الثلاثاء، 22 أغسطس 2023

المهتدي الأمريكي مارك ماينكي (1)

المهتدي الأمريكي مارك ماينكي
(1)

     ما زال الغربيون يدخلون في دين الله أفواجاً، وفي طليعة الذين يعلنون إسلامهم المثقّفون من العلماء وأساتذة الجامعات وأصحاب الاختصاصات العليا، والفضل في ذلك لله عز وجل الذي أتمّ هذا الدين وأكمله، وارتضاه للعالمين، وحفظه وصانه من التغيير والتبديل والتحريف، ومن الانتقاص منه أو الزيادة فيه، لذلك لا غرابة قط في أن تسمع بين الحين والآخر قصة هداية فرد أو طائفة من الناس، تارة بجهود بعض الدعاة والمبشّرين بالإسلام، وتارة بمجرد الاطلاع الشخصي دون مساعدة من أحد من المسلمين، فيُسلِم الواحد والاثنان، وتُسلِم الجماعة القليلة والجماعة الكبيرة، ويُسلِم رجال، وتُسلِم نساء، ينتزع إعجابهم هذا الدين السمح السهل العميق، بوسطيته بين الروح والجسد، وبتوازنه وشموله وكماله، فهو دين الفطرة الطيبة السوية لا الشذوذ والانحراف، وهو دين الاعتدال لا المبالغة والغلو، والتطرف في شيء على حساب شيء آخر، وهو دين يطلق مواهب البشر العقلية والاجتماعية والسلوكية فيما يعود عليهم بالنفع في دينهم ودنياهم، ويحملهم إلى آفاق الإبداع والاكتشاف والتفوق.

     ونلتقي مع مهتدٍ أمريكي هو الأستاذ مارك ماينكي من مدينة شيكاغو، وهو يحمل درجة البكالوريوس في تاريخ الشرق الأوسط، ودرجة الماجستير في الأديان، ودرجة ماجستير أخرى في علوم اللغات. وكان مسيحياً بروتستانتياً قبل أن يُسلِم. وهو من مواليد عام 1948م أي 1368هـ، فهو شاب في التاسعة والعشرين من عمره، ويعمل خبيراً مشرفاً على النظام الجديد في الكويت. وقد أسلم الرجل عن قناعة تامة، وسمّى نفسه بعد أن اهتدى مصعب عبد الله.

     يتحدث مصعب عن نفسه فيقول: أراد الله عز وجل أن أختص بدراسة التاريخ، ودراسة التاريخ يرافقها دوماً دراسة الأديان، ومنذ طفولتي كنتُ كنصراني أحبُّ دراسة تاريخ القدس منذ أيام المسيح عليه السلام، وهذه الدراسة انتهت بي إلى دراسة تاريخ الإسلام والعرب الذين حملوه، وقد أحببتُ هذه الدراسة، وصار عندي شغف بمتابعتها، ولستُ أدري السبب في ذلك. وقد يكون هذا الحب وُلِدَ عندي لشجاعة العرب الفاتحين، ونبلهم وسموّ أخلاقهم، وقد يكون لهذا الدين الذي اكتسح العالم خلال فترة من الزمن، وكيف آمن الناس به بيسر ودون تعقيد، وقد يكون لجميع هذه الأسباب.

     إنّ علينا أن نلاحظ فيما قاله مصعب قيمة المعرفة الحقّة ودورها في الهداية، ذلك أنه حين تُتاحُ لإنسان غير مسلم يتحلّى بشيء من الإنصاف، فرصةٌ لدراسة الإسلام وتاريخه، من مصادرَ وثيقة، سيجد نفسه أمام مبادئ نبيلة متفوقة، ودعوة سهلة سمحة ليس فيها تعقيد أو لَبس أو غموض، وسيجد نفسه أمام تطبيق عملي عملاق، لتلك المبادئ العملاقة الكريمة، وسيجد بطولات رائعة في الشجاعة والقضاء، والعدالة والمساواة وغير ذلك، وسيلمس النقلة الضخمة الرائعة التي أحدثها الإسلام في الناس، في كل ميدان من ميادين حياتهم، وعلى كل مستوى وصعيد، وهذا كله ومعه ما يشبهه، قادر على انتزاع الإعجاب من الدارس المنصف، وهو إعجاب ربما ينتهي بالهداية وإعلان الإسلام، وربما يتوقف دون ذلك عند حد الإنصاف، وفي كلٍّ من الأمرين خير.

     ولا بد أنّ لدراسة مصعب تاريخ الإسلام، والتوقف عند شجاعة العرب الفاتحين وانتصار الإسلام الكاسح، وإيمان الناس به بيسر وبساطة، أثراً في هدايته للإسلام، ولهذا علينا أن نترجم إلى اللغات الحية الأخرى كتباً إسلامية كثيرة، تعرض عظمة الإسلام وسماحته وخلوده بشكل علمي مشوّق، وطريقة محبّبة جذابة، وتناولٍ مختلفِ الأداء والأساليب، فإنّ لذلك دوراً كبيراً مأمولاً في هداية الناس إلى الإسلام بإذن الله.

     ولا يغيب عن الأخ المهتدي مصعب عبد الله أنّ المسيحية في الغرب وأمريكا تعاني كثيراً من المتاعب والصعاب، وأنها وقد حُرِّفت لم تعد تلبي حاجات الناس وأشواقهم، وأنّ الفرصة متاحة اليوم لهداية القوم هناك، حيث القوم متعطشون إلى دين ينقذهم، وأنّ على المسلمين أن يرسلوا مجموعة من الدعاة لنشر الإسلام، لذلك يقرر قائلاً: "الناس في أمريكا يتخلّون عن النصرانية أفواجاً، فتارة تجدهم بوذيين، وغير ذلك، وعلى الدعاة المسلمين أن يؤدّوا دورهم، وأن يرسلوا وفوداً إلى بلاد الغرب تبشّر بالإسلام".

     ويمضي الأخ مصعب عبد الله يقول: "أتساءل كيف يستغرب المسلمون من إسلام أمريكا وبريطانيا المشركتين، ولا يستغربون إسلام قريش المشركة!؟ وما هو الفرق بين قريش قبل الإسلام وبين أمريكا!؟ ليس إسلام الأمريكان أمراً نستغربه، بل الذي نستغربه ونستنكره أن لا يدخل الناس في دين الله أفواجاً.

     إنّ على المسلمين أن يستجيبوا لِما أمرهم الله تعالى به، وإذا اقتضت الظروف أن أكون ضمن مَنْ يبشّرون بالإسلام في أمريكا فسوف أستجيب لأوامر ديني، وأفعل ما يرضي ربّي، والحمد لله الذي هداني للإسلام".
*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة