د.عيسى عبده .. مؤسس البنك الإسلامي
بعد أن أشرف على تأسيس البنك الإسلامي في دبي، وبدأ البنك يمارس أعماله منذ افتتاحه، عاد الدكتور عيسى عبده أستاذ الاقتصاد الإسلامي إلى القاهرة في زيارة قصيرة له ليروي تجربته الغنية الرائدة.
كانت البداية في أوائل عام 1395هـ= 1975م، وجميع المتحمسين لفكرة البنوك الإسلامية من أساتذة الاقتصاد يشعرون بإحباط شديد، فبنوك الادخار المحلية التي أنشئت في مصر ونجحت، وكانت تعمل بلا فوائد حوربت وصُفِّيت لغير سبب مفهوم، والمساعي التي بُذلت لإنشاء بنوك إسلامية في منطقة الخليج العربي وشمال أفريقيا قوبلت بغير حماسة أو بغير فهم.
وحمل عام 1395هـ= 1975م في بدايته مفاجأة؛ إذ جاء إلى السعودية أحد رجال الأعمال في دبي وهو السيد سعيد أحمد لوتاه، وطلب من الدكتور عيسى عبده الذي كان يعمل أستاذاً للاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك عبد العزيز أن يشرف على تأسيس بنك إسلامي في دبي.
وبعد اتصالات عديدة وزيارة ميدانية لمنطقة الخليج، وبعد وقوف حاكم دبي الشيخ راشد آل مكتوم إلى جانب الفكرة صدر مرسوم بإنشاء البنك. وأحدث الخبر ردود فعل مختلفة في الدوائر الغربية.
أذاعه راديو لندن بعد 4 ساعات من إذاعته في راديو دبي، السفراء الذين يمثلون الدول الكبرى اهتموا بالأمر، وقابل واحد منهم –ممن يعملون في إحدى دول الخليج– وزيراً عربياً مسؤولاً في المنطقة، وحاول أن يثير مخاوفه من العملية.
والأغرب من هذا كله أن رئيس مجلس النقد الاتحادي في أبو ظبي، وهو إنكليزي رفض في البداية إعطاء رخصة للبنك بحجة أنه شركة مساهمة، ولا يقوم بالأعمال المصرفية، بل طلب أن تحذف كلمة بنك، وتوضع بدلاً منها كلمة شركة، لكن البنك الإسلامي استطاع أن يتجاوز هذه الصعاب.
يقول الدكتور عيسى عبده: المهم أن الرخصة صدرت، وبدأ الاكتتاب عن طريق طرح أسهم للبيع، قيمة كل سهم (500) درهم، وخلال فترة قصيرة بيعت كل الأسهم، ووصلت قيمتها إلى (50) مليون درهم، أي ما يساوي (12.5) مليون دولار أمريكي ساهمت حكومة دبي بـ(20%) من رأس المال، وساهمت حكومة الكويت بـ(10%) منه، وغطى المبلغَ الباقي مساهمون من أبناء الخليج العربي.
وبدأ بنك دبي الإسلامي أعماله، وكانت مهمته الأولى تخليص عمليات البنك بمراحلها المختلفة من الربا. ولكن كيف يحقق البنك أرباحاً إذن؟
يجيب على ذلك الدكتور عيسى عبده، فيقرر أن الأرباح تأتي من مشاركة البنك لبعض التجار والمستوردين بنسبة النصف في أعمالهم التجارية، تضاف إلى ذلك أنواع أخرى من نشاطات البنك المربحة مثل الاتجار في العملة، والاستثمار في العقارات وما إلى ذلك.
ولأن من مؤسسي بنك دبي عدداً كبيراً لهم خبرة بالمقاولات؛ فقد تفرّعت عن البنك إدارة للإنشاءات تتولى شراء الأراضي، وبناء العمارات، وبيع المساكن، وما يشبه ذلك.
نقطة الضعف في التجربة هي في تعامله مع البنوك الأجنبية التي يستخدمها بنك دبي كوكلاء له في تمويل عملياته الخارجية، وقد تم الاتفاق على أن يودع بنك دبي جزءاً من أمواله لحساب عملياته، ولا يحصِّل فائدة ربوية عن هذه الإيداعات مقابل أن يؤدي البنك الأجنبي الخدمة لبنك دبي بلا مقابل.
والمفترض في البنك الأجنبي أنه يستثمر أموال البنك الإسلامي في عمليات ربوية، وهذه مشكلة لا يمكن علاجها الآن؛ لأنه يستحيل أن تطالب البنك الأجنبي بأن يغير نظامه ليتفق مع الشريعة الإسلامية.
والحل الحاسم هو في تكوين البنك الإسلامي الدولي الذي يفتح فروعاً له في البلاد الأجنبية، وهذه الفروع هي التي تمثل البنوك الإسلامية المحلية، في عملياتها الخارجية.
وقال الدكتور عيسى عبده: إن نجاح تجربة دبي شجّع بعض رجال الأعمال في السعودية على التفكير في إنشاء بنك مماثل، بينما صدر في الكويت بالفعل مرسوم بإنشاء بنك إسلامي.
وفّق الله هذه الأعمال المباركة التي هي في حقيقتها علامات وخطوات مضيئة على درب الأمة في مسعاها المشكور لاستئناف حياتها الإسلامية من جديد.
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق