عبد الله بن المبارك المحدث الفارس
(1)
عبد الله بن المبارك – رجل
عبد الله: الحمد لله على ما أنعم، إن ما نحن فيه من جهاد الروم قُربةٌ عظيمة إلى الله عز وجل.
الرجل: صدقت يا ابن المبارك، أمَا والله لقد كان خروجك في هذا الجهاد نِعم العمل، لقد طفق بعض الناس يتحدثون فيقول أحدهم: انظروا إلى عبد الله بن المبارك، يجمع بين العلم والجهاد، فهو عالمٌ فقيهٌ مُحدِّث، وهو في الوقت نفسه غازٍ مجاهدٌ في سبيل الله.
عبد الله: يا أخي.. باللّه عليك إلا ما سألتَ الله تعالى لي صدق النية فيما أنا فيه.
الرجل: اللَّهمَّ اجعلنا صادقين في جهادنا هذا، وفي كل عملنا، وارزقنا الإخلاص والاحتساب. "صمت" أتدري يا ابن المبارك أن خروجك هذا كان سبباً في خروج كثير من القاعدين؟
عبد الله: وكيف ذاك؟
الرجل: لقد أنحوا على أنفسهم باللائمة، إذ رأوك تجمع بين العلم والجهاد بينما هُم في بيوتهم لا يبارحونها.. فتحركت عزائمهم فنفر كثيرٌ منهم إلى هذا الجهاد.
عبد الله: الحمد لله على ما أنعم.
الرجل: وهكذا صار عبد الله بن المبارك إماماً في العلم، وإماماً في الجهاد.
عبد الله: بارك الله فيك، عسى أن أكون حقاً كما ذكرت. "صمت" ترى أمَا اقتربنا من الروم؟
الرجل: إنْ يصدُقْ ظني نلتقِ بهم صباح الغد إن شاء الله.
عبد الله: إن شاء الله.
(2)
حذيفة – مجاهد – فارس رومي – فارس مسلم – عبد الله بن المبارك
حذيفة: انظر يا مجاهد إلى ذلك الفارس الرومي يخطر بين الصفوف، لقد قتل المسلم الذي بارزه قبل قليل.
مجاهد: أمَا إن هذا الرومي لَفارسٌ شجاع يا حذيفة، إنه مزهو بنفسه فهو يطلب المبارزة من جديد.
الرومي: يا معشر المسلمين!.. أما تزعمون أنكم أهل الحرب والقتال؟ فليبرز لي واحد من فرسانكم ليذوق الموت الزؤام.
المسلم: أنا لك أيها المشرك. "صوت فرس ينطلق، وقع أقدام وصهيل"
حذيفة: يا مجاهد، ها قد برز لهذا الفارس الرومي واحدٌ منا.
مجاهد: عسى أن يوفق للظفر. "صوت صليل السيوف، المبارزة بين الرومي والمسلم تشتد، يسمع فيها وقع حوافر الخيل مع صهيل"
حذيفة: ها قد التقيا، اللَّهمَّ اكتب الغلبة لأخينا على هذا الرومي. "يسمع صوت المعركة"
مجاهد "في صوت متعجل متقطع": يا حذيفة.. لقد طالت المبارزة، كأن الإعياء قد بدا على أخينا، أما الرومي فهو في غاية نشاطه.. لقد علا النقع الآن فما نرى أحداً منهما. "صمت"
الرومي: نحن أبطال المعارك أيها المسلمون!.. ها قد قتلتُ صاحبكم الثاني، أما يبرز لي ثالث منكم؟ أما فيكم كفؤ لي؟
حذيفة: لقد ركب الغرور رأس هذا الرومي يا مجاهد.
مجاهد: صدقت يا حذيفة!.. قاتله الله من فارس!.. لقد جندل اثنين من فرساننا.
الرومي "في صوت عالٍ مُفتخر": أيها المسلمون!.. أأنصرف أم أنَّ فيكم من يجرؤ على ملاقاتي!؟
عبد الله بن المبارك: أنا لك أيها المغرور!.. "يتعاظم صوته ويعلو" أنا لك، أنا لك.. يرتجز:
يا حبذا الجنّة واقترابها باردة وطيِّبٌ شرابها[1]
يا حبذا الجنّة واقترابها باردة وطيِّبٌ شرابـــــها
"صوت انطلاق فرسه، وصوت الصهيل"
(3)
الفارس الرومي – عبد الله بن المبارك – حذيفة – مجاهد
حذيفة: يا مجاهد، من هذا الفارس المسلم الذي برز للرومي؟
مجاهد: إنه ملثم لا تظهر من وجهه إلا عيناه.
حذيفة: يبدو أنه زاهدٌ في الثناء، يريد أن يصفو جهاده لله تعالى وحده.
مجاهد: يا حذيفة!.. فلندْعُ الله تعالى له بالفوز المبين.
حذيفة ومجاهد: اللَّهمَّ انصره نصراً عزيزاً مؤزراً.
حذيفة: "في صوت متعجل" ها قد التقيا. "صوت المبارزة"
عبد الله بن المبارك:
يا حبذا الجنّة واقترابها باردة وطيِّبٌ شرابـــها
يا حبذا الجنّة واقترابها باردة وطيِّبٌ شرابـــها
"يعلو صوت المبارزة، ويسمع صليل السيوف، وصهيل الخيل، ووقع حوافرها"
مجاهد: لقد طالت المبارزة يا حذيفة.
حذيفة: لكن فارسنا الملثم، شجاع قوي، اللَّهمَّ أيِّده.
مجاهد "في صوت متحمس": الله أكبر!.. انظر يا حذيفة، ها قد هوى الرومي مجندلاً على الأرض. "صوت ارتطام وسقوط" لك الحمد يا رب.
حذيفة "متحمساً": لكن من هو فارسنا الملثم هذا!؟ قسَماً لأعرفنَّه!.. إني منطلق إليه..
مجاهد: وأنا كذلك. "صوت انطلاق الخيل ووقع حوافرها"
حذيفة: السلام عليك أيها الفارس المجاهد.
عبد الله بن المبارك: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
حذيفة: مَنْ أنت بارك الله فيك؟ أريد أن أعرفك.
عبد الله بن المبارك: أنا واحدٌ من سواد المسلمين، يعرفني الذي أجاهد من أجله.
حذيفة: أزح هذا اللثام عن وجهك.
عبد الله بن المبارك: وما أنت وذاك!
حذيفة: إذن لأزيحنَّه أنا "صوت حركة".. وَيْ!.. أأنت عبد الله بن المبارك!؟
عبد الله بن المبارك: عفا الله عنك يا رجل!.. لِمَ فضحتني!؟ أتشنِّعُ عليَّ!؟ كنت أريد أن يبقى موقفي هذا سراً بيني وبين خالقي.. "في صوت هادئ" عسى أن يجعلني به من الفائزين.
*****
------------
[1] من شعر جعفر بن أبي طالب في غزوة مؤتة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق