الخميس، 24 أغسطس 2023

قبسات من المهتدين

قبسات من المهتدين

     لقد كان جنون الحضارة المادية في الغرب، وما ينتج عن ذلك من مضاعفات شديدة الإزعاج والأذى والخطورة، وذلك في عصرنا الحاضر، داعياً جهير الصوت للفرار من مجتمعها الغاشم وحياتها القاسية، والبحث عن موئل للسلام والسكينة والأمان، وقد أدى هذا الفرار وما تلاه من بحث إلى التعبير عن نفسه بأشكال شتى، وبحثَ الفارّون كلٌّ حَسْبَ مزاجه وثقافته وخبراته وتطلعاته، وحسب المقادير التي كانت أمامه، عن موئل للسلام والطمأنينة يختلف عما يَنشده رفاقه الآخرون، ففازت قلّةٌ وأخفق الكثيرون.

     أما الكثيرون الذين أخفقوا فقد غرقوا في متاهات جديدة كالشيوعية والإلحاد، والهيبيّة والمخدرات، واليوغا والوثنية الهندية، والإغراق في المفاسد والمباذل، وما إلى ذلك من أشكال الضياع الجديدة.

     وأما القلة التي فازت فقد انتهت إلى الإسلام فآمنَت به ونَجَتْ مما كانت تعاني، وفازت بما كانت تؤمّل. هذه القلة المهتدية بحثتْ عن دين صحيح إيجابي عملي، مثالي واقعي، يهدي إلى الحياة الفاضلة بعيداً عن سُعار التشاحن وجنون التنافس، ومصادمات الأثرة والاحتكار والقسوة والتكاثر.

     والبحث عن هذا الدين الذي يملك هذه المواصفات المحددة عند ذلك النفر الذي فاز بالهداية حقيقة تواطأ على إظهارها كثير من الفارّين من مجتمعهم الضائع المنحدر إلى الإسلام الخالد. وأقوالهم في ذلك جلية بيّنة واضحة تُظهر ضيقهم واشمئزازهم من العيش في مجتمعهم الأول الذي تحوّل إلى غابة تضج بالزئير، وتسيل فيها الدماء، ويصبح الضعيف فيها قوتاً للقوي، وتغيب فيها المُثُل والأخلاقيات وما يتصل بها.
***

× قالت عائشة "برجت هوني" الفتاة الإنكليزية المهتدية للإسلام: يعيش العالم الغربي اليوم في ظلام، وليس هناك أي بصيص من الأمل في قيام الحضارة الغربية بتوفير سبيل لتخليص النفس والروح، فكل مَنْ يعرف الوضع الحقيقي للمجتمعات الغربية يلمس هذا القلق وراء بريق التقدم والإبداع المادي، فالناس في الغرب يبحثون عن مُخَلِّصٍ من العقبات التي تحيق بهم، ولكنهم لا يرون منها مخرجاً، فبحثهم عقيم، وليس أمامهم إلا أن يواصلوا سيرهم نحو جحيم الفناء والكارثة.

     وفي الإسلام نجد أنّ الانسجام اللطيف بين مستلزمات الجسد ومتطلبات الروح، يمكن أن يمارس تأثيراً قوياً في أيامنا هذه، وبوسعه أن يبيِّن للحضارة الغربية السبيل المؤدي للفلاح والخلاص الحقيقيين.
***

     ولا شك أنّ ما قالته المهتدية الإنكليزية "عائشة برجت هوني" هو حقيقة مقررة ثابتة، وأنّ هذه الحقيقة قد باتت من الوضوح والذيوع بحيث لا تحتمل كثيراً من الجدال، وإذا كانت عائشة قد أصابت كبد الحقيقة في وصفها لحضارة قومها، فإنها كذلك أصابت كبد الحقيقة مرةً أخرى حين قررت أنّ الإسلام إذ يلبّي حاجات الروح والجسد معاً بانسجام جميل هو السبيل المنقذ والطريق الوحيد الذي يؤدي للخلاص.
***

× ويقول الأخ يعقوب باريموند وهو مهتدٍ آخر: ومما زاد في إقصائي عن النصرانية ما لاحظته من أنّ أساليب الحياة المادية البحتة التي انتشرت في أوروبا وأمريكا الشمالية في الأوقات الحاضرة، قد أدّت إلى تحطيم أبسط القيم الإنسانية تحطيماً كاملاً، إذ ينحصر اهتمام الناس في الأقطار الأوروبية والأمريكية في تحقيق هدف واحد في الحياة وهو تأمين المزيد من وسائل الراحة المادية بصرف النظر عن العزاء النفسي والروحي، فترى كل واحد منهم يلهث وراء ملذاته الشخصية، كما ينعدم الإحساس بالأخوّة بين الإنسان وأخيه الإنسان.
***

× أما الأخ ركس إنجرام المهتدي الإنكليزي فيقول: إنني لم أغيّر ديني إلا كي أجد الراحة من ضجيج الحياة الجنوني، ولأنعم بالسكينة في ظلال الهدوء والتأمل، بعيداً عن متاعب الهموم والمحن التي يسبّبها التكالب على الكسب والتهالك على المال، ولأخلص نفسي من براثن الإغراء وخدع الحياة الباطلة والشراب والمخدرات وجنون فرقة الجاز، أسلمتُ لأنقذ ذهني وعقلي وحياتي من الهدم والتدمير.
***

× وفي الاتجاه نفسه، الهارب من قسوة الحياة المادية وعنفها وضجيجها إلى حيث الأمن النفسي والسكينة والسلام مما يوفّره الإسلام لأبنائه نرى المهتدي الهندي بشير أحمد باتيل يتجه ويمضي.

     يقول باتيل: أحسستُ في أعماق نفسي بالشقاء الكامل، كأن روحي كانت تصرخ لحرمانها، وجاء الوقت الذي لم يستطع فيه عقلي المتعثر أن يقنع قلبي الذي كان في لهفة شديدة إلى مبدأ حق يؤمن به، فقد عجزت الحياة المادية والخلقية والفكرية عن تحقيق السلام النفسي، وكانت روحي متعطشةً لمبدأ روحي يحقق لها ما تصبو إليه من سلام.
***

× ويقول عمر لي (ريتشارد لي سابقاً): حصلتُ على كتاب "مقدمة إلى الإسلام"، كان هدفي من قراءته انتقاد الإسلام، وإيجاد الثغرات، وإيجاد التناقض في الأفكار، ولم أكن أجد شيئاً يمكن انتقاده. وفي يوم من الأيام وجدتُ نفسي عند باب المركز الإسلامي في واشنطن أطلبُ موعداً لإشهار إسلامي.

× ويقول: سير جيمس جينز الفلكي الإنكليزي الشهير: لقد بدأ الكون يلوح أكثر شبهاً بفكر عظيم منه بآلة عظيمة.

× ويقول الكاتب الفرنسي المهتدي فانسان مونتيه: يتحدث الأوروبيون دوماً بادّعاء عما حملوا إلى العرب من منجزات حضارية كالمدرسة وطرق المواصلات والهاتف وسواها ويَنْسَوْنَ الدَيْنَ الذي يدينون به للعرب.

     يَنْسَوْنَ أنّ العلم مدين للعرب الذين استوعبوا علوم الإغريق وبقية دول العالم، وحفظوها في تراثهم، ولولا الجهد الواسع في الترجمة، في القاهرة وبغداد وطليطلة وبالرمو لما عرفت أوروبا طريق النور. العرب هم الذين قدّموا إلى الفكر العلمي دوراً عملياً وتقنياً وانفتاحاً دولياً.
***

     وبعد .. فهذه شهادات لعدد من المهتدين تكشف عمّا في مجتمعاتهم الأولى من ضلال وحيرة، وقسوة وضياع، وتكشف عن المقدار الهائل الذي يحققه الإسلام لأبنائه من سلام الروح والعقل، وراحة النفس والأعصاب، والأمن السابغ والسكينة الراضية.
*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة