الأربعاء، 23 أغسطس 2023

فاطمة هيرين ألمانية أعجبت بتعدد الزوجات

فاطمة هيرين ألمانية أعجبت بتعدد الزوجات

     لا يخطئ الدارس المتأني لسِيَر من اهتدوا إلى الإسلام، وكتبوا أو تحدثوا عن قصص إسلامهم، أن يجد فيها إشارات أو ملاحظات ذكيّة تتصل بالإسلام كان لها الدور الأكبر في هدايتهم، أو أنها أسهمت في تعميق هذه الهداية أو التعجيل بها. وكثيرة هي الأقوال التي تصور مناحي إعجابهم المطلق بهذا الدين النبيل، أو بعض هذه المناحي على الأقل، وهي مناحٍ دقيقة قد تكون في ساحة الوعي للمسلم الذي نشأ على هذا الدين من أول نشأته، لكنها في كثير من الأحيان تكون في الوعي الباطن أو اللاشعور، بسبب طول الألفة والمعايشة الذي يُفقِدُها ما فيها من بريق يشعر به المهتدي الجديد الذي اكتشف الإسلام عن بعد واهتدى إليه، كاشفاً كلَّ حقيقة بنفسه، مستغرقاً في تفحّص أسرارها تفحصاً لا يصل إليه مَنْ تلقاها منذ صغره، واعتنقها مبدأً صحيحاً، دون أن يكلف نفسه عناء تقليبها على شتى جوانبها والغوص على أسرارها ودلالاتها، ويمكن لنا أن نجد مثالاً لذلك في قضية تعدد الزوجات.

     إنّ تعدد الزوجات في الإسلام مفخرة يرفع المسلم لها رأسه وليس ثغرة يخجل منها ويتلمّس لها المعاذير. وهو أمر له موجباته ودواعيه الضرورية في النفس البشرية في كثير من الأحيان بحيث يؤدّي منعه إلى فساد خُلقي يوحي بوباء فاتك.

     وحين يقرر المسلمون ذلك ويعلنونه يُرمَوْنَ بشتى التهم من تأخر ورجعية وغلظة وقسوة من قبل الغربيين والمستغربين، الذين يزعمون أنّ المجتمع الغربي من هذه الناحية أرقى من المجتمع المسلم، ناسين أو متناسين ما يزدحم به الغرب من شتى المفاسد عامة، والاجتماعية خاصة، حيث يفشو التمزق العائلي، والفساد الأخلاقي، وحيث يفشو بدلاً من تعدد الزوجات ضمن ضوابط نظيفة سديدة، ما يمكن أن يُسمّى بتعدد الخليلات والأخلّاء، وهو أمر لا ضابط له من ناحية، ثم إنّ آثاره المدمرة كثيرة جداً من ناحية أخرى.

     وربما كانت المرأة في بعض الأحيان أقدر من الرجل على الحديث في هذه الناحية، حيث هي التي يقع عليها ظلم التعدد الذي يزعمون.

     فلننظرْ ها هنا ما تقوله إحدى المهتديات الألمانيات في هذا الصدد، إنها الأخت فاطمة هيرين التي تقول: إذا كان المتحاملون على الإسلام يقولون بأنه من الهمجيّة أن يتخذ الرجل الواحد لنفسه عدداً من الزوجات؛ فهل لهم أن يبيّنوا لي الخير الكامن في تصرفاتهم عندما يتخذ الزوج لنفسه عدة خليلات إلى جانب زوجته، وهو أمر شائع في الغرب بصورة تفوق انتشار التعدد في الأقطار المسلمة!؟ وإذا كانوا يزعمون أنه لا ضرر في تعاطيهم الكحول؛ فهل لهم أن يفسّروا سبب الشقاء الذي تُحدِثه هذه العادة في أوروبا!؟ وإذا قالوا: إنّ فصل الجنسين أحدها عن الآخر تأخر؛ فليقارنوا بين الشباب في أي بلد مسلم، والشباب في أي أمة غربية، إذ إنّ الجريمة بين الفتى والفتاة خلقياً تعد استثناءً بين المسلمين، أما في أوساط الغربيين فمن النادر جداً أن تجد زواجاً واحداً بين فتى وفتاة عفيفين.

     وإذا كنا وجدنا في حديث الأخت فاطمة هيرين هذه الملاحظات والتساؤلات الذكية، فإننا لا نخطئ أن نجد في حديث مهتدين آخرين صوراً مشابهة لهذه الملاحظات والتساؤلات الذكية، وأن نجد في حديثهم ما يدل على بالغ اهتمامهم بالإسلام وأمته، وحرصهم على انتشار الإسلام وسعادة المسلمين مما يكشف عن أنهم يستشعرون تماماً جدية الولاء له والانتماء لأمته، وانفصالهم عن أممهم التي كانوا ينتسبون إليها من قبل.
*****

     فالأخ بشير أحمد باتيل الهندي يحدثنا عن أحوال المسلمين في تانزانيا حيث كان يعمل فيها وعن مشكلاتهم واحتياجاتهم والتحديات التي تواجههم، وأنّ العلاج إنما يبدأ بإصلاح نفوسهم من الداخل قبل كل شيء.

     يقول الرجل: إنّ الجهل بكافة أنواعه الفكرية والروحية والاجتماعية والثقافية، هو مصدر كافة ألوان الشقاء وخيبة الأمل التي يعاني منها المسلمون سواءً في هذا البلد (يقصد تانزانيا) أو غيره، والعلاج لا يكون إلا بإصلاح النفوس من الداخل.

     إنّ الإسلام في أيامنا هذه يحتاج إلى وحدة الصف الداخلي والتنظيم لمحاربة شياطين الجهالة التي تعمل مِن الداخل أولاً. فإذا لم نعالج الصف من الداخل فلا ينتظر منا أن نعيش لنحيي مجد الإسلام القديم ونجعله الحقيقة السرمدية.

     إنّ قوة الإسلام في ذاته، في خصائصه الروحية وشموله، وهذا هو سرُّ غَلَبَتِه في النهاية، فإلى متى يظل الباطل والهوى الفاني والمتاع المادي يستعبد روح الحق وإشراقه في نفس الإنسان!؟ إنه إذا تحققت هذه الروح للمسلم فلن يفكر في شيء إلا في الفوز، وعندها ستأتي البشرية الضائعة في الشرق أو في الغرب، في الشمال أو في الجنوب ستأتي للإسلام تنشد الخلاص.

     وهكذا يجد الإنسان في حديث هؤلاء المهتدين متعة ولذة، ويجد إخلاصاً وصدقاً وغيرة، ويجد ملاحظات ذكية نافذة، ويجد أحياناً اهتمامات مشتركة بينه وبينهم، ويجد أيضاً آصرة الأخوّة تربطه بهم أعمق وأصدق وأقوى ما تكون.
*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة