أبا الزَّهراء
الرياض - الثلاثاء1/ 1/ 1427هـ - 31/ 1/ 2006م
إلى مقام الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم الذي تطاول عليه البغاث من علوج الدانمرك والنرويج.
فداؤك قبل قافيتي الجَنانُ
وقبل السيف روحي والبيانُ
وقبل الناس سيدهم غضوباً
عليه جلاله والصولجانُ
مضوا للثأر يسبقهم هديرٌ
تناقله البوادي والرِّعانُ
*****
ستبقى النورَ ما بقي الزمانُ
وما زان الرياضَ الأقحوانُ
وما طلعت على الآفاق شمسٌ
وما صدح المؤذنُ والأذانُ
وأما شانئوك فهم بغاثٌ
وفرية أحمقٍ هانت وهانوا
ستطويهم ضلالتهم ليغدوا
نفاياتٍ يطاردها اللِّعانُ
إذا طلع الصباح فلن يراهم
فهمْ وهمٌ تبدد أو دخانُ
وإن سأل الأنامُ الدهرَ عنهم
أجاب: شراذمٌ كانوا فحانوا
*****
عِداك وأين هم؟! هلكوا وبادوا
وبادَ ضجيجهم والهيلمانُ
أبو جهل، أبو لهب، سجاحٌ
مسيلمةٌ، حُييُّ الأفعوانُ
قريظةُ، والنضيرُ، وقينقاعٌ
وكعبٌ وهو باغ ثعلبانُ
ومن جاءت إليك وراحتاها
بها حطبٌ ومهجتها اضطغانُ
فطوَّقَ جيدَها مسدٌ فتبّت
يداها والمآقي والَجنَانُ
وكسرى جاء يهديه كتابٌ
ومزقه فمزقه الزمانُ
أراهم في الدنى أضغاثَ حلم
وما تدري به حتى الجفانُ
وإن الله - جل اللهُ - باقٍ
ليخزي كل من مكروا وخانوا
ويبقي بعض ما صنعوا وقالوا
عظاتٍ ليس يخطئها العِيانُ
كما أبقى لنا فرعون موسى
يشير إليه في العظة البنان
*****
وأرناطٌ تسوره غرورٌ
غداة دعته أحقادٌ تُشانُ
سقاه الوهم والشيطان كأساً
فطاش به انتفاشٌ وافتتانُ
رنا للمستحيل رنوَّ قردٍ
تسخِّره العصا والبهلوانُ
فعاد يسوقه وذويه رعبٌ
فهم في لجه العاتي دِفانُ
ويخطو ثم يكبو ثم يحبو
وشل القلب منه واللسانُ
عفا الشهم الصلاح عن الأسارى
وجندله فذلوا واستكانوا
فقال لهم لكم مني سلامي
وعفوي والحفاوة والعِوانُ
لكم مني أماني دون هذا
فليس لناقضٍ عهداً أمانُ
قتلتُ الناكثَ العهدَ احتساباً
وربي وهو حسبي المستعانُ
*****
ويا عيسى فديتك جئتُ أشكو
وأنت الطهر نضراً والحنانُ
أذاة ذويك قد جهلوا وضلوا
وعاثوا بالنبوة واستهانوا
نعظمك احتساباً لا كِذاباً
وأمَّك وهي طاهرة حَصانُ
وحبك في الجوانح والمآقي
وهم لأخيك من سفهٍ شِنانُ
ويا عجباً به بشَّرتَ قِدْما
ذويك فأنكروا البشرى وخانوا
وأنت نبينا وهم الدعاوى
ومنهم قد برئتَ غداة مانوا
إذا طال الخصام بنا هتفنا
غداً يدرون من منا المُدانُ
*****
وأخزى اللّه أقواماً دعاهم
إلى الغضب الوفاءُ فما أبانوا
لقد صمتوا وإن الصمت لؤمٌ
لدى الجُلَّى وألهتهم قِيَانُ
عليهم من مخازيهم غواشٍ
وملء قلوبهم ذامٌ ورانُ
فهم موتى وإن ذهبوا وراحوا
وهم جِيَفٌ عليها الطيلسان
*****
سلاما أمةَ الهادي وشكراً
لقد كُنتِ الوفية لا تُشانُ
غضبتِ لأحمد ونهضتِ عجلى
وهبّ مع الزمان لكِ المكانُ
ولا عجبٌ فأنت لكل خطبٍ
كفايته وللسهم الكِنانُ
ويقتحم الشجاع ذرى الرزايا
ويغرق في مخاوفه الجبانُ
وبين المجد والعجز افتراقٌ
وبين المجد والجد اقترانُ
*****
ويا قومي حذار من التواني
فإن الوهن للهلكى عِنانُ
((وما نيل المطالب بالتمني))
ولكن الغلاب هو الضمان
((وما استعصى على قوم منالٌ))
إذا ركبوا المخاطر واستهانوا
ستبقى أمتي ظئرَ المعالي
وهمَّتُها الشواهق والقِنانُ
وفي الأخطار تنهض وهي أقوى
وسِفرُ الحرب يشهد والزمانُ
فإن العسر يمنحها حياةً
وإن المعتدين لها امتحانُ
تجدِّدها وتصقلها الرزايا
كأن بلاءَهُنَّ لها مِرانُ
سلوا عنها الغواشي كابدتها
فردتها يجللُها الهوانُ
فها هي حين ننظرها بقايا
من الأشلاءِ عاث بها الطِّعانُ
غدت للدود في الدِّمن البوالي
طعاماً واليبابُ هو الخوانُ
*****
((أبا الزهراء قد جاوزت قدري))
غداة دعتنيَ الحرب العَوانُ
لنصرك فانتضيتُ دمي وروحي
وطرتُ أقول: لا عاش الجبانُ
وقبلي معشر كرُموا وجلّوا
هم الخيل العِرابُ ولا حِرانُ
وأمتك الولود وأفتديها
يسير بها إلى السبق الرهانُ
سلوا عنها الحفاظ ألم تكنه
كما شاء العلا والعنفوانُ
بلى كانته أفعالاً وقولاً
وأمجاداً يطول بها الكيانُ
*****
أبا الزهراء إن النصر آتٍ
يقول بشيره آن الأوانُ
فِداك أبي وأمي والغوالي
ومن نهدوا سراعاً أو أعانوا
ومن كانت حميتهم مَضاءً
فزانتهم وزانوها فكانوا
شموسَ هدايةٍ وليوثَ غابٍ
وخيلاً أقبلت ولها إرانُ
هم الأصداءُ للجلّى دعتهم
وفي النادي الندى والمهرجانُ
وفي الحرب الشريفة مسعروها
وفي السلم السماحة والحنانُ
تساوى عندهم نصر وقتل
وأهوال الشدائد واللَيانُ
دعتهم للوفاء وهم بنوه
سجاياهم غضبن فما توانوا
حمَوْكَ حماهم المولى فعزُّوا
وكانوا السيفَ يظفر أو يُصانُ
أمانيهم منادمة المنايا
وفعل الخير إن دينوا ودانوا
ويا مولايَ أنت الحق عقداً
فرائده الهداية لا الجُمانُ
وأنت مكارمٌ عزَّت، ويعيى
إذا استقصى مداهن الجَنانُ
لك الشرف الذي يعلو ويزكو
ويقصر دونه إنسٌ وجانُ
*****
أبا الزهراء دونك كل قولٍ
فلي عذري إذا عجز البيانُ
وإن حسُن القصيد فأنت مُهدٍ
لآلئه وهن مُنىً حِسانُ
كتبتُ قصيدتي بدمي وروحي
وكان القلب يملي لا اللسانُ
وكان مدادها غضبي وحبي
ودمعي، والوفاء ليَ امتحانُ
وكنتُ بها معنَّىً مستهاماً
شغوفاً وهي عني الترجمانُ
عساي أنا لها في الحشر ذخراً
يكون ليَ الشفيعَ فلا أدانُ
*****
أبا الزهراء أمتك استفاقت
وجاءت وهي نصرٌ إضحيانُ
تسير به إلى الدنيا المذاكي
ولمعُ البيضِ والسُّمرُ اللّدانُ
تناقله الأماني والمنايا
ويعدو فيه كالبرقِ الحصانُ
*****
غدُ الإسلام يا مولاي مجد
عليه مع الوسامة عنفوانُ
وخير النصر ما زانت حُلاهُ
مآثره اللواتي لا تشانُ
ونصر الخيِّرين هدى وعدلٌ
وعهدٌ في مآقيهم يُصانُ
وبعض النصر في الدنيا شقاءٌ
وبعضٌ رحمةٌ فيها الأمانُ
ونصر المسلمين غداً فَعَالٌ
تضوعُ شذا وأخلاقٌ حِسانُ
وقبل السيف تحميه السجايا
وبعد النبل يحميه الضمانُ
وبالرعبِ انتصرتَ فكل شيء
بعين عِداكَ سيف أو سنانُ
وكان الرعب قبل الجيش جيشاً
لُهاماً لا يُشقُّ له عَنانُ
*****
ويا مولاي حمَّلَني سلاماً
لك المليارُ أخلصه الجَنانُ
وعهداً أن يُفَدُّوكَ احتساباً
وهم صدقٌ وأفئدةٌ هِجانُ
وأسيافٌ مظفرةٌ وخيلٌ
لها في الخطبِ إقدامُ وشانُ
إذا الباغون قد حشدوا الرزايا
فإن ذويك بالله استعانوا
فهم في اللوح سطرٌ أن يفوزوا
وهم قدرٌ يسير به الزمانُ
*****
وأقدار الإله جرت وتجري
فناجٍ أكرمته أو مهانُ
ومن يحسب لدورتها أفولاً
جَهولٌ عربدتْ فيه الدِّنانُ
*****
ويا مولاي أغلى ما نُرَجِّي
ونأملُ أن تنادينا الجِنانُ
ونلقى الأمنيات وأنت فيها
ذؤابتها وهنَّ المهرجانُ
ونبصر ربَّنا بدراً تماماً
جِهاراً لا يضام لنا عِيانُ