الأحد، 30 يناير 2022

سالم مولى أبي حذيفة شهيد اليمامة

سالم مولى أبي حذيفة شهيد اليمامة

(1)
خالد – أُسَيد

"خالد وأسيد يتحدثان في حماسة"

"صوت المعركة يعلو"

خالد: هؤلاء المرتدون من جيش مسيلمة أحدثوا فينا مقتلة كبيرة يا أسيد.

أسيد: والله لو قتلونا حتى آخر رجل منا لما شككت قط أننا على الحق، وأنهم على الباطل يا خالد.

خالد: بارك الله فيك.. النصر لنا بإذن الله. كأني أرى مسيلمة قتيلاً، وجيشه مبدداً ضائعاً بين قتل وأسر وهزيمة إن شاء الله.

أسيد: إن شاء الله.

خالد: رحم الله زيد بن الخطاب!.. لقد حمل اللواء ومضى يتقدم به في نحور العدو حتى استشهد. "صمت" ترى من حمل رايتنا من بعده يا أسيد؟

أسيد: حملها سالم مولى أبي حذيفة، وهو الآن يرفعها ثابتاً كالطود في وجه المرتدين.

خالد: أرجو أن يكون سالم جديراً بحمل الراية في هذا اليوم المشهود.

أسيد: إنه لجديرٌ بذلك يا خالد.. أتدري ماذا جرى بينه وبين بعض المسلمين من الحديث في حمل الراية؟

خالد: يبدو أن عندك خبراً عن ذلك.

أسيد: صدق ظنك!.. حين حمل الراية قال له بعض المسلمين: يا سالم!.. إنا نخاف أن نُؤتى من قِبَلك.

خالد "متسائلاً غاضباً": أتلك قولة يُرمى بها سالم؟

أسيد: ما أحسن ما قال لهم سالم!.. إنه حقاً رجلٌ صادق الإيمان.

خالد: ماذا قال لهم؟

أسيد: قال لهم سالم: بئس حاملُ القرآن أنا إن أوتيتم من قِبَلي.

خالد "فرِحاً متحمساً": قولة عظيمة.. هو والله بها جدير.

أسيد "في صوت هادئ عميق": إي والله هو بها جدير!.. هو بها جدير!..

(2)
خالد – أُسَيد.. "صوت المعركة يعلو"

خالد: لقد كشفونا للمرة الثالثة يا أسيد.. إنهم مقاتلون أشداء.

أسيد: هي آخر قوتهم يا خالد.. ليكون لنا النصر بعد ذلك إن شاء الله.

خالد: أمَا إن قائدنا خالد بن الوليد لَقائدٌ بارع موفَّق، حقاً إنه سيف من سيوف الله.

أسيد: صدقت.. فعل من جديد فعله في المرتدين.

خالد: أجل، لمّا رأى المسلمين قد انكشفوا أعاد تنسيق جيشه وصرخ بالناس: امتازوا لنرى اليوم بلاء كل حي.

أسيد: إنه يريد أن تشبَّ الحماسة، إذ تجتمع كل طائفة وحدها فينكشف ممن البلاء وممن الضعف.

خالد "يدعو بصوت صارخ": اللَّهمَّ إنك تعلم أن المسلمين يجاهدون في سبيلك، اللَّهمَّ فأنزِل عليهم نصرك الكريم، واهزم مسيلمة وجنوده هزيمة نكراء.

أسيد: اللَّهمَّ آمين. "يعود صوت المعركة للاشتداد"

(3)
خالد - أسيد

خالد: ترى.. ماذا فعل سالم حامل الراية يا أسيد!؟

أسيد: ثبت ثبات الجبال الراسيات. ما أجدر أن يقال عنه: نِعمَ حامل القرآن سالم!!.

خالد "متحمساً متسائلاً": ما الأمر يا أسيد؟

أسيد: حين انكشف المسلمون للمرة الثالثة قال: ما هكذا كنا نقاتل مع الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم حفر لنفسه حفرة دخل فيها.

خالد "متحمساً": وبعد، ماذا جرى له؟

أسيد: ظلَّ في حفرته ومعه ثابت بن قيس يحمل الراية، ويجاهد في ضراوة حتى استشهد رحمه الله برمحٍ أوسطه.

(4)
صوت الراوي

الراوي: أيها المؤمن العظيم..

لَنِعمَ ما جاهدتَ في سبيل الله، ولَنِعمَ ما ثبتَّ وصمدتَ حتى اكتسبتَ الشهادة التي أنت بها جدير. كيف لا!؟ وأنت القائل: "بئس حامل القرآن أنا لو هوجم المسلمون من قِبَلي".. بل نِعمَ حامل القرآن أنت يا سالم. لقد مضى سيفك صوّالاً في كتائب الردّة ليشهد الناس أن حامل القرآن الكريم هو قمة في الشجاعة والبطولة والفداء. أما إنك لملتقى للفضائل والمكرمات، يبثها الإسلام في ذويه فيصنع منهم العجائب. إيمانك عميق صادق ورجاؤك في الله مكين واثق، ويقينك نقي خالص. كنتَ مولى رقيقاً لأبي حذيفة جمعكما الإسلام على الإخاء الصادق والمودة العميقة حتى صرت تُدعى سالم بن أبي حذيفة، ذلك أن أخاك في الإسلام قد تبناك، وحين أبطل الإسلام عادة التبني بقيتَ معه أخوين في الله صادقين جاهدتما معاً، وضربتما في الأرض ترجوان ثواب الله حتى توفيتما في اليمامة شهيدين كريمين. لقد انتصر المسلمون في اليمامة، وقُتِلَ الدعيُّ الكذاب مسيلمة، وفيما المسلمون يتفقدون شهداءهم وجدوا سالماً في النزع الأخير فسألهم ما فعل أبو حذيفة؟ قالوا له: لقد استشهد! قال سالم: فأضجعوني إلى جواره. قالوا: إنه إلى جوارك يا سالم. وهكذا وصل الصحابيان العظيمان إلى ما يرجوان. أسلما معاً، وجاهدا معاً، وأخيراً اسْتُشْهِدا معاً وهما يدافعان عن الإسلام أن تعصف به طائفة من الكذبة المغرورين.
*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة