنا إلى جانب القواعد على مرونتها، وعلى مزيتها الكبرى من قبول التجديد والموافقة لمطالب بني الإنسان في جميع العهود.

     وستبقى اللغة العربية ما دام لها أنصار يريدون لها البقاء، ولم ينقطع أنصارها في عصرنا الحاضر، بل نراهم بحمد الله يزدادون ويتعاونون، ويتلاقى أبناء البلاد المختلفة على خدمتها ودعمها، لأنهم مختلفون بمواقع البلاد، متفقون بمقاصد الضمائر والألسنة.

*****

خالد محمد خالد بين موقفين

خالد محمد خالد بين موقفين

     في شهر رمضان من عام 1397هـ (1977م) كتب الأستاذ خالد محمد خالد مقالاً في جريدة الأخبار في القاهرة أعلن فيه أن الإسلام دينٌ ودولة، وقبل ذلك التاريخ بأكثر من ربع قرن، كان قد أعلن في كتابه "من هنا نبدأ" قوله: "إن الدين لا يعنيه أن يكون دولة، ولا يعنيه أن يتدخل في بناء الدولة".

     ولا ريب في أنّ عدول الأستاذ المؤلف عن رأيه الأول المخطئ، عمل مشكور وشجاعة أدبية وخُلُق كريم من أخلاق العلماء.

     وحين سُئل عن ذلك أجاب: هذا رجوع عن رأيي وتصحيح له، والكاتب الأمين هو الذي لا يفتأ يراجع نفسه ويتقصّى أفكاره فإذا اكتشف فيها خطأ صحّحه وهتف به.

     وقال عن كتابه "من هنا نبدأ" الذي حمل رأيه الأول المخطئ:

     الكتاب سيظل كما هو كتاباً مقروءاً ذلك لأنه لم يقتصر على قضية الحكم في الإسلام فحسب، بل هو ينتظم قضايا أخرى لا تزال لها أهميتها ولم يتغير رأيي فيها، وسيبقى الكتاب كما هو شاهداً على مسار التفكير وتطوره عند المؤلف وعند عصره، بيد أني في الطبعات التالية من الكتاب سأصدرها برأيي الجديد مع تفنيد الرأي القديم وطرحه من الحساب.

     وحين سُئل عن تصوّره للإسلام ديناً ودولة كيف هو هذا التصوّر أجاب:

     الإسلام دينٌ متكامل وشريعة عميمة شاملة، جاء ليعطي الإنسان منهجه، روحاً ومادة، فرداً ومجتمعاً ودولة. إنّ النصّ القرآني ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [ص: 26]، يشير إلى ما يمكن أن نسمّيه الوظيفة السياسية للأنبياء والمرسلين، إنه أمر بتحمل أعباء الخلافة والحكم.

     ونحن حين نقول الإسلام "دين ودولة" لا نهضم الدولة بل نرفع من قدرها إذ نضعها في كنف الله العلي القدير وفي صحبة قوانينه وكلماته. وحين نتقبل من الأنبياء رعايتهم السياسية إنما نأوي إلى ركن شديد ونصوغ حياتنا في أحسن تقويم.

     إن الفقه الإسلامي لم ينل من الأمة المسلمة حتى الآن ما يستحقه من ولاء وهو كفيل بإغنائها عن كافة القوانين الدخيلة في غير تخلف أو جمود.

*****

العرب والمُلْك

العرب والمُلْك

     "إن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية، بسبب خُلُق التوحش الذي فيهم، فهم أصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض، للغلظة والأنفة، وبعد الهمة، والمنافسة على الرئاسة فقلّما تجتمع أهواؤهم، فإذا وُجِد الدين كان الوازع لهم من أنفسهم، وذهب خلق الكبر والمنافسة فيهم، فيسهل انقيادهم ويتم اجتماعهم، ويحصل لهم التغلب والملك، وهم مع ذلك أسرع الأمم قبولاً للحق والهدى، لسلامة طباعهم من ذميم الأخلاق". (مقدمة ابن خلدون).

     "وكم استنجد أهل غرناطة!.. كم استصرخوا إخوانهم العرب والمسلمين في كل مكان!.. وكان الحل والإنقاذ في أيديهم لو أنهم اتفقوا فيما بينهم، لو نسي كل واحد منهم نفسه، لو ذكر كل واحد منهم أن الأمر يتعلق بمصير شعب وحضارة وعقيدة، إذاً لنجا الأندلس. ولكن كل شيء كان ممكناً إلا الاتفاق، كل شيء كان في نظرهم مقبولاً إلا أن يسلم أحدهم للآخر، كلهم أرادوا أن يكونوا ملوكاً، وفي أثناء الصراع ضاعت المملكة فأصبحوا متسوّلين مشرّدين". (د.حسين مؤنس: في كتابه "في رحلة الأندلس).

*****

شعراء ومشاعر

شعراء ومشاعر

     تزدحمُ المشاعر الكريمة، وتتدفق المعاني النبيلة في فؤاد الشاعر العربي القديم "معن بن أوس"، هو كالمقنع الكِندي أصالةً وشموخاً وارتفاعَ نفس في أبياته التي يقدمها بين يدي ابن عمه دلالةً على الوفاء والإخلاص.

     هو المعنى الرائع الذي يتجاوز حدود "الأنا" الضيقة ليتصل برحاب المودة والعطاء وتَدَفُّقِ الوجدانِ بالخير، وازدحامِه بالنُبل، وارتفاعه على الصغائر.

     إنه يصفح عن الإساءة عسى أن يكون هذا الصفح سبيلاً إلى تطهير نفسه:

لعَــــمْرُكَ مـا أدري وإني لأوجــلُ     على أيِّنـــا تعـــدو المنيّــــــــةُ أوَّلُ
وإني أخـــوك الدائمُ العهـدِ لم أخنْ     إذا ســـاءَ خصمٌ أو نَبــــا بكَ منزلُ
أحاربُ مَنْ حاربتَ من ذي عداوة     وأحبـــسُ مالي إنْ غُرِمْتَ فأعقــلُ

     إنّ الشاعر يؤمل أن تصنعَ هذه الحسنى صنيعَها في قلب قريبة فتجعلَه يدركُ أنَّ شاعرَنا كنزٌ له، قوةٌ ومضاء، عدةٌ يقابل بها الحادثات، إنه يدُه اليمنى، وإنه سيقطعها ويخسرها إن تخلى عنه وأهمله:

وإن سُؤْتني يوماً صفحتُ إلى غدٍ     ليعقـــبَ يوماً منـــكَ آخرُ مُقبِــــلُ
كأنـــكَ تشفي منـكَ داءَ إســـاءتي     وسخطي وما في رِيبَتي ما تعجّلُ
وإني على أشيــــاءَ منك تَرِيبــني     قديماً لَذو صَفْحٍ على ذاك مجــملُ
سَتُقْطَعُ في الدنيا إذا ما قطعـــتني     يمينُـــكَ، فانظرْ أيَّ كفٍّ تبــــــدّلُ

     وهذا الاتجاه الكريم نجده عند شاعرٍ آخر يتجاوز مواضعَ الهوان والإسفاف، ويرنو ببصره إلى أفقٍ سامق كريم، تشده الأخلاق العالية، وتأسِرُ قلبَه فضائل الصفات فإذا به يرى أن العفو والتسامح زينةُ الفتى، وأنّ أحسنَ خلائقِه أن يبتعد بسمعه عن الفواحش حتى كأنّ في أذنيه صَمماً عن كلِّ قولٍ مشين.

     وهذا الفتى النبيل الذي يشدُّ ناظرَيْ شاعرنا "سالم بن وابصة الأسدي" سليمُ دواعي الصدر، لا يبسطُ أذى، لا يمنعُ خيراً، لا يقولُ سوءاً ولا هُجْراً. وهو إلى جانب ذلك عاقلٌ ماجد، كريمٌ حر، يلتمسُ الأعذارَ لزلةِ صديقه إذا أخطأ، غنيُّ النفس لا يذهبُ بلبِّه بريقُ الدنيا، ولا تهزُّ أعصابَه أكداسُ المال والذهب لأنه إذ ذاك سيتحولُ إلى فقيرٍ لا يشبع مهما ازداد مالُه كأن المتنبي بعينه يقول:

ومَنْ ينفق الساعاتِ في جمع ماله     مخـــافةَ فقرٍ فالـــذي فعَلَ الفقــــرُ

     يقول سالم بن وابصة الأسدي عن الفتى الذي يراه نموذجاً للفضائل التي يحبُّها ويتعشقُها:

أحبُّ الفتى ينفي الفواحشَ سمعُـــه     كـــأنَّ به عن كل فاحشـــةٍ وَقْـــرا
سليمُ دواعي الصدر لا باسطاً أذى     ولا مانعاً خيراً ولا قائلاً هُجْـــــرا
إذا شئتَ أن تُدْعى كريماً مكـــرَّماً     أديباً ظريفاً عاقلاً ماجداً حُــــــــرّا
إذا ما أتتْ من صـــــاحبٍ لكَ زلّةٌ     فكنْ أنتَ محتالاً لزلّتــــه عُـــــذرا
غِنَى النفسِ ما يَكْفيكَ من سَدِّ خَــلَّةٍ     فإن زادَ شيئاً عادَ ذاك الغنى فَقــرا

     ومن أروعِ نماذج هذا الاتجاه في الشعر العربي أبياتُ الشاعرِ الحماسي "الحارث بن وَعْلة الجرمي" إذْ قتلَ قومُه أخاه "أُمَيْماً"، فهو يتحملُ المرارةَ في أسى واصطبار، وشجاعةٍ ورجولة، فيلوذُ بخُلُقِ العفو والتسامح، ويعتصمُ بمعانيهما فتحميهُ فضائلها من لذةِ الانتقام، وشهوةِ البطش والثأر.

     إنّ سهمَه سيرتدُّ إليه إذا أطلقه نحوَ قومه، فهُمْ منه، وهو منهم، وستكونُ البليةُ أشدَّ وأنكى حينذاك:

قــومي هم قتلوا أُمَيْــــمَ أخي     فـإذا رميتُ يُصيبني ســهمي
فلئــنْ عفـــوتُ لأَعْفُوَنْ جَلَلَاً     ولئنْ سطوتُ لأوهِنَنْ عظمي
لا تـــأمننْ قوماً حقـــــــرتهمُ     وبدأتـــهمْ بالشتــــمِ والرَغْــمِ
أن يأبـــــروا نَخْلاً لغيـــرهمُ     والأمرُ تحقـــــرهُ وقـد يَنْـمي
وزعمتـمُ أن لا حلـــــومَ لنــا     إن العصا قُرِعَتْ لـذي الحِلْمِ

     لقد ارتقى الشاعر في أبياته هذه درجاتٍ رائعة في فضائل الرجال والكمال، وبلغ غايةً مشرفة منيفة في درجات قهر النفس والسيطرة على نوازعها.

     وفي موقف مشابه نلتقي بالشاعر العربي الذي قَتل أخوه ابناً له فأدركته الحيرة ولم يدرِ ما الذي يفعل، ثم وجدَ الخلاص في أن يراهما مثلَ يَدَيْنِ إحداهما أصابته بالأذى؛ فماذا يفعل بها؟ يقول:

أقولُ للنفس تَأْســــاءً وتعـــزيةً     إحدى يدي أصابتني ولم تُـــرِدِ
كلاهما خَلَفٌ عن فقدِ صــاحبِه     هذا أخي حينَ أدعوه وذا ولدي

     أمّا بشار بن بُرْد فإنه يصل إلى مستوى أبعدَ من ذلك، إذْ يجعلُ من معاني العفو والتسامح منطلقاً وقاعدةً يُبْنى عليها سلوكٌ حيوي، ويحاول أن يجعلَ من هذه القاعدة قانوناً يحكمُ بين الناس، وتقومُ عليه صِلاتُ الود والمرحمة والمحبة. فعلى المرء أن يغفرَ لصديقه زلّته، وألّا يبالغَ في تعقبِ أخطائه، ويلتمسَ له العذر، وإلّا فإنه سيجدُ نفسه وحيداً في خاتمة المطاف:

إذا كـنــتَ في كل الأمور معــــاتـباً     صديقَـــك لمْ تــلقَ الذي لا تعــــاتبهْ
فعِـــشْ واحداً أو صِلْ أخـــاك فإنـه     مقــــارفُ ذنـــــبٍ مرةً ومجــــانبهْ
ومن ذا الذي تُرْضى سجـــاياه كلها     كفى المرءَ نبـــــلاً أن تُعَدَّ معـــايبهْ
إذا أنتَ لم تشربْ مِراراً على القذى     ظمئتَ وأيُّ النـــاسِ تصفو مشاربهْ

     في شعرِنا العربي روائعُ خالدةٌ من الشعرِ الأصيل، وإنما يَغْفُلُ عنها جاهلٌ أو متجاهل.

     وجديرٌ بنا أن نلتقيَ بها ونتعرفَ إليها، وننظرَ بازدراء إلى أولئك الذين يحتقرون تراثَ أمتهم، ويقلدون الآخرين تقليدَ القردة لأنهم قبلَ كلِّ شيء مهزومون، مهزومون نفسياً وفكرياً وحضارياً. وإن التخلصَ من هؤلاء المهزومين خطوةٌ مهمةٌ جداً لا بد أن نقطعها ونحن نبحث عن الأصالة ونحثُّ الخطى نحو النهضة الصحيحة، ونرقبُ بشوقٍ عظيم وأعصابٍ مشدودة طلوعَ الفجرِ الصادق.

*****

وا إسلاماه!

وا إسلاماه!

     بلغت موجة التتار منتهى عنفها وزخمها وضراوتها عام 656هـ= 1258م؛ حين وصلت بغداد فاجتاحتها، وقتلت خليفة المسلمين فيها، وفتكت بالمدينة فتكاً ذريعاً جداً، فكانت نكبة بغداد عاصمة الخلافة من أفدح نكبات التاريخ وأشنعها.

     وبعد السقوط المريع لبغداد صار واضحاً جداً أن مركز الثقل الجديد لمقاومة التتار انتقل إلى القاهرة التي كان يتولى السلطة فيها أمير مملوكي شجاع هو السلطان المجاهد قطز؛ الملقب بالملك المظفّر، الذي يُعَدُّ بلا جدال مَعْلماً بارزاً من معالم الجهاد في تاريخ المسلمين.

     وامتدّت أنظار التتار إلى مصر، وكتبوا إلى قطز محذّرين منذرين، فأشار علماء المسلمين عليه ألّا يضيع الوقت، وأن يأخذ بأسباب الجد والاجتهاد والجهاد، وطالبوا بإعلان الجهاد، والأخذ بزمام المبادرة لأنه "ما غُزِيَ قومٌ في عقر دارهم إلا ذلّوا"[1]، ولأن اتباع مبدأ "ذات الشوكة"، وملاقاة العدو هو الحل المشرّف لسلطان القاهرة وساكن القلعة.

     وانتشر العلماء في البلاد يزيلون أركان الوهن والفساد، ويطهّرونها من الضعف والترف، ويجتثّون منها كل ما يُغضب الله عز وجل، ويحرّكون وجدان الأمة وضميرها بعقيدة التوحيد وراية لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويحثّونها على الجهاد، ويشجّعونها على البذل والفداء.

     وحين اكتملت العدة عبرت جيوش الإسلام بقيادة قطز وحوله العلماء وقادة المماليك سيناء تسبقهم فرق خاصة من الفدائيين كانت تُعرف باسم "الجهادية". ودخلت هذه الجيوش بلاد الشام الجنوبية باسم الله وعلى بركته، وعلى نيّة الجهاد في سبيله، وعَفَّرَ قطز وأمراء المماليك وجوههم بالتراب سائلين الله عز وجل أن يكتب النصر للإسلام والمسلمين.

     وكانت "وا إسلاماه" صرخة الحرب وشعارها وهتافها المدوّي، كانت تهزّ القلب، وتفجّر الشجاعة، وتستنهض العزيمة، وتستثير كوامن البطولة وحبّ الموت. كانت "وا إسلاماه" كلمة وعى حقيقتها ومغزاها البربريُّ والسوداني، والتركي والعربي، والكردي والفارسي، وغيرهم من مختلف الألسن التي ضمّها جيش الإسلام الماجد يومذاك.

     وفي الثالث من أيلول/ سبتمبر (1260م= 658هـ) دارت رحى معركة عين جالوت قاسية عنيفة رهيبة، وانتصر الإسلام نصراً حاسماً خالداً. ودُفِنَ في ساحة المعركة ذلك القول الانهزامي الاستسلامي الذي سار من أقاصي آسيا إلى بلاد الشام وهو "إذا جاءك أن التتار انهزموا فلا تصدّق".

---------------
[1] قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في تعليقٍ له على مقالة الشيخ أحمد شاكر حول تصحيح الكتب (ط: دار البشائر الإسلامية، بيروت): هذا من قول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في خطبة طويل. وجاء في رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية إلى السلطان الملك الناصر (ص16) مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالله أعلم بثبوته. اهـ. https://al-maktaba.org/book/31615/32132

الأكثر مشاهدة