الخميس، 30 يونيو 2022

المنجّمون ومعركة عمورية

المنجّمون ومعركة عمورية

     في قصة المعركة العظيمة، معركة عمورية، يُروى أن المنجّمين حذّروا الخليفة العظيم الشجاع المعتصم بن هارون الرشيد من غزو عمورية حين عزم على فتحها، وزعموا له أنه لا يمكن له الوصول إليها والظفر بها إلّا في الصيف حين ينضج التين والعنب.

     لكن الخليفة الشجاع رفض ما قالوا وسارع إلى عمورية، وانتصر نصراً مؤزّراً خلّده الشاعر العظيم أبو تمّام بقصيدته البائية الشهيرة التي سَخِر فيها بالمنجّمين، وذكر عدد قتلى الروم الذين أدركتهم المنيّة بهزيمة المعتصم إياهم قبل أن يحين أوان نضج التين والعنب:

تسعون ألفاً كآساد الشرى نضجت     جلودهم قبل نضج التيـــن والعنبِ

     بعد ذلك بقرون عزم صلاح الدين الأيوبي على تتويج سلسلة جهاده العظيم بفتح بيت المقدس التي رسفت في ظل الأسر الصليبي قرابة قرن من الزمان.

     هنا تكررت حادثة المنجّمين ثانية، إذ يُروى أن المنجّمين حذّروا صلاح الدين مما هو قادم عليه وزعموا له أن سيفقد إحدى عينيه إن أنفذ عزمه، ويُروى أن السلطان المجاهد قال لهم: إني لأوثر أن أفقد بصري كله إذا كان من وراء ذلك فتح بيت المقدس.

     ترى ألا يبدو دور المنجّمين الدخلاء على المجتمع الإسلامي النظيف في تلك الأيام مشابهاً لدور المثبّطين في أيامنا، الذين يثبّطون الهمم، ويجسّمون المخاوف، ويبالغون في خطر قوة الأعداء، ويزعمون أن الانتصار عليهم أمر مستحيل، وأن على الأمة أن ترضى بالاستسلام الذي يسمّونه سلاماً، وبالعار الذي يسمّونه صلحاً، وبالخيانة التي يسمّونها معاهدة؟

ترى أما يجدر بالأمة المسلمة أن تستعلي على باطل هؤلاء وأكاذيبهم، وتركب مركب التضحية والجهاد وإن كان وعراً، لتفوز بإذن الله بالنصر المؤزر كما فعل المعتصم وصلاح الدين؟

*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة