مسلم في فلسطين
مسلم مجاهد في فلسطين طوى صدره على عزم خطير نبيل، أقسم أن يقتل سارقي أرضنا وأرضه في فلسطين. جعل ذلك عهداً في عنقه لا فكاك له منه إلا بإنفاذه، أو يحظى بالشهادة. وأكد الصادقون المجاهدون ممن عاشوا معه أنه في جهاده عجب من العجب.
كان لا يكلف أحداً أي مؤونة لا في غذاء ولا في سلاح، لا في حماية ولا في ستر. كانت عنده بندقية قناصة ذات ناظور مقرب، وكان يقترب مع الفجر زاحفاً زحفاً بطيئاً من خط المواجهة، وكان يبحث عن مكان مناسب يزرع فيه نفسه زرعاً حتى ليبدو كأنه جزء من الأرض التي هو فيها. ويظل كذلك، قلبه موصول بالله، وعيناه على البغاة المجرمين. حتى إذا ظهر له من أحدهم مقتل، سارع يصوب ويطلق النار، وإصابته قلما تخطئ.. فإذا وقع اليهودي قتيلاً عاد الرجل فانسحب من موقعه، ومضى يستريح، ويُعِد نفسه لصيد جديد في يوم جديد.
وهكذا ظهر هذا المسلم يقوم بجهاده الكبير المبارك في صمت وإصرار، وثبات وعناد، ويضبط حسابه من عدد القتلى. ذلك أنه عزم على أن يقوم بالحج إلى بيت الله الحرام بعد الفراغ من مهمته التي كلف نفسه بها.
وسألت من حدثوني بأمره العجيب عن العدد الذي كان قد وصل إليه!.. فقالوا: كان الرجل قد قتل ستين من مغتصبي أرضه حين تركناه، وهو هادئ صامت ينتظر اليوم الذي يصبح فيه مجموع من قتلهم مئة صهيوني غاصب.
أيها المجاهد القادم من ديار بعيدة نائية تجاهد في الله بصدق وإخلاص!.. بارك الله في غدوك ورواحك، ورزقك الظفر بالذي أملت. أنت -والله- مثال المسلم المجاهد الصادق، وأنت مثال للفداء العظيم المؤمن، وأنت سوط نكال يلهب ظهورنا نحن القاعدين. لك أجمل تحية، ولك أكرم سلام.. ولك اليوم كرائم البشريات. فلا بد أنك تسمع اليوم بطولات المجاهدين، حفظك الله ورعاك، وأكرمك وسدد خطاك، وأكثر في المسلمين من أمثالك، فإنهم إن كثروا كان لنا الفوز المبين بإذن الله.
وأنت أيها المسلم حيث أنت!.. فليكن لك في هذا الذي فعله هذا المجاهد أسوة وحافز، وامضِ في سبيل الله عز وجل تجاهد، ولا تجعل للقنوط والتردد سبيلاً عليك.
وتذكروا أيها المجاهدون الأباة!.. أنكم أنتم القادرون -بإذن الله- على أن تحملوا اللواء من جديد، وتعيدوا الراية عالية خفاقة، وترفعوا المنار فوق الربى والآكام، إن فيكم جمرة الأمة المسلمة، وهي جمرة قادرة على الاشتعال كل حين، أبعدوا عنها الرماد، أزيحوا عنها التراب، دعوها للرياح لتهيج ما فيها من عزيمة، عندها سوف ترون البطولات، وتلمسون عجائب التضحيات، وتعودون أساتذة للدنيا، ولم لا!؟.. ومواقفكم أنبل المواقف، وأنتم خير الرجال..
أيها المسلم المجاهد!..
أعِد من مشـــرق التوحيد نوراً يتــــم به اتحــاد العــــــــالمينا
وأنت العطر في روض الليالي فكيف تعيش محتسبـــاً دفينـــا
وأنت نســــيمه فاحمل شــــذاهُ ولا تحـــمل غبــــار الخاملينـا
وأرسل شعــلة الإيمـان شمساً وصُغْ من ذرّه جبــلاً حصيــنا
وكن في قمة الطوفــان موجـاً ومزناً يمطر الغيــث الهتـــونا
تذكر أن ديار الإسلام تعرضت من قبل لهجمات ضارية عنيفة من التتار والصليبيين، امتحاناً لشخصية المسلم وإيمانه، فما جبن ولا ارتاع، بل ثبت وجاهد حتى كان له الفوز المبين، وبقي الإسلام عالياً أبيّاً، بينما ذهب الغزاة المعتدون أدراج الرياح:
سألوني عن الغـزاة فجاوبت رمالٌ تسفي ونحن الصخور
سألوني عن الغـزاة فجاوبت ليـــالٍ تمضي ونحن الدهور
سألوني عن الغـزاة فجاوبت ريــــاحٌ هبّت ونحن ثبيــــر
أنت أبقى من الغزاة وإن ركبوا كل صعب، فلا تخف من عالي أصواتهم، فإنما هو دجل يخفون به حقيقة كذبهم وانهيارهم، وبداية العقوبة الربانية تحل بهم جزاءً وفاقاً لعتوّهم وفسادهم.
إن حديقة الجهاد الإسلامية بحاجة إلى دمك الطهور لتنبت أطيب الثمار، ولتبسم أجمل الأزهار، ولتورق أنضر الأغصان، ليبدأ ربيع الحياة، وموكب الخصب والنماء. هيا للجهاد أيها المسلم تغسِلْك دماؤك، وتكفِّنْك ثيابك، وتصلِّ عليك الملائكة الأطهار.
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق