جل المتاب
الرياض - الأربعاء19/ 11/ 1423هـ - 22/ 1/ 2003م
أكرمتني المدينة المنوَّرة المنوِّرة وهي دار الهجرة ومأرز الإيمان وموئل الجود ومثوى الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، فاستضافتني أياماً لا تنسى، اجتهدت فيها أن أفوز بتوبة نصوح، وعساي ظفرت.
غنيت في حبها أحلى أناشيدي
وأزهرت كالربا فيها أغاريدي
أتيتها خطوتي قلبي وباصرتي
وفرحتي فرحة الأطفال في العيد
تسوقني نحو آفاق بها سكنت
ذؤابة الخلق من هاد ومسعود
يا فرحتي حينما عاينت روضتها
تختال في بردة الإيمان والجود
الناس فيها من النعماء كوكبة
تدور ما بين تهليل وتمجيد
وللتراتيل أصداء مطيبة
كأنها بينهم مزمار داود
وللأذان امتدادات منورة
وديمة في الجبال الشم والبيد
تسخو على الناس لا منٌّ ولا كدر
من ناعمين ومن عان ومكدود
ومثقلين بآثـــــام تنـــوء بهم
وصالحين أطاعوا الأمر في هود
تمتد فالكون كل الكون مسرحها
والناس من شاهد فيها ومشهود
*****
((دخلتها وحواشيها زمردة))
والبشر يسبق والحسنى مواعيدي
نشوان ريان أفراحي بها طرب
من خمرة الروح لا خمر العناقيد
ألفيت فيها المنى تزهو أطايبها
كالنخل يزهو بدان الطلع منضود
أشتارها وهي تدنو لي مواتية
كأنها زهرة في كفّ أملود
أروم منها الجدا في خافقي طمع
يربو ويسرف إنْ نادى وإنْ نودي
فازداد فازددت بي ريٌّ وبي ظمأ
أحسو فأهتف من سعدي ألا زيدي
حتى رجعت وموجودي يزاحمه
ما كان من قبل مأمولي ومفقودي
*****
وتبت لله من إثم شقيت به
ولي اليقين بأني غير مردود
وجود ربك سيب لا نفاد له
وباب ربك باب غير موصود
وللدعاء الذي أدمنت صحبته
حتى غدا رفديَ الغالي ومرفودي
درب إلى توبة فيحاء ناضرة
كأنها الحلل الحسناء في الغيد
*****
جل المتاب وجل الله قابله
وجل منه عطاء غير محدود
أبدلت بالخوف أمناً والأسى فرحاً
والعسر يسراً إذ الرحمن مقصودي
جعلته غايتي أسعى لها كلفاً
فعدت منه برضوان وتسديد
حتى الخطايا التي ناءت بكلكلها
عليّ مثل أفاع فوق مزؤود
غدون بالعفو إحساناً وتكرمة
فهن أوسمة للفوز في جيدي
محا اليقين بقلبي رانه فغدا
في طهره وسناه قلب مولود
فهو البراءة في حسن وفي ألقٍ
أحلى من الطل والأزهار في العود
تعلو وتزكو ولا حد يقول قفي
عزّت على حاسد قالٍ ومحسود
وأغرقتني هبات الله ضافية
بواسع من كريم الجود ممدود
وانهلّ فيّ جداها مثل غادية
تحبو نداها لمحروب ومجدود
حتى رأيت وعفو الله يغمرني
آلاءه البيض في آثاميَ السود
*****
يا توبة منحت عمري رغائبه
وأبعدت عنه ما يشجي وما يودي
إن عدت للإثم عودي لي بمغفرة
لا تتركيني أعاني ذله عودي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق