فرجينيا هنري المسلمة (1)
هي فرجينيا هنري قبل إسلامها، وعائشة عبد الله بعد أن أكرمها الله تعالى بالهداية للحق، عاشت حياتها الأولى في أمريكا في قلب الحضارة الغربية، بل وفي مكان من أشدِّ أمكنتها انحرافاً وفساداً وجاهلية، لقد كانت في هوليود، وكانت تقوم بصناعة الماكياج للممثلات في المدينة السينمائية المشهورة. ويبدو أنّ هذه الأمريكية كانت منذ شبابها المبكر تفكر كثيراً في الله عز وجل وفي اليوم الآخر، وكان لها تأملات وخطرات وسبحات، وكانت ذات نفس شفافة تحمل خيراً كبيراً.
وحين التحقت بجامعة نيويورك درست جميع الأديان حتى البوذية باستثناء الإسلام حيث كان أساتذة هذه الجامعة بسبب التعصب والجهل يعطون فكرة غير واضحة ولا صحيحة عن الإسلام. وبعد زواجها تعرّفَتْ هي وزوجها إلى صديق مسلم، قدّم لهما فكرة واضحة عن الإسلام، ودلّهما على المركز الإسلامي في واشنطن حيث تعلّما القرآن الكريم ودرسا اللغة العربية، ثم بدا لهما أن يذهبا إلى الأزهر الشريف كي يزدادا علماً، وذهبا بالفعل، وظل النور يتدفق فيهما بعمق وقوة حتى امتلأت جوانحهما به فأسلما.
ويقول الشيخ رجب العابدي عن المسلمة المهتدية عائشة عبد الله –فرجينيا هنري سابقاً– التي تعمل الآن مدرّسة لمادة اللغة الإنكليزية بمعهد الفتيات بالمعادي: إنها نموذج فاضل للمُدرِّسة الجادة، المحافِظة على أداء الصلوات في أوقاتها، وهي تعتزم أداء فريضة الحج هذا العام.
ويعمل زوجها الذي اختار لنفسه اسم "رحمة الله"، مترجماً للغة الإسبانية في الأزهر الشريف. وقد سمّت عائشة ابنتها الأولى هاجر، وسمّت ابنها مصطفى تيمّناً وتبرّكاً بالرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم.
هذا .. وقد صحب العائلة الأمريكية المسلمة من أمريكا إلى القاهرة، أسرة أمريكية كاملة أسلمت على يديها، وقررت الإقامة في القاهرة. وتقول عائشة عبد الله: كل سنة سآتي إلى الإسلام بأسرة أمريكية جديدة إن شاء الله.
والحقيقة أنّ المرء لا يسعه إلا أن يُعجَب بهذه الأسرة الأمريكية المسلمة، ومن اهتماماتها ونشاطاتها وآمالها المرجوة، ولا يسعه كذلك إلا أن يُعجَب كذلك بقدرة هذا الدين على التحرك والامتداد والانتشار في كافة الظروف، ذلك أنه لا يني يفوز من هنا وهناك بعناصر مؤمنة كريمة تستجيب لدعوته وهداه.
إنّ فرجينيا هنري التي أسلمت فصارت بعد ذلك عائشة عبد الله، فتاة أمريكية عاشت عمرها الأول في بلدها أمريكا، المعقل الأول للحضارة الغربية اليوم، وأغنى بلدان العالم في كثير من الأشياء. ولقد جعلتها ظروفها الأولى تحيا في هوليود، تصنع الماكياج للممثلات، وهوليود في المفاسد والمباذل، والبُعد عن التأمل والاهتمامات الدينية والخُلقية، والإغراق في المُتَع والشهوات، أشهر من أن يتحدث عنها الإنسان، وربما كانت في عصرنا الحاضر أفسد مجتمع على الإطلاق.
لكن فتاتنا ملكت حاسة التأمل، وتحركت فطرتها تبحث عن الحقيقة، وطفقت أشواقها الروحية تفتش عن النور. وحين أخذت تدرس الأديان في جامعة نيويورك أتيحت لها فرصة دراسة الأديان المختلفة، ما كان منها ذا أصل سماوي وأدركه التحريف كالمسيحية واليهودية، وما كان منها وثنياً كالبوذية. لكنها لم تمتلك فرصة دراسة الإسلام والتعرف إليه، ذلك أنّ أساتذة الدراسات الإسلامية في الجامعات الغربية من الممكن أن يكونوا موضوعيين في عرض حقائق الأديان والمعتقدات المخالفة لآرائهم، لكن أكثرهم يفقِدُ هذه الموضوعية حين يتصل الأمر بالإسلام، وهنا يجتمع التعصب والجهل معاً ليجعلهم يقدمون صورة مشوهة عنه.
لكن عناية السماء التي كانت تقود خطى هذه الفتاة نحو النور هيّأت لها فرصة ثمينة إذ التقت بمن قدّم لها عن الإسلام فكرة صحيحة واضحة، نقية من الشوائب، فتركت هذه الصورة المشرقة في نفسها أحسن الآثار، ثم دلّها على المركز الإسلامي في واشنطن فإذا بها مع زوجها تتعلم القرآن وتدرس اللغة العربية، وفي النهاية أسلم الزوجان عن قناعة عميقة بعد بحث واستقصاء وتنقيب، فكانت عملية انتقالهما إلى الهداية، تمثل العقل الحر، والقلب الحي، البعيدَيْن عن التعصب، المتعطشَيْن لأنوار الحقيقة، يصلان إلى الهداية بعد رحلة جسدية وعقلية وقلبية وروحية انتهت بهما إلى السعادة والفوز والفلاح.
وتحية من الأعماق لعائشة عبد الله التي ذهبت مع زوجها إلى مصر لتتعمق في دراسة الإسلام وتتمكن من اللغة العربية.
وتحية لها إذ تدرّس في معهد للفتيات، وهي مثال للاستقامة والجد والمحافظة على الصلاة.
وتحية لها وهي تبدو في لباسها الإسلامي السابغ الجميل، صورة من صور العفة والطهر.
وتحية لها إذ أسلمت عائلة أمريكية كاملة على يديها.
وتحية لها إذ اعتزمت أن تأتي للإسلام في كل عام بأسرة أمريكية جديدة بإذن الله.
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق