إسلام الياباني الدكتور شوقي فوتاكي(2)
حين أسلم الدكتور الياباني المعروف شوقي فوتاكي، أخذ يفكّر كيف يوصل الإسلام إلى أكبر عدد ممكن من أبناء الشعب الياباني، وطفق يوظف طموحه وشعبيته الممتازة من أجل ذلك.
وقد نشط الدكتور شوقي للسعي من أجل هذا الهدف الجليل بسبب جملة من العوامل، من بينها ذلك التشجيع المعنوي الذي لقيه الرجل، ومن بين صور هذا التشجيع، حفلة أقامها أحد العاملين في السلك الدبلوماسي في طوكيو، في بيته، للمسلمين الجدد، وبعض المسلمين القدامى، وبعض أعضاء السلك الدبلوماسي، وحضرها كذلك أعضاء المركز الإسلامي في طوكيو، وخلال هذه الحفلة الكريمة، عُرِضَ فيلم عن الحج، كان له وللحفلة الأثر الكبير.
وبدأ الدكتور شوقي يفكر كيف يحوّل إلى الإسلام جميع أعضاء الجمعية التعاونية التي تمتلك المستشفى الذي يديره، وعدد هؤلاء عشرة آلاف شخص، وهم من مختلف الطبقات، من وزراء ونوّاب وأساتذة جامعات وعمّال وتجّار، ويفكر كذلك في هداية كافة زملائه ومعارفه المبثوثين في كافة أنحاء اليابان، حيث هو شخصية اجتماعية، ذات صلات واسعة.
ولقد صرّح الدكتور شوقي في الرياض بعد إسلامه بقليل، حيث كان في جولة لزيارة بعض البلدان العربية والتعرف عليها، وأداء العمرة، وزيارة المدينة المنورة، بأنه يأمل أن يسلم خلال عشر السنوات القادمة مليوني ياباني.
وشهد شهر ربيع الأول من عام 1395هـ؛ حدثاً كبيراً في تاريخ الإسلام في اليابان وهو أول الغيث إن شاء الله، فقد اتصل الدكتور شوقي فوتاكي بالمركز الإسلامي في طوكيو طالباً الاستعداد لاستقبال عدد من المسلمين الجدد في مسجد طوكيو، وذلك يوم الجمعة 8 ربيع الأول 1395هـ= 21 آذار 1975م.
واتصل المركز الإسلامي بالمسلمين المقيمين في طوكيو لإبلاغهم النبأ، وكذلك بالسفارات الإسلامية. وفي يوم الجمعة المحدد كانت المفاجأة السارة، ذلك أن 68 شخصاً يابانياً دخلوا مسجد طوكيو قبيل صلاة الجمعة، وهم يتوشحون بوشاح أبيض مكتوب عليه بخط أحمر، اسم الجمعية الدينية التي ينوي الدكتور شوقي إنشاءها لكي ينطلق منها العمل الإسلامي، ويزوّد عن طريقها المسلمين الجدد بالثقافة والتربية الإسلامية، وكان يرافق هؤلاء الدكتور شوقي، والمسلمون الآخرون الذين أسلموا معه. أما اسم الجمعية الذي كُتِبَ على الوشاح فهو "كونغرس مسلمي اليابان".
ثمانية وستون شخصاً هم الذين جاء بهم الدكتور شوقي إلى المسجد، وهم ما بين رجل وامرأة، وطفل رضيع، وصبي وشاب، ورجل وعجوز، إنهم يمثلون مجتمعاً متكاملاً من جميع النواحي.
وبعد صلاة الجمعة، زُوِّدَ كل واحد من الحضور، بورقة كُتِبَتْ عليها الشهادتان بالخط الياباني، وكان المسجد غاصاً بالمصلين من اليابانيين القدماء في الإسلام، ومن غير اليابانيين، وجلس المسلمون الجدد في صفوف، وشرح لهم معنى الشهادتين، وما هو الإيمان، ولما كان العدد كبيراً بدأ إمام المسجد وهو شيخ تركي، اسمه عينان محمد صفا يلقّنهم الشهادتين، وهم يرددونها بعده بشكل جماعي.
واختار كل واحد من المسلمين الجدد الاسم الذي يعجبه، من قائمة بالأسماء الإسلامية، شُرِحَ فيها معنى الأسماء باللغة اليابانية، وبعدها أقبل المسلمون الآخرون من يابانيين وغير يابانيين، على المسلمين اليابانيين الجدد، يهنّئونهم، والكل يعلو وجهه البِشر والفرحة!.. حقاً إنه لَيومٌ من أيام الله في اليابان، فلأول مرة تشهد طوكيو، هذا الدخول الجماعي في الإسلام ومن كل الطبقات والأعمار.
أما الدكتور شوقي فقد كان واقفاً خلف الصفوف كالديدُبان، تعلو وجهه ابتسامة وفرحة بدخول أصدقائه في الإسلام، وأعلن بعد ذلك عزمه على أن يسعى لدخول ثلاثة آلاف شخص على الأقل في الإسلام حتى نهاية هذا العام، وأن يأخذَ العديد منهم لأداء فريضة الحج.
والمركز الإسلامي في طوكيو لا يدّخر وسعاً في رعاية المسلمين الجدد، وتوفير الفرصة لهم لفهم الإسلام أكثر، وتركيز معاني الإسلام في نفوسهم، ويأمل من الحكومات والشعوب المسلمة التعاون معه في أداء مهمته في هذه البقعة النائية من العالم، ويأمل في المستقبل القريب أن تشارك السفارات العربية والإسلامية بدور فعال في إدارة المركز الإسلامي ليكون صوته أقوى، وأثره أكبر، وليتمكن من إقامة بناء فخم، يمثل وجه العالم الإسلامي، ويستوعب كافة النشاطات الإسلامية، ويطبع العديد من الكتب الإسلامية باللغة اليابانية.
هذا .. وقد جاءت موجة من الإسلام الجماعي بعد الموجة الأولى بأربعة عشر يوماً، ففي يوم الجمعة 22 ربيع الأول 1395هـ= 4 نيسان 1975م، جاء الدكتور شوقي بحوالي 200 شخص إلى مسجد طوكيو، واعتنقوا جميعاً الدين الإسلامي.
إنّ ذلك كله دليل كبير على الفرصة المواتية لانتشار الإسلام في اليابان، وهي فرصة ثمينة ينبغي أن يُحسِن المسلمون الاستفادة منها قبل أن تضيع.
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق