فرنسا والجزائر والإسلام
لقد كان الشيخ الإبراهيمي هو الإمام الذي أمَّ المصلين لصلاة الجمعة في مسجد کتشاوه في الجزائر عام 1382هـ= 1962م لدى استقلال الجزائر، وكانت تلك الصلاة، أول صلاة للمسلمين منذ أن غابت شمس الإسلام عن المسجد منذ مئة وثلاثين سنة. ومسجد كتشاوه هذا لم يحوله الغزاة إلى كنيسة إلا بقوة النار والحديد، وإلا بالبطش وإراقة الدماء في تاريخ دامٍ هذا بعضٌ منه.
وقف الطاغية "دوفيقو" في ظهيرة 18 ديسمبر سنة 1832م، من يوم الجمعة وقال: يجب أن تُتّخذ أجمل المساجد في الجزائر معبداً للإله المسيح. وأومأ بيده الى جامع "كتشاوه"، وهجم الجيش على الجامع، وهو غاصٌّ بالمصلين، فدافعوا عنه دفاع العقيدة، حتى قُتِلوا عن آخرهم، وطليت جدران الجامع بدمائهم، وقام القساوسة يتلون أناشيد الغفران على أشلائهم الممزقة".
وطاغية آخر هو القائد الفرنسي "بيجو" تبجح وقال: آخر أيام الإسلام قد دنت، وفي خلال عشرين عاماً لن يكون للجزائر إله غير المسيح، ونحن إذا أمكننا الشك في أن هذه الأرض تملكها فرنسا فلا يمكن لنا أن نشك بحال في أنها قد ضاعت من الإسلام إلى الأبد، أما العرب فلن يكونوا مُلكاً لفرنسا إلا إذا أصبحوا مسيحيين جميعاً".
وآخر هو "سانت أرنو" القائد الفرنسي الذي يقول: "لا تسأل عن أشجار الزيتون الباسقة التي ستكون فريسة وحشيتي، واليوم في برنامجي إحراق جميع مزارع وقرى قبيلة بني سالم، وابن القاسم. لقد أحرقت أكثر من عشر قرى كانت كلها بهجة وغنى، وتركت ورائي حريقاً حافلاً لقد لعبت بالبساتين يد الخراب، كما لعبت يد المناشير بأشجار الزيتون".
وآخر هو الكاردينال "لا فيجوري" القائل: "علينا أن نخلص هذا الشعب ونحرره من قرآنه، وعلينا أن نعنى على الأقل بالأطفال، لننشئهم على مبادئ غير التي شبَّ عليها أجدادهم، فإن واجب فرنسا تعليمهم الإنجيل أو طردهم إلى أقاصي الصحراء بعيدين عن العالم المتحضر".
وآخر هو "مانتا نياك" أحد القواد الفرنسيين الذي قال في كتابه "رسائل جندي": "لا يمكن تصور الرعب الذي يستولي على العرب حين يرون قطع رأس بيد مسيحية. فإني أدركت ذلك منذ زمن بعيد، ولن يفلت أحد من أظفاري، حتى يناله من قطع رأسه ما ينال، وقد أنذرت بنفسي جميع الجنود الذين أتشرف بقيادتهم أنهم لو أتوا بعربي حي لانهلت عليهم ضرباً بنصل سيفي، وأما قطع الرؤوس فيكون على مرأى ومسمع جميع الناس.
هكذا يا صديقي العزيز تكون معاملة العرب في الحرب:
قتل جميع الذكور الذين تجاوزوا خمس عشرة سنة، وسبي جميع النساء، وخطف جميع الأطفال، وشحن الجميع في السفن، ثم إقصاؤهم إلى جزر مرکیز، أو إلى الثلث الخالي من الأرض. وخلاصة القول: يجب إبادة كل من لا يتمرغ تحت أرجلنا كالكلاب".
ونعود الآن إلى ظروف خطبة الشيخ البشير الإبراهيمي في مسجد كتشاوه أول الاستقلال. لقد كانت صلاة الجمعة تلك أول صلاة للإسلام في جامع كتشاوه بعد أن رد الله غربته الطويلة، وقد عبثت يد التشويه بالمسجد عبثاً شديداً فقد حول المتعصبون الطغاة المحراب إلى الجهة المعاكسة، فقد كان محراب المسجد يقابل مكة فجعلوه مقابلاً لباريس، بالإضافة إلى الهياكل والتماثيل التي ملؤوا بها أرجاء المسجد وقد شوهدت وهي تنكس كما نكس صحابة محمد ﷺ "الأصنام" عند فتح مكة ليعود المسجد شامخاً كما كان في أيام مجده وعهود عزه.
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق