الثلاثاء، 22 أغسطس 2023

جيمس بار وعائلته إلى الإسلام

جيمس بار وعائلته إلى الإسلام

     لعل كثيراً من الناس في الإسكندرية لم يهتموا بذلك الشاب الأمريكي الأسود، يسير في أحد شوارعها ومعه زوجته الأمريكية الشقراء، ومعهما طفلان صغيران، طفل أسود مثل والده تماماً، وطفلة شقراء مثل أمها تماماً. إنه مستر جيمس بار القادم من جامعة هارفارد، وأمّا زوجته فهي ماريان، وأمّا الطفلان فهما أريك وإيفا.

     قال جيمس بار، الشاب الأمريكي الأسود، والذي لم يتجاوز الخامسة والثلاثين من عمره بعد: إنه درس الفلسفة، وعلم النفس الجنائي في جامعة "هارفارد"، وألقى عدداً من المحاضرات في جامعات سويسرا وألمانيا الغربية، ثم سافر إلى بيروت وعمل محاضراً في جامعتها الأمريكية، وأخيراً جاء إلى مصر ليَدرُس الإسلام والقرآن الكريم، ويتعلم اللغة العربية في الأزهر الشريف. وقد بدأت قصته مع الإسلام في أمريكا، عندما سمع واحداً من الزعماء الأمريكيين السود يتحدث عن تعاليمه.

     لكنّ فكرته عن الإسلام في البداية كان فيها خطأ كبير، ذلك أنه كان يعتقد بسبب جهل من علّموه في أمريكا أنّ الإسلام دين خاص بالسود، وأنه دين الخلاص لهم وحدهم، لكنه فيما بعد اكتشف خطأه، وصحّح من موقفه، واقتنع أنّ الإسلام دين الجميع بدون أي تمييز في اللون أو اللغة أو الجنس أو الطبقة الاجتماعية. واهتمّ جيمس وزوجته ماريان بالإسلام، وعندما سافرا إلى بيروت وجدا أمامهما فرصة أكبر لدراسة تعاليم هذا الدين العظيم.

     وما زالا يدرسان الإسلام، ويفكران فيما يتعلمان من أموره، ويقارنان بينه وبين المسيحية التي كانا عليها، حتى انتهى بهما الأمر إلى الاقتناع التام بعظمة الإسلام وصحته، وأنه دين الهداية والإنقاذ، فكان أن أسلما في بيروت، وأشهرا إسلامهما أمام أحد القضاة المسلمين، ثم قررا دراسة الإسلام في الأزهر الشريف، وسافرا إلى مصر من أجل ذلك، ومن أجل تعلم اللغة العربية كذلك.

     يقول جيمس: إنه سوف يُمضي في مصر ثلاث سنوات على الأقل، حتى يفهم الإسلام على حقيقته وتفهمه زوجته على حقيقته كذلك، وبعد ذلك يعودان إلى أمريكا لينشرا تعاليمه الكريمة، ويدعوان إليه بين الأمريكيين، وليسعيا –ما وسعهما الجهد– إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام بين المسلمين الأمريكيين، الذين اقتنعوا بصحة هذا الدين، وأسلموا عن قناعة تامة، وصدق وإخلاص، لكنه لم تُتَحْ لهم الفرصةُ من أجل أن يدرسوا الإسلام دراسة شاملة، صحيحة ونقية.

     وحين سُئِلت زوجته ماريان: لماذا اقتنعتْ بالإسلام وغيّرتْ ديانتها!؟ تلقف طفلها الصغير أريك وهو في السادسة من عمره الإجابة ليقول بسرعة: من أجل أن نكون أناساً طيبين!.

     وهنا ابتسمت ماريان في سعادة وقالت للسائل: تماماً كما يقول ابني، لقد عبّر رغم صغر سنه بأمانة ووضوح وبعبارة وجيزة عن سؤالك إياي: لماذا صرتُ مسلمة؟

     ونظرت ماريان إلى زوجها وطفليها وقالت: لقد اكتشفنا أنّ المساواة قاعدة أساسية في الإسلام، فهو الدين الذي يسوّي بين الناس جميعاً، ولا يفرّق بينهم لأي سبب من أسباب العنصرية كاللون أو الطبقة الاجتماعية.

     إنّ الإسلام يعلمنا كيف نكون أنقياء بسطاء رحماء، وإننا نؤمن بالله عز وجل، وبالقرآن الكريم وتعاليمه، وجئنا لندرس القواعد السليمة لديننا الجديد.

     هذا .. وقد قررت ماريان تغيير اسمها إلى عائشة، واختار زوجها اسم عبد الله، أما الطفل أريك فاسمه هو علي، وأما الطفلة إيفا فقد صار اسمها مُنى.

     وإننا إذ نفرح حين نورد خبر هذه الأسرة الأمريكية التي هداها الله تعالى للإسلام لا يفوتنا أن نرى فيها أكثر من درس وأكثر من دلالة. فالرجل الذي أسلم أستاذ في الجامعة، ومعنى ذلك أنه على مستوى ثقافي جيد بين ذويه، ولم يعمل في الجامعة في بلده فقط، بل عمل كذلك في سويسرا وألمانيا الغربية وبيروت.

     هذه ناحية يحسن ألا تغيب عنا، وثمة ناحية ثانية، هي أنّ الرجل ذو نفس تبحث عن الحق حتى إذا اكتشفته خضعت له وانصاعت لتعاليمه وأحكامه.

     إنّ الرجل بدأ يصغي للإسلام وهو في بلده، وبدأ يقتنع به خلال إصغائه ذاك، لكنه حين جاء إلى البلاد العربية وتبيّن له أنّ فكرته عن الإسلام فيها أخطاء كبيرة، سارع يصححها، ويعدل عن قناعاته، على ضوء ما عرف من حقائق عن هذا الدين كان يجهلها من قبل، بل إنه أكّد أنه سيسعى بعد عودته إلى بلده إلى تصحيح المعلومات المشوهة العالقة بالإسلام هناك، وتقديم الإسلام بصورته الصحيحة النقية، خاصة أنه قرر البقاء في مصر ثلاث سنوات حتى يدرس الإسلام واللغة العربية بصورة جيدة متقنة.

     وبعد .. فإنها صورة كريمة مشرقة، لحالة من حالات الهداية الربانية، أضاءت وجدان أسرة أمريكية ضالة فأسلمت، وإننا إذ نفرح بمثل هذه الهداية، نستشعر واجبنا كمسلمين في حمل الإسلام ونشره، فما مِنْ ريب في أننا إزاء واجبنا هذا مقصرون.
*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة