الجمعة، 30 ديسمبر 2022

إسلام اللورد هيدلي الفاروق (4)

إسلام اللورد هيدلي الفاروق (4)

     قد تصل القناعة أحياناً بالإنسان إلى حد يجعله يجزم بصواب رأي أو معتقد، أو بخطئهما، لكنه قد يفتقر إلى القدر الكافي من الشجاعة الأدبية ليعلن على رؤوس الأشهاد قناعته هذه؛ خاصة إذا انتهى إلى أنّ ما عند قومه من دين ضلالٌ وخطأ، وأنّ الصواب عند قوم آخرين. وهذا الافتقار إلى القدر الكافي من الشجاعة يقلل من فرص انتشار الإسلام في كثير من الأحيان خاصة في البيئات التي تسود فيها النصرانية.

     في هذا الصدد يقول المهتدي الإنكليزي اللورد هيدلي الفاروق، وهو واحد من أهم الإنكليز الذين أسلموا: أعتقد أنّ هناك آلافاً من الرجال والنساء مسلمون في أعماق قلوبهم (وحديثه هنا عن بلاده)، ولكنّ التقاليد والخوف من التعليقات الشديدة، والرغبة في تجنب أي إزعاج أو تغيّر؛ تتضافر الأمور للحيلولة دون تصريحهم بالحقيقة الواقعة على رؤوس الأشهاد.

     وهنا لا بد لنا أن نتذكر في هذا المضمار؛ أنّ انتقام الكنيسة وعداءها لمن خرجوا على تقاليدها، هو من العنف والرهبة، بحيث يجعل الإنسان يطيل التفكير قبل أن يعلن إيمانه بالإسلام ويجهر بذلك.

     وإنني إذ أتخذ هذه الخطوة (يريد إعلان إسلامه) أعلمُ تماماً أنّ كثيراً من أصدقائي وأقاربي ينظرون إليَّ متوهّمين أني خسرت روحي ولا أملَ في الدعاء لي، مع أنني ما زلت أومن بنفس العقائد التي آمنتُ بها منذ عشرين عاماً، ولكن النطق الصريح بحقيقة أمري هو الذي أفقدني رأيهم الحسن.

     على أنه إذا كان هناك من اتخذ الموقف الأضعف الذي أشار إليه اللورد هيدلي الفاروق، فإنّ هناك من اتخذ الموقف الأقوى فجهر برأيه دون وجل، وأعلن قناعته على الناس، وكان له من الشجاعة الأدبية ما يجعله يحتمل سخريات الساخرين ومناقشات المجادلين. ودائماً كان لهذا الصنف الأقوى من المهتدين من نقاط الضعف والبعد عن العقل السليم والمنطق الواضح في أديانهم السابقة ما يجعلهم في الموقف الأحسن ويسلّحهم بأدلة قوية وبراهين لا ترد.
*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة