سبعون
الرياض - الأربعاء1/ 12/ 1430هـ - 18/ 11/ 2009م
التوبة مطلوبة في كل حين، وبالأخص في السبعين.
التوبة مطلوبة في كل حين، وبالأخص في السبعين.
سبعــــــــون مرت بي أهنّ ســرابُ
أم أنني اللاهي وهــــــن كتــــــــابُ
يحـــصي عليّ ولي وليــس بغـــافل
ما كان محــــموداً وكان يعــــــــاب
وهو الأمين فما يداري صاحبـــــــاً
عن مطــــمع يرجى وليس يهــــاب
إن كنتُ فيـه رابحاً أو خاســـــــــراً
فالغــــــرس غرسي حلوه والصاب
*****
أبصـــــرت مجراها رحيــلاً لا يني
يغــــــدو ولكن لا يلوح إيــــــــــاب
فســــــألته عن عَــــوْده لكنـــــــــه
أغضى كأن الصمت منه عتــــــاب
فلججــــت في سؤلي ولكن لم يَفُـــهْ
والصمت في بعض الشؤون جواب
وظلـــلت أرجو ثم أيـــــأس والمنى
بــــاب يلوّح لي ويوصد بـــــــــاب
فحنــــا علي وقـــــــــال إن الملتقى
في الحشــــر وهو من المسيرة قاب
والصبـــح والإمساء سير رواحــل
عجــــلى خطاها أينـــــــق وعراب
*****
سبعــــون مرت كالكرى أيــــامهـا
تعـــــدو بهـــن خطيــــئة وصواب
في بعضها النعمى تميس وبعضها
كـــأس دهــــــاق كلها أوصـــــاب
والصبــــح مثــــل الليـل ســم ناقع
حيــــناً وحيــــــناً أنعــــــم وملاب
نطوي ونطوى كل حيــــن والمنى
في خيـــــرها أو شـــــرها أكواب
نحســـــو حميّـــــاها ونظمأ بعدها
فـلنــــــا إذن بعد الشراب شــراب
يوم يمـوت يليــــــه مولـــــــود له
من بعـــــده تتـوالــــد الأعقـــــاب
في رحــــلة أبديـــــــة أمداؤهــــا
إن بــان سرب أقـبـــــلت أسـراب
ولقـد نزيغ فنحســـب النعمى أذى
والغاشيــــاتِ الشهـــدَ وهو مذاب
ولربمــا نُغْــرى بســلب أخ لـنـــا
فـــــإذا العقـــــاب بأننا الأســلاب
والعــــــاصم الواقي حفـاظ مؤمن
يغـــليه قـلــــب طــــــــاهر أواب
ربـــــاه هَبْه لنــا تطبْ أيــــــامنـا
وتعـــــز منا الهام والأحســــــاب
*****
ما أعجب الـدنيـــــا إهـاب ناضـر
يزهـــو عليـــه رواؤه الخــــلاب
دوماً نــــراها حـلــــوة وصبيـــة
معشـــــوقة وجميـعنا خطــــــاب
ونشيـــــخ نحن ولا تشيـــخ كأنها
حوريــــة ولها الجمال ثيـــــــاب
وإذا تمـــــزق عمــــرنا كثيـــابنا
ومحا المحـــــاسن دهرنا الغلاب
ظلت لـنــا الحسناء نرجو وصلها
وكـأننـــــا نحيـــــا ولا ألـبـــــاب
والحـــب أعجبـــه سليـــب هانئ
بالســــالـبين وإنهــــم أوشـــــاب
ويظل مذهــــولاً يراهم صحبـــه
وغـشـــــاوة المذهول لا تنجــاب
*****
أبصرت في أمسي شبابي ناضـراً
يزهو وفيه التــــوق والأطيـــــاب
وتوثـــــب وترقـــــب وتأهــــــب
وبشـــــائر تومي وفيه رغــــــاب
وغفوت في سنة تســامرني المنى
جـذلى وهن ســـــوارح أتــــراب
هنّ الحســــان يزيــدهن وســامةً
دلٌّ علـيــــه غرارة وشبـــــــــاب
لكنني لمـــا صحــــــوت وجدتني
والشيــــبُ فيّ لَبِسْـــتُه جلبـــــاب
وإذا الأماني حســــرة في قفــــرة
وإذا الرغــــاب الواعدات كِــذاب
وإذا العقــــود الســــبع حلم داثـــر
وإذا الشبـــاب رمادة وســــــراب
فوجمت محزون الفـــؤاد ولوعتي
حــــرّى ودمعي جائل ينســــــاب
*****
قـــالوا عن الدنيا: هي الوهم الـذي
يحــــلو وإن خداعها لعجــــــــاب
وخـداعهـــــا متجــــدد وفـتـــونها
ولهــــا لـســـان ســــاحر وإهــاب
نُغْـــــرى به ونهيم من عشــــق له
ولنـــــا إليـــــه جيـــــئة وذهـــاب
وسبيـــــلنـا ميســــورة وعصيّـــة
تردي وتســـدي والرغاب ركـاب
وإزاءنــــا حينــــاً بلابل روضــة
تشــــدو وحينــــاً بومة وذئـــــاب
ونظل نعــــدو سادرين حمـــــاقة
لا نرعـــوي يوماً ولا نرتــــــاب
حتى إذا طــال المـــدى وبدا لنـــا
أمل رجونـــــاه وأشرع بـــــــاب
قـلنــــا له جئنــــا فأكـرم وفدنــــا
فإذا القبـــــــور الفاغرات جواب
وإذا الحيــــاة بقضها وقضيضها
طلل عليه أســـــــاود وغــــراب
*****
ياليتــــني والعمر أصبح مُفْـــرداً
والأهل والأصحاب عني غــابوا
والقبـــــر يومي لي بأني ضيــفه
والرفد من كفـن عليه تـــــــراب
ألقى الرضا من خـالقي في توبة
حسنـــــاء وهو الغـافر التـــواب
*****
يا أيها السبعــــــون فيك دفاتري
ملأى وفيها غفــــلتي والعــــاب
والخوف فيّ من الذنوب يؤزني
وكأنما ســــــلت علي حــــراب
لكن آمالي برحـــــمة خالـــــقي
بحر هو الممتــــــــد والصّخاب
وليَ اليقيـــــن بأن ربي راحمي
وبأنني من معشـــــر ما خـابوا
إذ أدركوا الغفـران يهمي ديـمة
أما الحبــــور فإنه أحقــــــــاب
*****
خيرٌ من الـدنيـــا وما حفـلت به
عفـــو إذا دان العبـــــادَ حساب
نـــأوي إلى الفردوس من آلائه
مفتـــــوحة لـنعيـــــمه الأبواب
حاشـــــا لفضل اللَّه يغـــلق بابه
للتــــــائبيـن وإنــه الوهــــــاب
إن جئته بقُراب ذنبــــــك نادماً
والحزن ناب والمخــاوف ناب
أهداك ما ترجوه فاسجد شاكراً
فالعفو ضاف والدعاء مجــاب
أما هـدايـــــاه فهــــنّ حوافـــل
تغـــني وتقني ضمَّهـــن قُراب
أو جئتــــه تمشي أتاك مهرولاً
وقع القبـــول فما عليك حساب
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق