الخميس، 7 سبتمبر 2023

أيتها القدس! (11)

أيتها القدس! (11)

     أيتها القدس الحبيبة الغالية!.. يا قدس الإسلام والمسلمين!.. سلامٌ عليكِ من الله ورحمة وبركة، سلامٌ عليكِ يا من بارككِ رب السماء، وعطّر رباكِ نور الأنبياء، وأعلى مقامكِ دم الشهداء.

     سلام عليكِ يوم افتتحكِ للإسلام والمسلمين الخليفة الراشد العظيم عمر بن الخطاب، وسلام عليكِ يوم استرجعك من الصليبيين السلطان العبقري المجاهد صلاح الدين الأيوبي. وسلام عليكِ يوم أسركِ اليهود في عام الخزي والهزيمة والعار!..

     ترى، هل طاب لك المقام بین أنذال یهود؟ هل قرّت عيناكِ بمرأى الجبناء يختالون متكبرين متتالين؟ ترى كيف أنتِ اليوم وقد خضبَتْ جدرانكِ الدماء، وازدحمت في شوارعكِ الأشلاء، وعاث في أرضكِ الدخلاء؟

     كيف أنتِ وقد عدا عليكِ الأنذال الجبناء، فبطشوا وفجروا، ولم يبق فيكِ إلا خائف محزون، وأسير مسجون، ومفزوع مكروب، وضائع مسلوب، ومسكين محروب، ومجاهد مؤمن صابر استعلى على البطش والطغيان، ومضى يجاهد في سبيل الله تعالى منتظراً إحدى الحسنيين؟

     كيف أنتِ وقد داس الدخلاء كرامة الحق، ودنسوا الفضيلة والشرف، وأبدلوكِ بالأمن رعباً، وبالطمأنينة فزعاً وهلعاً؟ ترى أوَ تقبلين بدلاً عن طهر الإيمان وجمال الأذان، وترتيلة القرآن، خبث اليهود وأدناسهم، ومكر الدخلاء وفجورهم!؟ هل يا ترى قبلت سلالة قتَلة الأنبياء الكرام بدلاً من أحفاد المهاجرين والأنصار!؟ وإخوان شيلوك وكوهين بدلاً من أحمد وحسن وصالح؟

     لا والله يا قدس ليس ذلك مما تفعلين!.. فأنتِ ما هُنْتِ ولا قبلتِ، ولكن نحن الذين هُنَّا وقبلنا يوم ابتعدنا عن ديننا. ما رضيت أنتِ الدون، ولكن نحن الذي رضينا يوم نأينا عن الإيمان. ما أبيتِ الجهاد ولكن نحن الذي أبيناه يوم رضينا القعود والتواكل والإخلاد.

     يوم الهزيمة.. نسينا الله عز وجل فوُكِلنا إلى نفوسنا، فإذا بها -وقد استغنت عن الدين- عجز وخواء وذلة وهوان، خواء فارغ لا يقوى على الجهاد لأنه وقد بعد عن الدين، بات مهترئاً منخوراً عاجزاً ذليلاً مهزوماً من الداخل؛ ذلك أن أفكار یهود قد تسللت إلينا قبل حرابها، وأخلاق یهود قد دخلتنا قبل سيوفها، وعقائد وفلسفات یهود قد اقتحمتنا قبل طائراتها.

     ويوم النصر سيأتي حين نأخذ العبرة من يوم الهزيمة، ونصحح موقفنا فعلاً، ونعود إلى الله حقاً وصدقاً، عندها سيكون النصر المؤزر الذي شهدت منه يا قدس في حرب رمضان بشائر فحسب، توازي تماماً حجم الصحوة الجزئية التي فاءت إليها الأمة، والتي نأمل أن تزداد وتتعاظم باستمرار إن شاء الله.
*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة