الخميس، 7 سبتمبر 2023

اليهود وفلسطين

اليهود وفلسطين

     لا يخطئ المرء أن يلحظ عناية اليهود في فلسطين بدينهم ولغتهم وتاريخهم عناية بالغة، والشواهد التي تؤکد عنايتهم هذه كثيرة جداً. وفي إطار عنايتهم هذه قاموا بنشاطات كثيرة، بعضها له أصل وجذور، وكثير منها تزييف محض خالص، واختراع واختلاق.

     والحق أن اليهود قاموا من أجل هذا التزييف بجهود كبيرة، وهم يسعون من أجل ذلك، منذ دهر بعید بدأب وإصرار. فلقد سموا كيانهم المسخ باسم "إسرائيل" على اسم نبي الله يعقوب عليه السلام الذي يزعمون أنهم إليه ينتسبون، وهم ابتدعوا حكاية جدار المبكى وهو أحد جدران المسجد الأقصى، وأخذوا يتوافدون للبكاء على مجدهم المزعوم منذ القرن الماضي حتى جعلوا ذلك تقليداً دينياً لهم يبدو كأنه موغل في القدم. وهو في الحقيقية يرجع إلى أيام ولاية محمد علي باشا حاكم مصر على الشام حين ضمها إلى حكمه.

     وللجيش عند اليهود حاخامات دینیون كبار يملؤونه بالأباطيل اليهودية، ويشرفون على ذبح الأنعام له وفق عقيدتهم، وقائد أحد قواتهم عام (1967م) ينفخ في البوق متأسیاً بفعل أحد أنبيائهم كما جاء في التوراة، وقد نشرت صور لجنودهم في العام نفسه، يظهر فيها بعضهم في باحة المسجد الأقصى المبارك، وهم يحملون السلاح بيد، والتوراة باليد الأخرى، كما يظهر بعضهم الآخر وهم يرتلون شيئاً من التوراة في صحراء سيناء وقد ظهر عليهم الخشوع.

     وأضف إلى ذلك عناية اليهود الفائقة باللغة العبرية، فقد أحيوها من بين الأنقاض، ونهضوا بها بعد أن خرجت من دنيا الاستعمال، ونسيها اليهود أنفسهم، وظلت بين أحبارهم وقادتهم الدينيين فحسب. لقد عادوا بها إلى الحياة، واستعملوها في الجيش والتعليم والإذاعة والصحافة والبحث العلمي، وفي كل مكان، وهم يشترطون اليوم على كل من يهاجر إلى فلسطين من يهود العالم أن يختار لنفسه اسماً عبریاً.

     إذا كان علينا أن نتعلم من تاريخنا فقد عرفنا أن النصر كان حليفاً لنا دائماً حين نتمسك بإسلامنا، وإذا كان علينا أن نتعلم من تاريخ العدو ومما يفعله الآن، فلنعلم مما يقوم به اليوم من حرص واسع على التراث، أهميةَ التراث في حياة الأمم، فلنعد إلى تراثنا الذي شكله وصاغه الإسلام، لنتشبث به، ونحرص عليه، ونصوغ حياتنا على هديه ونوره، وننتزع الفوز بإذن الله بانطلاقنا من عطائه الخيّر المبارك.
*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة