أنا أدرى
16/ 4/ 1424هـ - 16/ 6/ 2003م
في خلوة ساجية لقيت حمامة في الحرم المكي الشريف فقلت لها وقالت لي.
قفي قد لُحْتِ لي سِحْرا
وكنتِ الحُسْنَ والبِشْرا
قـفي إني أخــو شوق
سيحبوك الثنــــا درا
لقــــد كنتِ المنى تدنو
وكنتِ الوعد مخضرّا
وكنت السعـد طالعني
قبيـــل الفجر أو فجرا
هديلك في دمي نجوى
يبث الحـــب والخيرا
وأحـــلام مرفـــــرفة
سَكَنَّ بخـــافقي عمرا
أتيتِ بهـــــا فما أحلى
وجدت بها وما أحرى
ملأنَ العمرَ أفـــراحاً
فما أسنى وما أثــرى
رضيتُ بها فأعلتـني
وكان عطاؤها نهــرا
ورحت وراءها غرداً
أجـوب البر والبحرا
إلى دنيـــــــا مكرّمة
حبتني الصفو والطهرا
لـقـــــاء زانـــه كرم
وسرّ طيّب الجـــهرا
وأعراس وأقبــــــاس
جمعن الحمد والشكرا
وسَجْلٌ من رضا هانٍ
همى في خافقي عطرا
*****
وعدتُ المرءَ يمنـــاه
تهنئ أختـها اليسرى
وهذي رفّـــة النعمى
وهذي ضَوْعة البشرى
ولا خوف يقيـــــدني
فإن ذويه هم أســرى
ولا طمع يســـاورني
بأوهــــــام له حرّى
علوت عليــــهما ثقة
وجزت مداهما صبرا
وكنت السيف لا ينبو
وكنت المهر والصقرا
لأني والرضـا كنزي
غدوت السيــد الأجرا
وطبت به فأغنــــاني
وأهداني السنا نَضْرا
وأعطتني سحـــــائبه
سرايا العزم لا الكبرا
أرتني جنــــــة الدنيـا
وبعض الجنة الأخرى
*****
قفي من أنتَ؟ قالت لي
أنــا يا ســــائلي أدرى
بما قـــــــالوه من قدم
فَقَرَّ بمهجــــتي ذكرى
وما غنّى به الحـــادي
يؤمّ الكعبــــة الزهــرا
ويجعـل عشــــقه نثـراً
ويجعل عشــــقه شعرا
ويبصر وَهْوَ جـــذلان
طيوف الفرحة الكبرى
تطوف البيـت في وَلَهٍ
لتروي القلب والصدرا
ويبصر زمزماً تسخو
على الورّاد والحِـجْرا
وسجدة تــــائب يمحو
بحرقة صدره الوِزْرا
وأدعيـــــــــة تردّدها
حشود لم تزل تتــرى
*****
أنا يا شاعري أدرى
وعلمي لم يكن نزرا
فقــد عاينتــه حدثـــاً
وقد كابـــــدته دهـرا
أنـا أم القــــرى بلدي
وحسبـــك مكة فخرا
ولي في الفضل تاريخ
وسَلْ عرفات سلْ ثورا
وسل من أذّنوا صبحاً
وسل من أذّنـوا ظهرا
ومن ملكوا الحمى زمناً
وكانوا النهي والأمرا
يُجِبْـك لســـــانهم أني
بلوت الخير والشرا
فهذا زانَ منــــزلتي
وزاد مكانتي قَــدْرا
وأني كنت عـــاكفة
أرتّل سورة الإسـرا
وأركع أبتغي أمنـــاً
وأسجد أبتغي الأجرا
وأرقب دورة الأيّــا
م حلو يعقــب المرا
وقصر زال أهــلوه
فصار لغيرهم قبـرا
زماناً طال أو سِنَـةً
وعاد لغيرهم قصرا
وهذي الدار واهبـة
بما أشقى وما أغرى
وســـالبة كما فعـلت
فتاة فَــــارِكٌ غيـرى
ويمنـــاها كيســـراها
هما الإغداق والعسرى
فلا تبطر ولا تجزع
لدى السراء والضرّا
وكلٌّ عــــــائد يوماً
إلى مولاه مضطرّا
ليلقى خيـــره ربحاً
ويلقى شــره خسرا
*****
أنا أبصــرت إبراهـيـ
ـم يبني الكعبة الزهرا
وأحمد يــــوم أن نادى
فغيّر في الدنى المجرى
ويوم الفتـــح منصوراً
وفي بدر وفي المسرى
ولما عــاين الأقصى
ولما قــــارب السِدْرا
ولمـــا ودّع الدنيـــــا
وشمّر يطلب الأخرى
أنا التـــاريخ إذ يروي
وكنت وكان لي ذخرا
فســـلني إنني كنـــــز
من العبر التي تُشْرَى
لقـــــد أودعتها هُدْبي
وقد سطّرتها سِفْـــرا
*****
بما توصين؟ قلت لها
فقـــالت: حاذر الشرا
فـــــإن حقيـــقة الدنيا
إذا عاينتـــها صغرى
سراب دعـه لا تحفلْ
بما أهنـــا وما أزرى
وعش بالله معتـصماً
لتـلقى عونه ثَـــــــرّا
وتقطع رحلة الدنيــا
سعيـــــداً محسناً برّا
وتحيا سيــــــداً حراً
وتقضي سيـــداً حرا
وتدخل جنة المـأوى
وقد حفلت بما سـرّا
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق