نجوى الصمت
الرياض - السبت18/ 11/ 1424هـ - 10/ 1/ 2004م
ربما كان الصمت أبلغ من الكلام.
رحلت بعيــــداً عن الأزمنةْ
وطرت بعيـــداً عن الأمكنةْ
على جنح أشواقيَ الصامتات
تطــــوّف بين الدنى مؤمنة
وفي الروح أمداؤها كالسنا
وآلاؤهـــا البرة المحســـنة
براقيَ حشد النجاوى الظماء
جعلن السرى رحلة مزمنة
كأن السحاب لها صهــــوة
كأن الشموس لها أحصنــة
سعيداً وحولي طيوف الرؤى
يســــابق أيســـرها الميمنة
وحولي الرغـاب التي أشتهي
ضحكن كما تضحك السوسنة
تقـاطرن نحويَ يرضينني
لأختــــار من زينها أزينه
شعـرت بأني ملكت الدنى
وقد جئنني في ربيع السنة
وأني ملكت المنى كـــلّها
حســـاناً مواتية مذعنـــة
يقــلن، أقول، وما من كــلام
وفي الصمت قد تسطع البيّنةْ
وللصمت بـــوح وترتيلة
وعزف وســــر له دندنة
وللبوح صمت جليّ خفيّ
بمـــا قد أسرَّ وما أعلنـــه
وأبـــلغ ما قاله القـــائلون
أحاديث لم تجر في الألسنة
*****
وجبتُ البعيد وجزت القريب
على يقظة خــالطتــــها سِنة
وللعين إغفاءة المستـريح
تثـــــاءَبُ متعبةً موهنـــة
وقلبي يعرج في رحــلة
أرته وقد شاقه مســــكنه
وما من ملال وما من كلال
وما من ضلال وما من هَنة
ونجواه أنــّى مضى فرحة
تساقيه قد أصبحت ديـدنه
يناجي ومَنْ بارئ الكائنات
ويبصر في القدرة الهيـمنة
ورحمتَه والدنى دونها
تغــــاديه طيـعة لـيــنة
وتحبوه كل الذي يرتجي
وتمنع عنه الذي أحـزنه
وتحبــو الغواليَ طلاّبها
ومن كـل ما أمّلوا أثمنه
وأكرم أفضـالها في البكور
إذا شعشع النور في المئذنة
*****
فَرِحْت وطرت بجنح الخيال
إلى ربــــوة حلــــوة فـــاتنة
وفيها الطيور وفيها الزهور
وغصن يميل على سوسـنة
يقبّـــلها النَّور إثر الشــــذا
وتغســـلها ديمة هــاتنــــة
وفيها من الحور حوريــة
إذا أسفرت راعت الأزمنة
تمنيــــت أني فتاها الذي
تلاقيـــه لُقْيا الفتى مأمنه
سألت ومن هذه من تكون؟
فقالوا وقيت الأذى، ظاعنة
أتتنا ضحى من أعالي الجنان
ونعمــاؤها كالسنا معلنــــة
تعالى العظيم الذي صاغها
عـروساً مطهرة صيّــــنة
فقلت: وما المهر؟ قالوا: الهدى
فقلت: رضيـــت، وما أثمنــــه
هو السهل أيضاً فلي من قديم
لدى خـــالقي دعوة موقنــــة
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق