فرجينيا .. أستاذها أخفى الإسلام والله هداها (2)
تركت فرجينيا بكل ما تحوي من مظاهر الماديات، وتركت والدها الغني المليونير، بعد أن تكللت رحلتها الروحية بالنجاح التام، ذلك أنّ روحها طفقت تتحرك باحثة عن الحق حتى فازت بالإسلام.
صار اسمها بعد أن أسلمت عائشة عبد الله، وهي في العقد الثالث من عمرها، وقد أصدر وزير الأوقاف المصري قراراً بتعيينها مدرّسة لطالبات معهد الفتيات الأزهري الثانوي، وهي تمضي أمسياتها في دراسة القرآن الكريم مع زوجها الذي أعلن عن إسلامه أيضاً، وصار اسمه فارض عبد الله.
تقول المسلمة الأمريكية في قصة إسلامها: أسرتي غنية جداً، أبي مليونير أمريكي، كانت أمامي كل فرص التمتع بالشباب، وبكل ما يحويه من إغراءات، ولكنني ضقت ذرعاً بهذا المجتمع المادي العنيف.
درستُ الأدب الإنكليزي والفرنسي والأمريكي، والفلسفة وتاريخ الفن والنقد، وزرتُ معظم عواصم العالم، وأجيد ست لغات أجنبية، ولكن رغم هذا كله فإني كنت أعيش في المجتمع الأمريكي حياة القلق الشديد. وقررتُ أن أفعل شيئاً.
كان معي قدر هائل من المال والثقافة والطموح لمعرفة سر الحياة والهدف منها. تركتُ أبي المهندس المليونير، تركتُ أمي وإخوتي وانطلقتُ أبحث عن إجابات لأسئلتي الحائرة التي تعذب روحي. ذهبتُ إلى نيويورك، وهناك التحقتُ بجامعة سرالورنس التي لا يلتحق بها إلا أبناء الأغنياء فقط.
وبدأتُ دراسة الأديان التي لا يُقبِلُ عليها أكثر من واحد بالمئة من الأمريكيين. درستُ اليهودية والمسيحية والبوذية والهندوكية، وكثيراً من الأديان والمذاهب الأخرى، وكان يدرس لي يهودي لم يذكر لي حرفاً واحداً عن الإسلام. وبالرغم من كل دراستي هذه لم أشعر بالراحة النفسية المفتقدة.
وفي سنة 1965م تزوجتُ زميلي في الجامعة تيودور جوفيتز من فنزويلا، الذي صار اسمه فيما بعد فارض عبد الله. لقد أعجبتني فيه نفس الحيرة، نفس التساؤلات، درسنا اليوغا، قمنا بتدريبات روحية لا حصر لها. أمضينا شهوراً في التأملات، لكنّ هذا كله لم يقدّم لنا الدستور المفتقد.
وذات يوم كان تيودور غارقاً في تأملاته، كان يؤدي حركات لم يتعمّدها، لَحْظَتَها أحسَّ براحة تسري في قلبه وكيانه، وقال له بعدها أحد أصدقائه: إنها نفس صلاة المسلمين!.. وكانت هذه بداية خروجنا من عذاب الضياع الروحي المرير.
وبدأنا دراسة الإسلام ثم أسلمنا، ثم أردنا أن نرى إخوتنا المسلمين في كل الدنيا، وطوال عام، كنا قد قُدنا سيارتنا في جولة مررنا بها على المغرب والجزائر وتونس وليبيا وأخيراً مصر لنرى كيف يمارس إخواننا في الدين حياتهم.
ولقد تردّدتُ قبل إعلان إسلامي، لأني كنتُ أتساءلُ أولاً: عندما أتركُ كل أصدقائي، كل أسرتي، كل تقاليدي، وعاداتي، حتى ملابسي، ترى هل يمنحني الدين الجديد راحة البال ويقدم لي الجواب على كل ما يثور في داخلي!؟ ولكن بعد سنوات طويلة في دراسة الإسلام كان الجواب أنْ نعم، وعندها اتخذتُ القرار الخطير وأسلمْت.
إنها قطعة حية معبّرة هذه التي ترويها الفتاة عن إسلامها، قطعة حافلة بالحياة والحركة، وعوامل الإثارة التي تستوقف المرء، وتسترعي الانتباه.
فالفتاة التي أسلمتْ كانت في قمة الرخاء المادي، من حيث مجتمعها، ومن حيث أسرتها، فهي أمريكية، وأمريكا اليوم قمة الغنى والصناعة والمنجزات، ثم إنّ أسرتها على ثراء واسع، فوالدها مهندس مليونير، الإغراءات إذن كانت أمامها كبيرة، وكبيرة جداً، فهي تحيا في بلد الغنى والمال والجمال، والحرية الشخصية الواسعة جداً، ولديها هي شخصياً من العمر والفرص ما يهيئ لها أن تستغرق في المتع والملاذ كما تريد، لأنها شابة في أول العمر وبنت مليونير واسع الثراء، لكنّ هذا كله لم يهيّئ لها السعادة وبقيت روحها نهباً للحيرة والضياع، والتساؤلات التي لا تجد إجابة مقنعة مما يجعلها في عذاب متصل وقلق شديد، فالفطرة فيها تريد إرضاء نوازعها الدينية، وعقلها يتوق إلى اليقين، وروحها تنشد السلام، ولم تجد ذلك إلا في الإسلام مِن بعد رحلة بحث عن الهداية غنية واسعة.
ومما يحسن التوقف عنده والإشارة إليه أنّ هذه المهتدية ذات ثقافة واسعة، وعقل حي، ودأب في البحث عن الحقيقة، لاحظ أنها تجيد ست لغات أجنبية، وأنها درست الأدب الإنكليزي والفرنسي والأمريكي والفلسفة وتاريخ الفن والنقد، والتحقت بالجامعة لدراسة الأديان، وانكبّت على دراسة اليهودية والمسيحية والهندوكية والبوذية، ولم تدرس الإسلام في الجامعة لأنّ أستاذها اليهودي الماكر لم يعرض له، ولكنها لم تجد الحقيقة التي تنشدها على الرغم من كل الذي فعلتْ، كما لم تجدها في اليوغا التي مارستها فيما بعد، ولا في التدريبات الروحية الكثيرة والتأملات التي لجأت إليها، حتى أكرمها الله عز وجل آخر المطاف بالإسلام، فاهتدت إليه وخرجت به كما عبّرت هي نفسها من عذاب الضياع الروحي المرير الذي كانت غارقة فيه.
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق